في الحقيقة هنالك الكثير من النظريات والعديد من الرؤى لمفهوم النظام الديمقراطي.. فمنهم من يرى الديمقراطية، مشاركة الجميع في إنشاء السلطة التشريعية عبر ممثلي الشعب ومنهم من يرى بأن هذا النظام هو الطريق المؤدي إلى الاستقرار السياسي.. ومنهم من يرى أن هذا النظام هو المنعطف في حل النزاعات السياسية إضافة إلى الكثير من الرؤى الأخرى، لكن الديمقراطية شأنها شان السياسة هي علم قابل للنقاش ولا توجد نظرية ثابتة تتحد جميع الأفكار والناس تحت خيمتها مهما كانت.

النقاش الدائر حول النظام السائد في العراق وخصوصا بعد سقوط النظام الدكتاتوري والشمولي السابق لا سيما في وجود بعض الدلائل الصغيرة التي تشير بأن الديمقراطية هي النظام المتبع ولو على مواد الدستور العراقي أو في التصريحات الإعلامية لأعمدة السياسة العراقية.

لكن الديمقراطية في العراق حاليا تمر في أصعب مراحلها منذ أن تم وضعها ضمن بنود الدستور بحيث أن احد الوسائل المهمة لترسيخ النظام مثل الانتخابات لم تستطع أن تفض النزاع على السلطة السياسية بل أصبحت نتائج الانتخابات عائقا أمام تشكيل الحكومة.

لكن اليوم الوضع يختلف تماما بعد أن أكملت القوات الأمريكي انسحابها من العراق لان هذه القوات وكما أسلفنا في الكتابات السابقة كانت تقف أمام تحول النزاعات السياسية إلى النزاعات الدموية وهي التي كانت تقول كلمة الفصل في الكثير من القرارات المصيرية بعد تعذر اتخاذها من الكتل السياسية.

على عتبة انسحاب القوات الأمريكية وزيارة رئيس الوزراء نوري المالكي إلى واشنطن ولدت أزمة جديدة لم تكن في محلها أدت إلى تعطيل البرلمان بعد انسحاب ائتلاف العراقية،والأطرف من ذلك فأن الجميع يدعون إلى تجنب هذه الأزمة وتوسيع رقعة التفاهم والتحول إلى لغة الحوار عبر الطاولات المستديرة بدلا من تبادل الاتهامات، ونرى أن الكل مع فكرة الاعتدال والسؤال الذي يطرح نفسه بقوة هو إذا من الذي يفتعل الأزمة؟

إذا كنا نريد تطبيق الديمقراطية في بلدا ذات قوميات وطوائف متعددة مثل العراق علينا الاعتراف بحقوق كل الكتل والمطالب المشروعة لجميع الأطراف والقناعة التامة بضرورة مشاركة الجميع في بناء الدولة الحديثة وعدم توسيع رقعة نظرية المؤامرة حول إسقاط النظام.