مواقف الغرب المنافقة و المندهشة من قوة زخم الثورة الشعبية الليبية التي يقاتل أبنائها من أحرار ليبيا اليوم بكل فدائية وتجرد و بطولة قد أكدت على حقيقة أن الأنظمة الفاشية العربية وغيرها ماكان لها أن تتعزز و تتحصن لولا الدعم الغربي المفتوح ولولا مواقف النفاق المخالفة لكل التعهدات السياسية و الإعلامية الغربية بدعم قوى التحرر و التقدم، وقد أكدت حقيقة مسارات الوضع السياسي العام في الشرق الأوسط طيلة العقود الخمسة ألأخيرة على حقيقة السياسة الغربية التي تنظر للأمور من زواياه النفعية الخاصة التي لا تلقي بالا للشعارات واليافطات المرفوعة نفاقا ورياءا، ولعل التجربة الغربية السابقة مع نظام صدام حسين في العراق توفر مدخلا مناسبا لفهم عقلية و أساليب ساسة الغرب الذين ينجحون في تغطية قذارات ممارسات حكام العالم الثالث وإبرازها حين الطلب وحين تتحقق الفوائد النفعية المرتجاة، ونظام المعتوه الليبي معمر القذافي هو واحد من أسوأ الأنظمة السياسية في العالم الثالث وهو مثال ونموذج للنظام الفوضوي و الإستبدادي الذي يشكل وجوده فضيحة حقيقية لكل المباديء المعلنة و المشروعة والمعروفة لحقوق الإنسان، كما أن الهوية الفوضوية لذلك النظام تجعل من التعامل الدولي معه وإعتباره ممثلا لإرادة الشعب الليبي هو إحتقار حقيقي لكل قوى الحرية والتقدم في ليبيا التي تناضل منذ أكثر من أربعة عقود لفضح وإدانة النظام العشائري العائلي المتخلف دون إستجابة حقيقية من العالم لتطلعات الشعب وقواه الحية التي تفرغ نظام العقيد الأخضر المتحول و المتقلب المزاج لتصفيتها و مطاردتها في صفحات إرهاب تاريخية موثقة بدأت منذ سبعينيات القرن الماضي بحملات الإعدام العلنية ضد المعارضين وتطورت لمطاردة المعارضين الليبيين في الخارج و إغتيالهم عبر فرق الإغتيال الإرهابية الخاصة من وحوش اللجان الثورية كما إرتكب النظام جرائم دولية موثقة ضد المصالح الغربية ذاتها كما حصل في بريطانيا وألمانيا و إيطاليا وفرنسا قبل أن تأتي قضية لوكربي أواخر عام 1988 لتكون الملف الأكبر في قمة الأعمال الإرهابية والتي دفع النظام ثمنها مليارات رشاوي دولية مسروقة من أفواه الشعب الليبي، فساسة الغرب كما نعرفهم يسيل لعابهم لأموال التعويض السخية وللصفقات الهائلة لشركاتهم وقضية حقوق الإنسان ليست سوى ملف مصلحي يشهر حين الطلب وذلك ما يفسر موقف حكومة برلسكوني في إيطاليا وموقف الغرب عموما من جرائم نظام القذافي، فالتردد في إصدار قرار بمنع الطيران العسكري الليبي لحماية المدنيين الليبيين من جرائم مرتزقة القذافي هو بمثابة فضيحة حقيقية لأهل الأساطيل الإستعراضية التي تتفرج على حملات الإبادة الجماعية للشعب الليبي في مشهد الرحيل الأخير للنظام الفوضوي الذي ستحتضنه قريبا لا محالة مزبلة التاريخ فيما يواصل أحرار الشباب الليبي الثائر عمليات الكر و الفر العسكرية الشجاعة ويقلصون مساحات السيطرة لعصابات النظام المنهار و السائر نحو حتفه في نهاية الطريق فمقاومة الشعب الثائر مسألة عبثية وهي لن تغير شيئا من مصير النظام الليبي و أهله بل أنها ستضيف لجرائم النظام التاريخي جرائما مضافة يجعل مصيره بائسا و بشعا و سورياليا، وشجاعة المقاتلين الليبيين هي من الأمور الرائعة التي أفرزتها الثورة الليبية والتي هي بصدد أن تكون أعظم ثورة شعبية عربية في التاريخ الحديث والتي سيقف خاشعا أمام تضحياتها العالم بأسره و التي ستدخل سفر التاريخ النضالي الحي للشعوب الحرة بإعتبارها حالة رائعة من التضحية بالنفس و النفيس من أجل نصرة الحرية، مواقف الغرب المنافق المترددة ستكون عامل قوة حقيقية للثورة الشعبية الليبية بإعتبارها ظاهرة طاهرة وبعيدة عن دنس العمالة و الإرتباط بأية أجندات غير وطنية صرفة، لقد أفرز النظام الليبي عن وحشيته و توحشه وربط مصيره الشخصي و العائلي بنتائج المعركة الراهنة فأبناء العقيد هم قادة فرقه الإرهابية وهم من يرتكب الجرائم لأنهم يدافعون عن حكمهم العائلي الناهب للشعب الليبي و المصير الأسود الذي ينتظر أهل النظام الليبي سيكون أسطورة تتحدث بحوادثه الشعوب لعقود طويلة قادمة، الثورة الشعبية الليبية هي بمثابة حالة ولادة جماهيرية ضخمة و عظيمة للشعب الليبي الحر الذي أثبت بإن قوة إرادته هي أقوى بكثير من كل تحالفات نظام القذافي و إرتباطاته الخارجية وهي وحدها من سيصحح جنون العقيد الأخضر وتعيد زمام المبادرة للشعب الليبي الذي سيستثمر لا شك نتائج ثورته في خلق ليبيا الحرة المتقدمة الجديدة، لقد حفر الليبيون الأحرار بدمائهم الطاهرة نهرا كفاحيا شامخا للتضحية و العطاء و أسسوا لواقع عربي جديد يستعيد فيه الإنسان العربي الحر زمام المبادرة، أما الفاشية القذافية فإن شمس غروبها قد أزفت و أوشك أحرار ليبيا على عزف نشيد الحرية الخالدة والدوس بأقدامهم على أصنام الهزيمة و العار و التخلف... إنه التاريخ العربي وهو يتشكل من جديد...

[email protected]