رجال المعارضة العربية السورية منشغلون هذه الايام بالرسم والتخطيط لبناء quot;دولة الديمقراطية والمواطنةquot;. يتفكرون في كيفية quot;استثمارquot; الثورة الحالية بالشكل الأفضل وتحويلها الى quot;بناء وطني حقيقيquot; يكون على شاكلة quot;البناء المتينquot; الذي شيّدته جماهير مابعد ثورات مصر وتونس!. توزع المعارضون على فصائل ومجالس. قوم توجهوا لتركيا quot;الصديقةquot; وتذكروا فجأة بان quot;الغاية تبرر الوسيلةquot; فتغامزوا فيما بينهم وتولوا وجوههم حينما شاهدوا قطعة quot;لواء الاسكندرونquot; منفصلة عن جناح الوطن السوري على الخارطة. بعضهم فعل ذلك على مضض لانه كان quot;قوميا وحدوياquot; ذات يوم. لكن الكل وافق على البنود السريّة في عقد quot;الشراكة الجديدةquot;، وهي بنود quot;تافهةquot; لم يتنازل عنها الاخوة الاتراك: بنود تفرض تعهدا قاطعا بحرمان الاكراد( القومية الثانية في سوريا!!) من quot;الاعتراف بالهوية في الدستور القادمquot; العتيد ورفض كل quot;صيغ الادارة الذاتيةquot;.
قالوا: تركيا دولة جارة ولنا معها مصالح استراتيجية ولايجب ازعاجها. قلنا: حتى لو كان الثمن حرمان الشركاء في الوطن من الحقوق؟. قالوا: نعم حتى ولو كان الثمن ذلك. بل سنوافق على منعهم من اظهار اي تأييد لاخوانهم على الجانب الآخر من الحدود ايضا. نحن في ثورة ويجب أن تقدروا الحال، ثم اننا في صدد التحضير لتحرير الجولان وتقويّة موقف اخواننا في quot;حركة المقاومة الاسلاميةquot; ضد العدو الصهيوني!.
ولكي يتم تهيئة الارضية لفعل الافاعيل بالكردي quot;السوريquot;، قدمت (دائرة الحرب الخاصة) التركية المشورة، فكان الرأي ان يتم مهاجمة وتأثيم الكرد في الاعلام والمواقع، وان يٌربطوا بالنظام ويتم تصوير جلهم وكأنهم حبايب بشار الاسد واعداء الثورة الشعبية السلمية في سورية. جرى ذلك سريعا. بدأت الاقلام تنهش في الاكراد نهشا. تمّ وسم حزب العمال الكردستاني بالارهاب لانه هاجم جيش تركيا وقتل جنودا جاءوا لقتل المقاتلين الكرد، ولما قٌتل العشرات من المقاتلين الكرد بالغازات الكيمياوية التي اطلقها الجيش، لما ينبسوا ببنت شفة وكأن هؤلاء لم يكونوا بشرا ولم يحلموا يوما بالحرية والعدالة وليس لهم أهل وعزوة. تحدثوا عن دفع النظام لقيادات الكردستاني وسوّدوا الصفحات في نظرية المؤامرة، وحللّوا في فك رموز النظرية وكشف quot;عمالة الاكرادquot;، وظنوا انهم نجحوا في فضح الاكراد حقا. وظهر بان الكردستاني بريء من تهمة التعاون مع نظام الأسد كبراءة الذئب من دم يوسف. تبيّن انه رد في تلك العملية العسكرية انتقاماً لثلاثة من قياداته. وخرج وليد المعلم زاحفا وهو يحلف باغلظ الايمان لرجب طيب اردوغان بانه مايزال متمسكا باتفاقية quot;اضنةquot; الخاصة بالتنكيل بالكرد، وانه مايزال يعتبر حزب العمال الكردستاني ارهابيا. صمتت الاقلام العروبية المعارضة. لم يكلف احد نفسه بالاعتذار للكرد. الاعتذار؟. مو عيب!. كيف يمكن الاعتذار من quot;شقفة أكرادquot;؟!.
الفصائل الفلسطينية quot;الممانعةquot; المقيمة في دمشق تخضع للنظام وتبيع كل قيم المقاومة وتشبح هنا وهناك وتجند جماهير المخيمات للتظاهرات المؤيدة للديكتاتور الظالم وتٌسيّر له حفلات الولاء. لاكلمة واحدة من المعارض العربي الوطني بحقها. هي لها ظرفها ولايكلف الله نفسا الا وسعها. وquot;بعدينquot; هي عربية وتقاتل العدو الصهيوني، عكس الاكراد الانفصاليين الذين لايحق لهم الحديث عن مخاوفهم من تركيا التي تسفك دم اخوانهم وتتعامل معهم كما كان هتلر يتعامل مع اليهود. دم الاكراد ازرق رخيص.
