لفت نظري تصريحات في منتهى الأهمية صدرت عن نائب رئيس الوزراء المصري دكتور يحيى الجمل يقول فيها إن مجلس الوزراء يعرف من يقف وراء الفتنة الطائفية وأعمال الشغب والبلطجة، وحرق ملفات الفساد الدائرة في مصر حاليا، وقبلها تصريحات لرئيس الأركان الفريق سامي عنان، يؤكد فيها أن المجلس العسكري الحاكم يعرف من يدير هذه الأعمال من وراء الستار، ويهددهم بالعين الحمراء إذا واصلوا استغلال ما تمر به مصر من ظروف استثنائية بعد ثورة 25 يناير لزرع بزور الفتنة، ووضع البلد على حافة الهاوية، وإذا كان المجلس الأعلى للقوات المسلحة، ومجلس الوزراء على معرفة ودراية بمن يقفون وراء الفتنة والمظاهرات الفئوية والبلطجة فالسؤال: لم السكوت عليهم حتى الآن؟. أقول إن من دبروا لموقعة الجمل في ميدان التحرير قبل سقوط عصابة المجرمين التي كانت تحكم مصر، لم ييئسوا من زرع بزور الفتن، معتقدين أن هذه هي الطريقة الوحيدة للبقاء بعيدا عن المسائلة، والمثول أمام العدالة جزاء ما اقترفوا في حق هذا الوطن، وهو ما يتطلب سرعة القبض عليهم وتقديمهم للمحاكمة.

الفاسدون يظنون أن الساحة مفتوحة أمام رموز العهد البائد للعبث بأمن مصر، خاصة وان كثيرا من هذه الرموز لا تزال حرة طليقة، وهي رموز معروفة يأتي على رأسها الأمين العام للحزب الوطني ورئيس مجلس الشورى السابق quot;صفوت الشريفquot;، والأمين العام المساعد للحزب للشئون المالية والإدارية ورئيس ديوان الرئاسة quot;زكريا عزميquot;، ورئيس مجلس الشعب quot;فتحي سرورquot;، ومجموعة من السياسيين بينهم وزراء ومسئولون ورجال أعمال مرتبطين بالحزب الوطني الذي آن الأوان لحله، وتصفيته، وتسليم مقاره إلى الدولة، فضلا عن بقايا الفاسدين في جهاز الشرطة، وكل هؤلاء اعتادوا أن يعيشوا في الظلام والفساد، لا رغبة لديهم في أن يعيشوا في النور حتى لا ينكشف فسادهم ونفاقهم أمام الشعب المصري الثائر الذي يريد حياة حرة كريمة.

ليس غريبا أن نرى ميل هؤلاء إلى إعادة عصر الفساد، حني يستمروا في نهب ما تبقى من مصر منهم من حصل على ألاف الأفدنة بثمن بخس كأراض زراعية، ثم حولها إلى منتجعات سياحية، ومنهم من وصل إلى أعلى المناصب على الرغم من جهله ونفاقه ويخشى أن يضيع منصبه في مصر جديدة، تقوم على العدالة والمساواة، وتكافؤ الفرص، وبالتالي يدافعون عن عصر الفساد، ومنهم من عمل في أجهزة قمعية تتجسس على الناس، وتفتعل الأزمات، وتقوم بأعمال التخريب والتعذيب والرشا والسرقة فارتبطت مصالحهم وثرواتهم بدورهم في هذه الأجهزة، وبالتالي لا مجال لممارسة دورهم مع إعادة هيكلة هذه الأجهزة لتعمل بمهنية بعيدا عن ترويع الآمنين، والبطش بالمخالفين، وهناك رؤوس كبيرة اشرنا إلى بعضها صاحبة الدور الأكبر في منظومة الفساد، تعرف جيدا أنها تنتظر دورها لدخول القفص، والمثول أمام القضاء تتابع ما يحدث بترقب وقلق وتسعى لإجهاض الثورة يراودها الأمل في أن تفلت من العقاب.

في المقابل ترى قوى الشعب الثائر بمختلف طبقاته وفئاته، وهي تريد أن تبني الأمجاد بعد القضاء على الفساد، اختارت حكومة استمدت شرعيتها من ميدان التحرير، وتريد الفرصة لإعادة الأمن، وتسيير عجلة الإنتاج في ظروف بالغة الصعوبة، وعلى الشعب أن يساعد حكومة الثورة في الخروج بمصر إلى بر الأمان، وإلا فلن ترحمنا دماء الشهداء الذين دفعوا ثمن هذه الثورة، كذلك علينا اليقظة والحذر ممن يريدون تشويه سمعة الشرفاء من أبناء هذا الوطن، والتشهير بهم في الصحف مثلما حدث لرئيس الجهاز المركزي للمحاسبات جودت الملط الذي لا يختلف على أمانته ونزاهته اثنان، كما طال التشهير بعض الزملاء من الصحفيين والكتاب الشرفاء الذين ساهمت كتاباتهم وصرخاتهم على الورق في بزوغ فجر جديد بعد عقود من الفساد.

لابد أن ندرك أننا أمام عدة محاور أولها: عودة الأمن للشارع وقد بدأ وزير الداخلية منصور عيسوي تحركاته في هذا الاتجاه رغم تشكيك البعض في إمكانية عودة الأمن للشارع، وهذه أولى مهام حكومة الدكتور quot;عصام شرفquot; حتى تفوت الفرصة على قوى الفساد التي تراهن على غياب الأمن.rlm;وثانيها: الحالة الاقتصادية حيث تروج قوى الفساد من العهد البائد بأن نتائج ذلك ستظهر في غضون عدة أشهر حيث البورصة لا تزال مغلقة والمصانع لا تزال متوقفة، والسلع الغذائية أوشكت على النفاد، وهو ما يستوجب سرعة تحريك عجلة الإنتاج في جميع المواقع، والنظر في مشاكل المعتصمين، وسرعة التحقيق في قضايا النهب لإعادة الأموال المنهوبة في الداخل والخارج، وإعادتها إلى الشعب لقد سمعت مصريا وصل إلى منصب مرموق في الحكومة السويدية يقول إن مصر بحاجة إلى مئة وخمسين مليار دولار للانطلاق وهو مبلغ ضئيل إذا قورن بكم الأموال المسروقة.
ثالث هذه المحاور: هي اختلاط الأوراق وإشعار الشارع بعدم جدية الحكومة، وإشغاله بقضايا أخرى مثل حرق ملفات أوراق امن الدولة التي تخفي فضائح كبار المسئولين، وإحراق كنيسة الشهيدين بإحدى قرى حلوان، وما تبعها من مظاهرات مشروعة للإخوة الأقباط، وإن كان الوقت غير مناسب لتشتيت انتباه الحكومة عن قضايا حساسة وهو ما يؤكد أن إخطبوط الفساد لا يزال يتحرك في مصر المحروسة، لكن الثورة مستمرة وسيعلم الفاسدين أن نهايتهم باتت قريبة جدا.

إعلامي مصري