في سنة 1990 عقدت ندوة لمناقشة الوضع في العراق في الفترة التي تلت اجتياح الدكتاتور صدام حسين للكويت ونية بوش عبر مجلس الامن لتحرير الكويت وبعدها العراق!! ان انتظار قرار مساندة من الامم المتحدة او مجلس الامن او الجامعة العربية انما هو الرهان على حصان خاسر ومضيعة للوقت الذي يكلف كثيرا من الارواح والوقت الثمين لحسم اي معركة ضد الانظمة الدكتاتورية ومنها نظام القذافي المسعور.
انبرى احد الفلسطينيين المعروفين على الساحة البرلينية والالمانية الذي كان قد مد خيوط علاقاته بين اكثر من جبهة فلسطينية واكثر من دولة عربية وعالمية وايضا الى اكثر من جهاز مخابرات على شطري المانيا فبل ذلك التاريخ، وحتى انه مد خيوطه الى اكثر من حزب الماني على الجانبين انبرى هذا الشخص للدفاع بصوت عالي ومبحوح للدفاع عن حق صدام بالكويت وانها ارض عراقية واكد ان بطل وحامي البوابة الشرقية هو الامل في استنهاض الامة العربية وطاقاتها لتحرير الشعوب العربية وتخليصها من اسرائيل وعملائها، وصولا لبناء الامة العربية المجيدة الواحدة ذات الرسالة الخالدة واستطرد بالحديث بعنجهية مطولا ومملا على هذه النقاط وعلى طريقة عزمي بشارة الان وهو يحلل الوضع العربي ويريد تثويره.
هذا الرجل يبدو انه كان واثقا انه في خلية حزبية، وايضا كل من جاء بهم ممن ملؤوا القاعة بالتصفيق والتنديد باميركا والاحتلال القادم وتعظيم الدكتاتور.
لم يعرف ان القاعة ليس فيها مريديه فقط، الذين تعود ان ينقلهم معه اينما ذهب من اجل معركة سياسية ليوظف صوته لمن يدفع اكثركعادة السياسيين المرتزقة دائما
وبينما هو يردد كل عبارات صدام وتابعيه المعروفة من مثقفي وصحفيي وكتاب الامة العربية المجيدة من اصحاب الكوبونات اللذين انفضح امرهم بعد الفين وثلاثة
كان هذا ينظر الي ويحاول ان يستكشف رد فعلي ويقرا بحذاقته تعابير وجهي فيما اذا كنت موافقة ام لا!!
وحين مقاربة الندوة على الانتهاء صعق عندما راني ارفع يدي، وكعادة الالمان في هكذا ندوات سياسية اهتم مدير الندوة لامرأة بملامحها الشرق اوسطية واعطاني حق الكلام، حينها اصفرت وغضبت الكثير من الوجوه ومنها وجوه عراقية كانت تعتبر نفسها من المعارضة العراقية وفلسطينيين وعرب.
بدأت حديثي موجهة كلامي اليه بالاسم واننا نعرف بعضنا شخصيا ويعرف اني عراقية ومعارضة لنظام صدام حسين الدموي ويعرف هو بالذات واكثر الموجودين في القاعة باني تضامنت مع الثورة الفلسطينية وعملت بصفوفها حوالي 15 سنة وقدمت للثورة مااستطعت وتركتها غير اسفة عندما اكتشفت قبول الاحضان حتى وان كانت عفنة.
وكان هذا الفلان الفلاني يهز راسه مؤيدا فيعم صمت القبور لان اهتزاز رأس السيد له فعل السحر على العوام.
بدأت. بأن احتلال الكويت عمل عدواني اولا وهي طريقة صدام لتصدير الغضب الشعبي في الداخل الى الخارج وخصوصا بعد حرب السنوات الثماني البشعة ضد ايران وكذلك حروبه الداخلية الدائمة.
ذكرته بدعم صدام لفصائل فلسطينية ضد اخرى للاقتتال الداخلي، وكيف دعم صدام قوات الكتائب ضد الثورة في بيروت، ومن اعطى الدعم والاوامرلابي نضال لقتل عز الدين قلق وماجد ابو شرار وابو الهول وعصام السرطاوي وسعيد حمامي واخرين.
واكدت له رغم كل احترامي لابو عمار لكن قراره بدعم صدام في حرب الكويت خطأ تاريخي سيتحمل جريرته الشعب الفلسطيني وحده وليس القادة ولا يمكن ابدا اتيان الحق عبر دكتاتور.
صمت المثقف الثوري ولكن في اليوم الثاني اكلت الثورة وقائدها راتبنا البائس لمدة سنة كاملة واستغنت عن نضالنا وكان يومها شارة فخر لي و اثبتت الايام صدق كلامي
تكرر المشهد.