تقول فراخ المعارضة السورية التي استنسرت على الكرد الآن بانهم أي الكردـ لم يبذلوا الدم الكثير في الثورة، وهذا غير مقبول. على الكردي ان يكون كريما وان يبذل الدم. ان لم يفعل ذلك فهو مشبوه ومتآمر. عليه ان يثبت وطنيته وولائه لquot;سورية قلب العروبة النابضquot; والا فان الحساب بعد الثورة عسير. الكردي البائس يخرج للتظاهر ويعود خائبا نهاية النهار لبيته ولسان حاله يقول: اللعنة على الشبيحة فهم لايطلقون النار!.
فضائيات الكردي التي يدفع ثمنها من دم قلب ابناءه على حساب quot;الثورة الجماهيرية السلميةquot;. لكن ذلك لاينفع ولايشفع. الملطوب ان يٌلقي الكرد بانفسهم في المحرقة الاسدية، فيصبحوا وقودا للحرية أو جسرا لوصول المعارض العربي الهمام لكرسي الحكم. يجب تذكير الكردي دائما بquot;لعبة الاممquot; وكيف انه ظل دائما يٌخدع ويخرج صفر منها اليدين، quot;ليس له الا الريحquot;. تاريخ لايعرفه سوى المعارض العربي الضرغام وعليه ان يٌذكر الكردي به دائما لكي لاينخدع ويقع في الحفرة مرات ومرات.
الكردي غٌر أخرق ليس له في ميدان السياسة. يجب أن ينقاد بيد الآخرين. يجب أن يكون بندقية للإيجار والمتاجرة يتم تشذيبها وتهذيبها ومن ثم استعمالها ورميها في القمامة!. الأمر بسيط، يحتاج فقط الى كلام معسول وبعض من quot;التقيّةquot; وتوزيع الابتسامات والطبطة على الظهر!.
الكردي لايجب ان يرتكب خطأ. اذا اخطأ الكردي فقد تمرد ويجب معاقبته. الكردي لايحق له الحديث عن قوميته ولونه ومنطقته ولغته. لايحق له الافتخار بحكومة اخوانه في اربيل ولا بثورة اخوانه في دياربكر. اماالعربي فيحق له كل شيء. يحق له طلب الدعم من كل بلاد العرب. يحق له الاحتماء بالدول الاسلامية. يحق له الاتصال مع تركيا وحكومتها. يحق له ان يصرح ضد الكرد، ان ينفيهم ان يقصيهم ان يعتبرهم quot;مهاجرين طارئينquot; على تاريخ وحياة الاغلبية صاحبة الارض. أوليست الأرض quot;عربيةquot; والجمهورية quot;عربيةquot; والبلاد كلها جزء من quot;الوطن العربيquot; الكبير؟. أما الكورد فهم quot;أمة على الورقquot;. لها الخضوع للأسياد أو الرحيل. نشيد quot;عرين العرويةquot; وبيت quot;الرشيدquot; وquot;الوليدquot; يقول ذلك. لاحديث عن تغيير اسم الارض ولا كلمات النشيد. من يتحدث عن ذلك فهو خارج من اصول المواطنة وداخل على خط التآمر والتخابر.
العربي quot;سي السيدquot; يحق له حضور ندوات الصهيوني برنار هنري ليفي في باريس بquot;صفته الشخصيةquot; طبعا. أما الكردي فويل له ان فعل. المعارض العربي يفعل ذلك مرغما لquot;مصلحة الوطنquot; ولquot;لتخلص من النظام القاتلquot;، لكن الكردي نواياه غير واضحة والأرجح خبيثة، وولاؤه للوطن غير مضمون!.
هذا هو الكردي في عيون المعارض العربي وفي ملفوظه وquot;قيامهquot; وquot;قعودهquot;، فهل يحق لنا أن نعتب على quot;سي السيدquot; وهو quot;يبهدلهquot; ويفضح quot;تواطؤهquot; ضد الثورة ليس فقط مع جهة واحدة، بل مع كل الجهات: نظام الأسد واسرائيل وايران وحلف quot;الناتوquot;؟
التعليقات