لقد ظل الصراع في المجتمع العربي بين الإسلاميين وبقية التيارات السياسية ظاهرة بارزة ومتواصلة منذ الاستقلال وحتى يومنا هذا، وظل التيار الإسلامي يتعرض لعمليات الإقصاء والتهميش والاتهام بشتى التهم من مختلف الحكومات العربية، بل ومن مختلف التيارات السياسية التي ظلت ترى في هذا التيار الإسلامي منافساً قوياً وعنيداً يمكن أن يكتسح الساحة السياسية لو أنه ترك يتحرك في المجتمع في حرية، ولهذا دأب الجميع على محاصرته وإقصائه بشتى الوسائل المشروعة وغير المشروعة، ما جعل هذا التيار يدفع ضريبة باهظة على مدى ستين سنة الماضية أو تزيد.

واليوم، مع هذا الربيع العربي الذي راح يتفتح بالأزاهير الفواحة ويحل محل خريف الحكومات الاستبدادية التي بلغ بها الخرف أنها تجاوزت مرحلة الزهايمر إلى مرحلة موت الدماغ يجدر بغير الإسلاميين أن يقرؤوا هذا الربيع العربي قراءة واعية، وهادئة، بعيداً عن الأسبقيات والأحكام الجاهزة التي ورثوا بعضها عن الحكومات العربية البائدة، وورثوا بعضها الآخر عن الكذبة الكبيرة التي روج لها quot;الغربquot; طويلاً حول الإرهاب الإسلامي، وألخص هنا بعض هذه الملاحظات وليس كلها:

1.لقد كان واضحاً تمام الوضوح خلال مظاهرت الاحتجاج في مختلف البلدان العربية بدءاً من تونس إلى مصر فليبيا فاليمن وسوريا أن شعارات كل هذه الثورات كانت إسلامية بامتياز.

2.مظاهرات الاحتجاج كانت تخرج في الغالب من المساجد، أيام الجمعة، والأعياد، والتراويح، ثم صارت تخرج من المساجد بعد كل صلاة..

3.كان ملفتاً للنظر عند إصابة أحد المتظاهرين من قبل البلطجية أو الشبيحة أو البلاطجة وعصابات الأنظمة البائدة أن بقية المتظاهرين يسارعون إلى المصاب لكي يلقنوه شهادة ( لا إله إلا الله ) في إشارة واضحة إلى الروح الإسلامية التي تسود كافة هذه الثورات المباركة.

4.عند الإعلان عن مقتل القذافي من قبل المجلس الانتقالي هتف جميع الحاضرين ( الله أكبر ) بما فيهم أحد المسؤولين العلمانيين وكان حاضراً ردد بشكل عفوي ( الله أكبر ) وقد تكرر هذا المشهد عند إعلان مصطفى عبد الجليل أن الشريعة الإسلامية سوف تكون المصدر الأول للتشريع في ليبيا في عهدها الجديد.

5.أول انتخابات نيابية في هذا الربيع العربي جرت أمس في تونس وكانت نتيجتها حاسمة لصالح التيار الإسلامي الذي فاز بالأغلبية الساحقة، وكان بينه وبين أقرب الفائزين مسافة شاسعة بعدد الأصوات، ومنيت بقية التيارات العلمانية واليسارية والقومية بهزيمة كبيرة حتى إن بعضها لم يحرز مقعداً واحداً من مقاعد البرلمان!

وهذا غيض من فيض من الملاحظات التي تدل دلالة واضحة على أن الشعب العربي قد حسم أمره وأعطى الإسلاميين صوته، فيما ذهب مع الريح صوت الذين نادوا بإقصاء الدين عن الدولة.. فتأمَّل!