تتهم الحكومة العراقية والكثير من مؤيديها وداعميها المتظاهرين بأنهم يغامرون بالمكتسبات الديمقراطية ويدفعون بالأمور باتجاه الفتنة أو العودة إلى المربع الأول وبرأي هؤلاء فان التظاهرات التي تحصل في العراق ما هي إلا محاكات للتظاهرات التي تحصل في بعض البلدان العربية التي تحكمها أنظمة شمولية وبالتالي فهي لا تمثل انعكاسا صادقا لمطالب الشارع العراقي الذي يعيش أجواء الحرية والديمقراطية التي تفتقدها تلك البلدان والتي مكنت الشعب من اختيار ممثليه في انتخابات حرة شفافة جرت في العام الماضي.

أما المتظاهرون فيرون أن الديمقراطية نفسها تعطيهم الحق في التظاهر من اجل إجبار الحكومة على تنفيذ المطالب التي ينادون بها والتي يمكن أن تساعد على تقوية الديمقراطية وتدعيمها لان فشل الحكومة في معالجة مشاكل البلاد السياسية والاقتصادية والاجتماعية هي التي تشكل الخطر الأكبر على الديمقراطية وليس المسيرات والاعتصام السلمية للمتظاهرين.

إننا لا نريد أن نتجاهل المخاطر التي تواجه الديمقراطية من جراء الأزمة الناشبة بين المتظاهرين والحكومة لأننا جميعا سنكون الخاسرين فيما إذا تعرضت الديمقراطية للخطر وابلغ دليل على ذلك أن الحكومة وهي تواجه غضب التظاهرات لم تجد بدا من الاحتماء بالديمقراطية لكي تحافظ على بقائها وتتقي تدخل المجتمع الدولي ونفس الشيء بالنسبة للمتظاهرين فهم ما كان لهم أن يعلنوا مطالبهم و يمارسوا حق التظاهر إلا بنعمة الديمقراطية وتحت لواءها وبالتالي يجب علينا جميعا أن نكون حريصين عليها أكثر من حرصنا على ما ندعوا إليه أو نختلف بشأنه.


ولذلك لابد لنا أن ندعوا الحكومة إلى الموافقة على مطالب المتظاهرين المشروعة والإعلان عن برنامج واضح لتنفيذ تلك المطالب وندعوا المتظاهرين الأجلاء إلى إعطاء مهلة للحكومة لكي تتمكن من الاستجابة إلى مطالبهم فإذا كان الوقت هو حجة الحكومة في عدم تمكنها من تلبية مطالب المتظاهرين فان المهلة التي ستعطى لها ستكون إسقاطا لهذه الحجة وإثباتا لعجزها على الإيفاء بالتزاماتها.

إذن لنعطي مهلة محددة قبل أن نقول كلمتنا من خلال التظاهرات.