quot;quot;إسحلني قيدني عرّني من ملابسي فلن تخدش كرامتي لأن دم إخوتي الشهداء سيسترني quot;quot;
في خلال ساعتين أواخر يوم الثلاثاء، وبعد رفع الستار عن أن تحالفا تم ما بين مجموعة من الليبراليات ومنظمات حقوق الإنسان، وبعد أن إعترف أحد جنرلات المجلس العسكري المصري في لقاء صحفي بثه التلفزيون المصري حيا يوم الإثنين.. بأن هناك ملابسات لقضية، ضرب وركل وتعرية 6 من رجال الشرطة لإمرأة كانت بين المتظاهرين في ميدان التحرير.. خاصة وبعد محاولته الإلتفاف حول طلب إحدى الصحفيات بالإعتذار رسميا.. مما دعاها لأن تصرخ مهددة بأن تخلي المجلس العسكري عن إحترامة للنساء المصريات سيؤدي إلى ثورة عارمة من النساء أنفسهن.. خرجت الآلاف من نساء مصر ليل الثلاثاء في شعار واحد quot;quot; بنات مصر لا زلن موجودات في معركة الحرية.. quot;quot; إسحلني قيدني عرّني من ملابسي فلن تخدش كرامتي لأن دم إخوتي الشهداء سيسترني quot;quot;، في غضب وتحدي للمجلس العسكري، في مظاهرة فريده من نوعها منذ بدء الإنتفاضة المصرية.. تطالب القيادة العسكرية بإنهاء دورها العسكري....مسيرة لم تشهد القاهرة من مثيل لها منذ خروج السيدة هدى شعراوي ( رحمها الله ) مع الآف من نساء مصر في مظاهرة 1919 ضد الإحتلال البريطاني آنذاك..

وبعد إنتشار ذلك الفيديو على شبكات الإنترنت العالمية، مما حدا بالسيدة هيلاري كلينتون للقول بأنها صدمت من ذلك المشهد.. لأن هؤلاء هن أنفسهن النسوة اللواتي شاركن في الثورة مخاطرين بحياتهن قبل أشهر معدودة.. وأن ضرب وركل وتعرية أية إمرأة يؤكد التسلط والإمتهان لكرامة المرأة ويشين الدولة والزي العسكري الذي يمثلها..
إن قيام المجلس العسكري بتأجيل إعادة صياغة الدستور المصري لما بعد الإنتخابات.. بحيث يعطي الفرصة كاملة للحزب المنتخب.. والذي ومن الواضح أنه سيكون من الأحزاب الإسلامية بما فيها السلفييون والذين صرحوا جميعا ومسبقا وقبل فوزهم بأنهم سيعملون على أسلمة المجتمع المصري المسلم أصلا.. وإعادة النظر في القوانين المناصرة لحقوق المرأة التي تدخلت في تمريرها زوجة رئيس مصر المخلوع سوزان مبارك.. بما فيها حقوق الحضانة.. وأخذ موافقة الزوج لإستخراج جواز سفر. وإذنه المسبق للسفر للخارج على إعتبار أنه مخالفة صريحة للشريعة الإسلامية.. والأخطر تعديل قانون حظر زواج البنات قبل بلوغ 18 عاما، وغيرها من الحقوق الأساسية في تعزيز وإصلاح دور المرأة في المجتمع.. يمثّل أكبر إمتهان للمرأة المصرية وإستهانة بحقوقها يفوق ضربها وركلها.. لأنه سيعمل على تغييبها وتأكيد دونيتها من خلال التحايل الشفهي والدخول في تاويلات فقهية لا تغني ولا تسمن في نصوص الدستور الجديد..

قبل بضع أسابيع.. وفي لقاء لي مع أحد أقطاب الإخوان المسلمين عن زواج القاصرات، أجابني بأننا لا نستطيع إنكار بأن جسد المرأة العربية يتم نضوجه وبلوغه في سن 11 سنه.. مما يؤهلها للزواج ؟؟؟؟

إجابتي له ولكل من يؤيد هذه المقولة.. بأن المسؤولية المجتمعية تحتم علينا بناء أسرة سوية وصالحة.. وأن أية فتاة حتى وإن نضجت جسديا في هذه العمر.. فإنها لن تكون قادرة على تحمل المسؤولية المعنوية والإنسانية للزواج ولا لأطفالها من هذا الزواج.. فما بالك بمسؤوليتها المجتمعية ؟؟؟
ترى هل وعت النساء المصريات المسلمات.. واللواتي لا أشك لحظة واحدة بتدّيّنهن وإحترامهن للدين، بأن على قمة أولويات هذه الأحزاب العودة بالمرأة لعصور الظلام.. وهي مسيرة لن تأخذ الكثير من الوقت خاصة إذا ما سنت كقوانين معترف بها في الدستور مما سيجر مصر والعالم العربي إلى الوراء مئات السنين كما حصل في افغانستان.. وإيران..

