الانتفاضة السورية على الواقع السياسي والأمني والمعيشي. السوريون يواجهون الآن خيارهم الذي طالما تحدثنا عنه من قبل، وهو إما النظام والفساد والقمع والفقر وإما استمرار ثورتهم، لأن خيار النظام واضح منذ لحظة تأسيسه 1970 على يد الرئيس الراحل حافظ الأسد واستمرت مسيرته مع نجله الرئيس بشار الأسد، الخيار واضح إما استمرار النظام أو الدم لا خيار آخر طرحه النظام مطلقا، النظام السياسي السوري لم يعد بحاجة لمن يتحدث عن قضايا أخرى وتحليلات لطبيعة النظام القائم وطبيعة السلطة القائمة، ولا أظن أن الدم السوري الذي أهدرته أجهزة القمع السلطوية بات يحتاج إلى براهين وحكايا، وتحفات أدونيسية أو خلافه، دعونا نتخلص من هذا الرياء، النظام كما تحبون ليس طائفيا، وهو نظام مقاوم وممانع- رغم أن إسرائيل هي من حمته وتحميه من الضغط الدولي- لكنه أهدر الدم السوري، ألا تكفي هذه؟ ألا تكفي لكي نتعرف من خلال هذا الدم في درعا ودوما وحمص واللاذقية والقامشلي، على طبيعة هذا النظام؟ لا أعرف من أين يستقي مثقفينا كل هذا اللغو؟ إصلاح وإسلام سياسي وشعب متخلف ويستشهدون بالعراق!! كل هذه اللغونات، لا تبيح لهم استرخاص الدم السوري، ولا تبيح لهم مطلقا أن يستمروا في ارتداء الأقنعة، ليكشفوا نهائيا عن وجوههم، فالشعب السوري أظهر ولاءه لبلده وأظهر لا عنفيته وتسامحه، فمن لم يرفع البندقية بوجه قاتله لن يرفعها بوجه منظري هذا القاتل، منظري استمراره بالقتل!! وتحت مسميات لم تعد تعني المواطن السوري الذي يرى دمه في الشوارع. هذا المواطن الذي رفع صورة الهلال والصليب في قلب الجامع الأموي، والذي هتف لا سنية ولا علوية بدنا حرية، لا يحتاج لمن ينظر عليه بألا يكون طائفيا!! أو من يقول له، أنه يشكل خطرا على مستقبل سورية.

إنها صرخة أمام هذا الذي أقرأه وأسمعه وأشاهده في الإعلام، إنه دفاع صريح عن نظام يقتل شعبه دون أن يرف له جفن، نحن لا نتحدث عن اعتقالات هذه باتت قضية سهلة أمام إراقة الدم التي تحدث.. ليعتقل أهالي درعا كلهم وليعتقل أهالي اللاذقية والقامشلي وحمص وبانياس..ليعتقل أهالي دوما، أليس أسهل بكثير من رميهم بالرصاص الحي!!؟ حتى أنه لم يستخدم الرصاص المطاطي كما تفعل إسرائيل مع العرب في فلسطين، بل يستخدم الرصاص الحي..هو من يحدد الآن أنه في معركة مصيرية مع المجتمع، وهو من يحاول أن يفرض على المجتمع استخدام العنف، لكن المجتمع السوري لن يفعل، ليس لأنه مايزال خائفا بل لأنه ينتمي لهذا البلد ويريده عامرا بالتعايش والحرية والكرامة والقانون. لاتزال المشكلة عند أدونيس مثلا هي في الإسلام والمسلمين، وليس في الأنظمة وخاصة النظام السوري!! ينصب نفسه مدافعا عن الأقباط في مصر، لأن الثورة لم تنصفهم وهذا غير حقيقي بالطبع، لأن الدستور المصري الجديد قد حقق لهم غالبية مطالبهم، مع ذلك نشكره على هذا الحرص على أقباطنا، ولكن دماء السوريين أين ذهبت في مصنفاته الشعرية؟

كنت بصدد كتابة مقال تحليلي لما كتبه أدونيس في مقاله الأخير المنشور بصحيفة الحياة وعنوانهquot;في ضوء اللحظة السوريةquot; لكنني بعد أن كتبت ماكتبت من المقال وجدت من المناسب ألا استمر في كتابته بعد شهداء دوما!! أدونيس لن يتغير، من لا يغيره دم مواطنه السوري لن يغيره مقال نقدي من كاتب مغمور مثلي!

فشكرا أدونيس... وشكرا لكل من يتنادى من أجل إصلاح النظام، لكي يستمر الدم السوري في شوارع المدن، لأن الشباب السوري قد أعلن أنه لن يتنازل بعد اليوم عن حريته..فلا كلام نقدي بعد الدم.