سوريا ترسل طيارين لقصف مواقع الثوار في ليبيا ويصرح المعلم بعدم التدخل وجنرالات الجزائر يحشدون اكثر من سبعة الاف جندي على الحدود الليبية الجزائرية ويتركو الصحراء مفتوحة للمرتزقة والحكومات العربية تتراخى بقراراتها وترفض التدخل الاجنبي، بانتظار ان يموت الجميع ويحسم الدكتاتور القذافي الامر على ارضه، اما الجامعة العربية فوجودها اقبح من عدمه في صيانة حق الشعوب العربية وهي مؤسسة منخورة بممثلين عن حكومات تقمع شعوبها، ولم يكن لها دور ايجابي في كل الكوارث والازمات التي تعرضت لها الشعوب العربية ولم تجرأ حتى على اتخاذ قرارالتجميد البائس لارصدة القذافي وعائلته.
اما الامم المتحدة ومجلس الامن وكل مؤسساتها فهي تعاني الترهل وتعتمد مبدأ استنزاف الوقت بالوفود ولجان تقصي حقائق وحوارات ووسائل عديدة مفضوحة لكسب الوقت من اجل عدم اتخاذ قرار حاسم ايضا، حتى يصبح الوقت متأخرا لاحاجة للشعوب المظلومة لمساعداتها سوى حفر ابار ماء وبناء خيم ومكافحة الاوبئة الناتجة عن الحروب ومعسكرات لجوء هي اشبه بمعسكرات اعتقال جماعي خوفا من هبات اللاجئين وانتشار امراضهم المعدية وايضا خوف زحفهم للجوء الى الدول الغربية وهي علة الغرب التي يعيها القذافي ونظامه العائلي المتخلف جيدا، ليس لديهم الا الخروج ببيانات استعراضية لرفع العتب وتحليل الرواتب العالية والامتيازات التي يتمتعون بها والسبب الاول والاساس هوايضا ان ممثلي هذه الشعوب مفروضين من قبل دولهم القامعة حتى وان كانت لجان حقوق الانسان العالمية، وان لكل دولة قرار النقض او الرفض او الاعتراض انما تدخل منذ اللحظة الاولى في حسابات الربح والخسارة والمساومة في اتخاذ اي موقف قد يعرض نظامها نفسه ومصالحه للخطر كما هي اعتراضات الصين وتركيا وروسيا والجزائربخصوص احتمال فرض حظر جوي على سماء ليبيا.
في ظل هذه الوقائع و الحسابات الحاسمة والاساسية البديهية يتوجب معرفة ان لاحق يستحصل من دكتاتور او نظام قمعي وممثليه. وهو كما الامر بأن ترجو شروق الشمس في ليل مدلهم.
ان تجربة الثورة الفلسطينية افضل شاهد على تلك الحقيقة فهي ممزقة عبر ايديولجيات خائبة ارتمى من خلالها من اسموا انفسهم ثوار ويساريين وحتى اسلاميين وقوميين وقطريين رموا انفسهم في احضان الحكام العرب وغير العرب من القذافي وصدام حسين وايران والسعودية وقطر. اما تجربة البوليزاريو في الارتماء في حضن الجزائر والاخرين في حضن موريتانيا والبعض القليل في احضان المغرب، والمعارضة العراقية فلم يسلموا من حلاوة الارتماء في احضان الكثير من الدول وما يجري الان في العراق هو ايفاء ديون ذلك الارتماء في استمرارية الصراع على السلطة وتخريجات الحروب الطائفية والمناطقية وبعث الدكتاتورية من جديد تحت مسمى الديمقراطية، ولاضرورة لسرد نفس الحال في لبنان حيث ارتماء بعض الاحزاب في الحضن السوري العفن او الخليجي او السعودي ومصر حسني مبارك وابشع الارتماء هو في الحضن الايراني الجشع للسيطرة على الرجل العربي المريض.
الكثير من تلك الفصائل والمجموعات بقياداتها الخائبة اتكأت على اموال ودعم القتلة الذين بدأوا ينهارون كل يوم واحدا بعد الاخر. فلقد بدأت صحوة الشعوب وطفح كيل الاحساس بالظلم وما اطول صبر العرب على الظلم بالقياس الى الشعوب الاخرى وهذا لوحده بحاجة لدراسة ولكن ان تأتي الثورات متأخرة افضل من ان لاتأت والا فهذا يعني موت تلك الشعوب كما هو الحال في دكتاتورية الاسد وجنرالات بوتفليقة وغيرهم.
الان الشعب الليبي يحمل السلاح ضد ابشع دكتاتورية بعد صدام حسين حيث وصلت رياح التغيير القادمة من تونس ومصر وعلى الثوار الليبيين عدم انتظار وتوسل الامم المتحدة ومجلس الامن ولا امريكا بالذات وبكل الاحوال عدم انتظار مضيعة الوقت مع الجامعة العربية فلن تاتي منهم الا هموم اكتشاف المرة الالف بأنهم لااشقاء ولا اصدقاء ولا نخوة وقت الشدة تنتظر منهم. وليعتمد الشعب الليبي المناضل على طاقاته العظيمة فقط ولاغير، فأن للشعوب قوة لاتقهر مهما طال الزمن.
- آخر تحديث :
التعليقات