مستقبل اوروبا الأن على مفترق طرق: هل ستتحول الى جزء من العالم الاسلامي، هل ستستطيع الحفاظ على تراثها المسيحي المتميز ام سيكون هناك تركيبة او توليفة اندماجية و توافقية بين الحضارتين؟.
الجواب على هذا السؤال ذات اهمية بالغة لان اوروبا و لو انها تشكل 7% فقط من مساحة الكرة الارضية و لكنها وعلى مدى الخمسمائة سنة الماضية (1450-1950 ) كانت الماكنة العالمية التي احدثت كل التغييرات (الجيدة منها و السيئة) و الاكتشافات العلمية و التطور الصناعي و مثل الحضارة الحديثة من حقوق الانسان وغيرها التي نراها اليوم في العالم المعاصر و لهذا فان اي تطور او تغيير يحصل فيها مستقبلاً سيؤثر بالتاكيد ليس على اوروبا فقط بل على مسار البشرية عامةً و بخاصة على بعض الدول المتفرعة من اوروبا (بنات اوروبا ) مثل استراليا، نيوزيلندة، كندا، ايسلندا و التي لا تزال تحتفظ بروابط خاصة ووثيقة مع القارة القديمة.
على ضوء المعطيات و الاحداث الراهنة فان معظم المراقبين يتوقعون واحداً من ثلاث مسارات محتملة لمستقبل القارة الاوروبية:
1.حتمية الهيمنة الاسلامية: يؤكد الباحث و الصحافي الايطالي (اوريانا فالاسي ) ان اوروبا في طريقها ان تتحول شيئاً فشيئاً الى امارة او مستعمرة اسلامية. الباحث الكندي (مارك ستيون) يجادل و يحاول ان يبرهن ان العديد من الدول الاوروبية لن تستطيع الصمود امام اسلمة الحياة و زحف الثقافة الاسلامية في القرن الحادي و العشرين معللاً رؤيته بثلاث عوامل رئيسية: (عامل الثقافة و العقيدة، العامل الديموغرافي السكاني و عامل احساس المسلمين باحقيتهم في وراثة اوروبا).
عامل الثقافة والعقيدة :ان سيادة الثقافة العلمانية و الليبرالية في اوروبا و خاصة بين طبقات النخبة و الصفوة منها ادت الى عزل اوروبا عن موروثها اليهودي-المسيحي والى تفشي الظاهرة اللادينية او فراغ مقاعد الكنائس من المسيحيين المؤمنين والمصلين و بيع هذه الكنائس في المزادات العلنية الامر الذي تلقفه المسلمون بكل سرور ليشتروها و يحولونها الى مساجد كما وادت و بصورة غير متوقعة الى ازدياد الاعجاب بالاسلام على الرغم من كل ما يسببه المسلمون من متاعب للاوروبيين. مقابل هذه العلمانية الاوروبيية فاننا نلاحظ الحماس و الهيجان و التشدد الديني الذي يتفشى الان بين المسلمين، النزعة الجهادية و الاستعداد للتضحية بالنفس دفاعاً عن الدين و القيم الدينية عند المسلمين فقط دون غيرهم من الشعوب و الاديان و كذلك الشعور بالاستعلاء و التميز المتولد عند المسلمين تجاه الاخر من غير المسلمين و اليقين المتزايد عندهم بان اوروبا هي الان في طريقها للتحول الى الاسلام و ما عليهم الاً المثابرة و الصبر و الاستغلال الامثل للقيم الاوروبية نفسها من حرية التعبير و حرية العقيدة و حرية التدين و حقوق الانسان و حرية التنقل و السفر و محاربتها بنفس قيمها و مثلها علماً بأن هؤلاء المهاجرين يركبون الأهوال كي يلجأوا إليها، ويستظلوا بقوانينها وشرعتها وحمايتها، وينعموا بخيراتها ومساعداتها، وعدلها وأمنها، ومدارسها ومستشفياتها.