قبل أيام معدودة، دعيت للمشاركة في ندوة حوار حول دور المرأة في الثورات العربية نظمته واحدة من أرقى المنظمات البريطانية تعرف بإسم صحافيون يواجهون المخاطر
Front line club كان من المفروض أن تشارك فيها السيدة توكل كرمان.. السيدة اليمنية التي حازت على جائزة نوبل للسلام.. والتي تكلمت عنها وعن إنجازها في مقالة سابقة نشرت على صفحات إيلاف
جائزة نوبل للسلام.. إستحقاق بجدارة
.. ولكن ونظرا للإرهاق الكبير الذي تعرضت له من الإعلام.. لم تستطيع الحضور..

ولكن كان هناك سيدتان عربيتان.. أحدهما ليبية ميرفت مهنا.. والأخرى بحرينية.. مريم الخواجه.. كلاهما تحدثتا بلغة إنجليزية ممتازة عن مشاركتهما في الثورتين الليبية والبحرينية.. كانتا سعيدتين بهذا الدور الذي أكد لهن مساواتهن في الوطنية والخوف على مستقبل وطنها. كانتا فخورتين بما تعرضن له من قوات الجيش.. وهو فخر لا أحد ينتقص منه.. ولكن كلتاهما تعثّرت ولم تستطيع الإجابة على سؤال.. هل لديهن أجندة وخطة عمل لمناصرة قضايا المرأة في القوانين المعمول بها والتي حتما تنتقص منها ومن كرامتها وتؤكد دونيتها المجتمعية فيما بعد هذه الإنتفاضات.. وماهي الرؤية التي سيحاولن العمل عليها لتمكين المرأة وتعزيز دورها في المجتمع ومشاركتها السياسية بعد هذه الإنتفاضات لإحداث الثورة المجتمعية الحقيقية لتطوير المجتمعات العربية وإخراجها من موروثات مظلمة تسيء لها وتعرقل مسيرتها الحضارية..

بان الخوف جليا على وجوههما..وتساءلت في نفسي ما سر هذا الخوف. هل هو خوف من السيد الذكر الذي ينتظرهما.. أم هو خوف من المجتمع.. أم أنهن لم يفكرن بمثل هذا السؤال مسبقا.. هل كن سعيدات بالمشاركة فقط أو كان وعيهن يفوق المشاركة المؤقته ويحمل تصورا ورؤيا لمشاركة أكبر.. وتحدي أكبر.. هل المرأة العربية التي شاركت في هذه الإنتفاضات قادره على ان تحولها إلى ثورات وصرخات لضمير كل الرجال لنيل حقوقها ؟؟؟ هل وعت المرأة العربية لمعنى ومفهوم الديمقراطية الحقة بدون تلاعب في اللغة ؟؟؟

في المظاهرة النسائية المصرية.. وفي لحظة حملت العديد من المعاني الرائعة التي نتمنى بلورتها لمناصرة حقوق المرأة.. وقف الشبان المصريون على طرفي مظاهرة النساء. في محاولة رائعة لحمايتهن من تعرض الشرطة.. وربما وما أتمناه إعتراف بأن الطريق الوحيد للخروج من الأزمة المصرية.. المساواة بين الجنسين والمشاركة الحقيقية في نيل حقوق الطرفين المرأة والرجل. فبدون المشاركة النسائية هذه لن نبني الديمقراطية الحقيقية التي تحترم الجميع.. من ذكر او أنثى.. من مسلم أم معتنق لأي دين آخر..

نعم الديمقراطية التي نتمناها لمساهمة مصر في قيادة العالم العربي نحو الحرية والحضارة التي تليق به، وبدون مساندة الرجل لحقوق المرأة لن ينتصرا كلاهما في معركة الحقوق..


باحثة وناشطة في حقوق الإنسان