حديث الدولة الفلسطينية هو حديث العالم هذه الأيام،. والكل ينتظر نتائج البحث والتصويت في المحفل الدولي.
لقد كتبت في الموضوع الفلسطيني عشرات المرات، على مدى سنوات وسنوات، ووضعت القضية همي الرئيس خلال عملي في منظمة اليونسكو، ما بين موقف واقعي معتدل ومواقف تشدد كانت أحيانا تصطدم حتى بالموقف الفلسطيني في المنظمة الدولية، الذي كنا نراه معتدلا أكثر من اللازم! ومع أوسلو، بدأت باستيعاب ان السياسة فن الممكن وأن نهج quot;إما كل شيء مرة واحدة أو لا شيءquot; هو نهج خاسر.
بعد كل سنوات العمر، وقد كنت أسمع عن القضية منذ صباي الباكر، أكاد أتفق مع الأستاذ عادل الطريفي في أن في مقدمة مشاكل القضية تعريبها، ومن بعد أسلمتها، لتصبح لعبة الأنظمة العربية، واليوم لعبة غيرها، كنظام الفقيه والسيد أردوغان. كل اتخذ، ويتخذ، من القضية مطية لأغراض أخرى لا علاقة لها بعدالة القضية وبهموم الشعب الفلسطيني المنكوب.
دولة فلسطينية مستقلة؟ هذا حق أولي للشعب الفلسطيني كغيره من شعوب العالم، التي لم يعان كثير ما عاناه هذا الشعب على أيدي الأعداء، كما على أيدي الأصدقاء المزيفين، وخصوصا على أيدي فلسطينيين أنفسهم ، سواء من متطرفين quot;مدنيينquot; أو إسلاميين، مرتبطين بأطراف خارجية [ كسوريا وصدام وإيران]، أو من قيادات مخلصة ولكنها في كل مرة كانت تسئ التقدير ولا تستوعب موازين القوى، فتفوت فرصة بعد أخرى، فيما الشعب يعاني ويتشرد، وأراضيه تقضم.
كتب نبيل عمرو، مستشار الراحل عرفات ووزيره، مؤخرا، مقالا يبدي فيه رأيا في مبادرة طرح موضوع الدولة على مجلس الأمن أو الجمعية العامة. ومن رأيه [ حسبما فهمته من المقال] أنه حتى لو تمت الموافقة، فقد يكون لذلك مغزى قانوني، ولكنه على أرض الواقع لا يعني التغيير المنتظر. ويمكن إضافة أنه لو قامت فعلا دولة فلسطينية، فمن سيحكمها: حماس المرتهنة لإيران وسوريا، والتي تمارس إسلاما متشددا في غزة بضرب الحريات الشخصية- وخاصة ما يخص المرأة- أم فتح العلمانية، والتي تعترف بدولة إسرائيل عكس حماس؟؟ ترى هل كانت المصالحة قائمة على أسس صلدة أم على قنابل موقوته كما اعتقد؟؟
القضية دخلت منذ 2008 مأزقا بسبب تعنت حكومة نتنياهو في موضوع الاستيطان[ مع تذبذب وارتباك سياسات أوباما] وخصوصا بوجود جناح شديد التطرف في الحكومة الإسرائيلية، وكان علي نتنياهو أخيرا أن يستوعب مستجدات الوضع في المنطقة بعد التبديلات الجارية، وخصوصا في مصر، وحيث أصبح من السهل إثارة المشاعر الراقدة ضد إسرائيل بوجود حكومة الجمل الشعبوية، وكذلك بسبب مناورات أردوغان وتحركاته المتتالية باسم القضية الفلسطينية وكأن العثمانيين الجدد هم فرسان القضية الفلسطينية وحماتها الأساسيون، في الوقت الذي يحرمون فيه الشعب الكردي في تركيا- بملايينه الغفيرة -من حقوقه المشروعة، [ كما تفعل إيران أيضا مع أكرادها وقومياتها الأخرى]، ويغتصبون ndash; مع إيران- مياه العراقيين، ويعتدون- مع إيران- على الأراضي الكردستانية العراقية. حقا هم وأحمدي نجاد أبطال القضية!!
كان بإمكان الفلسطينيين تأسيس دولتهم عام 1939 عندما عرضت عليهم دولة الانتداب مشروع دولة عربية فلسطينية يكون ربع سكانها يهودا بحكم ذاتي، ولكن قيادتهم ذهبت تطلب العون من دول المحور التي خدعتها. وكان بإمكانهم ربح دولتهم بمشروع التقسيم، فلم تفعل قياداتهم انجرارا وراء هيجان المشاعر والمزايدات العربية. وخسروا بالحرب العربية الأولى كثيرا من الأراضي المخصصة للفلسطينيين في قرار التقسيم. ورفض الراحل عرفات، عام 2000، صفقة بيل كلينتون التي كانوا سيستردون بموجبها أكثر من 90 بالمائة من الأراضي المحتلة مع ترتيبات مقبولة لموضوعي القدس واللاجئين.
فرص راحت مهدورة؛ فلنأمل أن يحل موضوع الطلب الفلسطيني الجديد بما يقرب الشعب الفلسطيني من تحقيق أمانيه المشروعة في دولته المستقلة. وجميعنا مع أمانيه.