العامل الديموغرافي: الاختلاف العقائدي بين المسلمين و الاوروبيين ادى الى اختلالات سكانية خطيرة. ففي الوقت الذي وصلت فيه نسبة الانجاب عند المراة المسيحية في اوروبا الى 1.4 لكل امراة (اقل من ثلث النسبة التي تحتاجها اوروبا للحفاظ على تركيبتها السكانية الحالية) نجد ان نسبة الخصوبة و الانجاب لدى العائلة المسلمة اكبر بكثير بحكم العقيدة الاسلامية التي تشجع المسلمين على الانجاب و كذلك للحصول على المعونات و المساعدات و الضمانات الاجتماعية التي يدفعها الانسان الاوروبي من جيبه للعوائل المهاجرة و من المتوقع ان تصبح كل من المدينتين امستردام و نوتردام في عام 2015 اول مدينتين اوروبيتين ذات اغلبية مسلمة. كما ان روسيا في عام 2050 ستصبح ذات اغلبية سكانية مسلمة اذا استمر التفاوت الحالي بين نسب الانجاب فيها ناهيك عن انه اذا تم قبول تركيا ذات الخمس و السبعين مليون مسلم (لا سمح الله( في الاتحاد الاوروبي فان نسبة المسلمين في اوروبا ستصل الى 20% من العدد الاجمالي لسكان اوروبا. هذا الخلل في الولادات يضاف اليه حاجة اوروبا المتزايدة الى اليد العاملة البشرية و التي ستكون في معظمها من الدول الاسلامية بحكم قرب الموقع الجغرافي والروابط الاستعمارية القديمة معها و الاضطرابات و الحروب المستمرة في العالم الاسلامي و التي تدفع الشباب الى الهجرة قسراً.وقد صرح الخبير الروسي ألكسي غروميكو من معهد الدراسات الأوروبية الروسي أن أوروبا لا تجد أمامها إلا سبيلين لمواجهة التراجع في حجم السكان: إنجاب 5 أو 6 أطفال لكل أسرة أو استقدام المهاجرين.
يضاف الى ما سبق ان الانسان الاوروبي لم يعد يعتز كثيراً كالسابق بتاريخه و قيمه و عاداته كما ان الشعور بالذنب لدى الانسان الاوروبي من جراء سياسياته الامبريالية و الفاشية السابقة ولدت عنده الاحساس بان ما عنده من تراث و ثقافة ليست بالضرورة افضل او اكثر مما هو عند المهاجر. هذا الاستنكاف الذاتي لدى الانسان الاوروبي ولد شعورا لدى المهاجر الذي هو اصلاً متردد في قبول الثقافة الاوروبية بعدم تبني القيم و العادات الاوروبية ما دام الاوروبي نفسه مستنكفاً منها و هذا يبدو واضحاً الان في المقاومة و الممانعة المستمرة التي تبديها الجاليات الاسلامية ضد محاولات التطبيع و الاندماج و التكيف الاوروبية. النتيجة الطبيعية لهذا المسار اذا ما استمر بهذه الوتيرة هو تحول اوروبا تدريجيا الى ان تصبح جزء من شمال افريقيا.
2.حتمية المقاومة الاوروبية: بالمقابل هناك رأي اخر يقر بحتمية مقاومة الاوروبيين الاصليين الذين يشكلون حاليًا 95% من سكان اوربا لاي محاولة جدية لتغيير النسيج و الثقافة و القيم الاوروبية و التي ضحت اوروبا بالملايين من شعوبها للدفاع عنها. هذا التوجه بدا واضحاً في القرار الفرنسي ضد الحجاب و في الفيلم الهولندي (فتنة) و في التعميد العلني من قبل البابا شخصياً امام شاشات التلفزة العالمية للصحفي المشهور مجدي علام و في ازدياد شعبية الاحزاب المعارضة للهجرة المستمرة الى اوروبا و ازدياد الحركات الوطنية في عموم اوروبا التي تركز على خطر الاسلام و المسلمين مثل (الحزب الوطني البريطاني، حزب فلاسما بالانج الباجيكي، الجبهة الوطنية الفرنسية، حزب الحرية الاسترالي، حزب الحرية الهولندي، حزب الشعب الدانماركي و الديموقراطيون السويديون). ان هذه الحركات و الاحزاب ستزداد نمواً كلما ازدادت اعداد المهاجرين و في حالة وصول هذه الاحزاب الى السلطة فانها بالتاكيد سترفض التعددية الثقافية الاوروبية الحالية وستمنع الهجرة كلياً الى اوروبا وستشجع ترحيل المهاجرين الى اوطانهم و ستدعم المؤسسات المسيحية مع تشجيع الولادات بين الاوروبيين الاصليين.
ان جرس الانذار الاسلامي المستقبلي قد تنباً به الكثيرون الى درجة انه يتم التخطيط لتدارك مضاعفاته منذ الان. و قد وضع المخطط الاميركي رالف بيتر مسودة سيناريو مستقبلي لسفن البحرية الاميركية و رجال المارينز راسية على ارصفة الموانئ في مدينة بريست الفرنسية و ميناء بريمينهافين الالماني و ميناء باري الايطالي لضمان الاخلاء الامن للمسلمين من اوروبا. يقول المؤلف بيتر انه و بسبب العدوانية المتاًصلة عند الانسان و لان اوروبا قد لا تتحمل المزيد فان المسلمين في اوروبا يعيشون الان في (الوقت الضائع) و بما ان اوروبا قد ارتكبت اصلاً عمليات تطهير عرقي سابقاً فان المسلمين سيكون محظوظين اذا استطاعوا النفاذ بجلودهم بطريقة اخلاء امنة. و لقد ادرك المسلمون انفسهم هذه الحقيقة و بداوا يتحدثون و منذ الثمانينات من القرن الماضي عن مسلمين سيرسلون الى محارق الغاز مستقبلاً. لا يمكن منع الاوروبيين من القيام بعمليات عنف متبادلة رداً على الاستفزازات و العنف المستمرين من قبل المسلمين و ليس من المستبعد ان تكون ردود الافعال الاوروبيية اكثر عنفاً اذا ما تكررت احداث عام 2005 في فرنسا على سبيل المثال.
3.الاحتمال الاكثر مثالية هو ان يتمكن الاوروبيون و المهاجرون المسلمون من الانسجام و الاندماج والعيش معاً ضمن تألف جديد. و قد ايدت هذا الاتجاه المتفائل دراسة اجريت في فرنسا من قبل كل من جين هيلينا و بيير باتريك. على الرغم ان هذا الاحتمال هو السائد عند معظم السياسيين و الصحافيين و الاكاديميين و لكنه يفتقر الى الحقائق التي تدعمه على ارض الواقع. نعم بامكان الاوروبيين اعادة اكتشاف و احياء ايمانهم المسيحي و انجاب المزيد من الاطفال و الاعتزاز اكثر بميراثهم الثقافي وتشجيع الهجرة لغير المسلمين و حتى تغريب المسلمين الحاليين في اوروبا و لكن ليس فقط هذه التطورات غير واردة و مطبقة الان على الواقع و لكن فرص تحقيقها ايضاً تبدو خافتة و بخاصة ان الاجيال الجديدة من المسلمين في اوروبا بداًت تستثمر التظلمات و الشكاوى عند مسلمي اوروبا في الاعتداء و خلق الفوضى و عدم الاستقرار بل و حتى محاولة فرض الشريعة الاسلامية بالقوة في العديد من مناطق تجمعاتهم و سكناهم سواءاً بالترغيب او الترهيب. أن الإسلاميين المتطرفين القادرين يلعبون دوراً أساسيا في تحويل الشعور العام بعدم الرضا والاستياء إلى غضب وثورة تقودان إلى أعمال عنف وإرهاب. ldquo;رسالتهم الى الغرب تتلخص في: أنتم أيها الغربيون ما عدتم تملكون الحق في قول ما تودون عن الإسلام، فالقانون الإسلامي (الشريعة) يحكمكم أنتم أيضاًquot; سوف نعود مرة عقب أخرى حتى يخضع الغربيون ويستسلمون أو يدرك المسلمون أن جهودهم قد باءت بالفشل.عملياً يمكن صرف النظر عن فكرة قبول المسلمين للتاريخ الاوروبي و التكيف مع الثقافة الاوروبية. وبهذا الصدد يقول الكاتب الامريكي Dennis Prager انه يصعب التكهن باي سيناريو مستقبلي لاوروبا لا يتضمن احد احتمالين (اما اسلمة اوروبا او الحرب الاهلية بينها و بين المسلمين).
المصادر:
1. Abdullah Al Araby: Islamization of Europe، America، take note before it is too late.
http://bsimmons.wordpress.com.
2. Alland Mizell: The Euro-Arab Axis.. Cranbury، NJ: Farleigh Dickson University Press
3. Phyllis Chesler: The Islamization of Europe. FamilySecurityMatters.org Tuesday، March 21، 2007.
4. Daniel Pipes: Intimidating the West، from Rushdie to Benedict، New York Sun، September 26، 2006.
5. شبكة العلمانيين العرب: تزايد مشاعر العداء ضد المهاجرين في بريطانيا، ابريل 2008
6. سعدالله خليل : عقدة النقص،التعذيب في التاريخ الاسلامي، موقع ايلاف الالكتروني، 23 نيسان 2008