تلك هى الكلمات التى قالها السيد عمر سليمان نائب رئيس الجمهورية السابق قبل أيام من تنحى مبارك.

و الحقيقة أن احداً لم يتوقف عند هذة الكلمات لا في وقتها و لا طوال الفترة الماضية، فماذا كان يعنى السيد عمر سليمان بالانقلاب ! انقلاب من على من ؟

تعالوا معاً نراجع سيناريو الأحداث منذ 10 فبراير و حتى الأمس :

1-فى العاشر من فبراير خرج علينا بيان غريب ndash; فى هذا التوقيت طبعاً اما الان فالبيانات العسكرية أصبحت بكثافة الاعلانات ndash; يقول أن المجلس فى حالة انعقاد دائم لحفظ سلامة الوطن و أشياء من هذا القبيل.

2-مساء نفس اليوم خرج علينا مبارك ليتحدث عن نفسه لمدة نصف ساعة فى خطاب تم تقطيعه بطريقة غير احترافية و يعلن تفويض صلاحياته لنائبه مما أثار الجموع الغاضبة أكثر و قرت التوجه الى القصر الجمهورى كنوع من أنواع التصعيد بعد البرود الذى قابلهم به خطاب مبارك.

3- منذ صباح الجمعة 11 فبراير توافد الالاف الى مصر الجديدة حيث قصر الرئيس و استمر ميدان التحرير يعج بملايين المصريين الذين قرروا استمرار التظاهر رغم حالة الاحباط التى انتابت معظمهم من تمسك مبارك بالسلطة.

4- فى السادسة من مساء نفس اليوم خرج علينا عمر سليمان ببيان مقتضب و هو متجهم الوجه يعلن أن الرئيس قرر التخلى عن السلطة و فوض ndash;بعد أن تخلى عن السلطة و هو أمر لا أفهمه ndash; المجلس الأعلى للقوات المسلحة لادارة شئون البلاد و بعدها اندفع عشرات الملايين من المصريين الى الشارع فرحاً برحيل الطاغية بعد أن حكم مصر 30 عاماً.

5-منذ اليوم التالى بدأ الجميع ndash; و أنا واحد منهم- يشعرون أن الجيش المصرى قد أنقذ الثورة بتدخله فى الوقت المناسب و انحيازه للشعب المصرى على حساب انحيازه لمبارك و الذى كان واضحاً فى اوئل أيام الثورة عندما اجتمع مبارك مع المجلس الأعلى للقوات المسلحة فى غرفة عمليات هدفها هو اجهاض الثورة و هنا لابد من الفصل بين جنود القوات المسلحة و ضباطها البواسل ndash; الذين هم و لا خلاف أبناء و حماة هذا الوطن ndash; و بين المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذى تلقى اعضائه فرقهم و تدريباتهم بالولايات المتحدة الأمريكية و يدينون بالولاء الكامل لمبارك و حكمه و نظامه الذى كانوا هم فيه أكثر من ملوك.

6-مرت الأيام و فاجئنا المجلس الأعلى بالاحتفاظ بحكومة شفيق المعينة من قبل الرئيس مبارك و لم يقيل المجلس حكومة شفيق الا بعد أن أصبح الأمر لا يمكن السكوت عليه و فقد شفيق كل أسهمه بعد أن ظهر بمظهر الذى لا يعلم شيئاً أمام الرأى العام.

7- اتخذ المجلس الأعلى قرارات بطيئة جداً بتجميد حسابات الرئيس و أسرته و كل اتباعه ndash; نعم كل اتباعه ndash; فعز و جرانة و المغربى ليسوا من رجال مبارك بل هو نفسه قد استخدمهم ككباش فداء لتهدئة الرأى العام مع اندلاع الثورة اما رجال مبارك الحقيقين فهم ينعمون برغد العيش و بالطبع قاموا بتهريب كل أموالهم بل و القضاء على كل ما كان يدينهم من مستدات ndash; لو وجدت مستندات كتلك اصلاً- بالاضافة الى استمرار زكريا عزمى فى عمله لمدة أكثر من شهر بعد رحيل مبارك و هى فترة كافية للقضاء على اى دليل مادى او حتى معنوى و لم يستح فتحى سرور ففعل ما شاء و خرج علينا قائلاً فيما معناه أنه مفجر ثورة 25 ينيار و أنه قلباً و قالبأً مع الشباب و الثورة ببجاحة أحسده عليها و كانت حجة المجلس الأعلى انه لا يمكن القبض عليهم دون دلائل و تحقيقات و كأن الفساد المالى هو نوع الفساد الوحيد الذى يحاكم المسئولين عنه اما الفساد السياسى و افساد الحياة السياسية و تزوير ارادة الناخبين و تفصيل الدستور و غيرها من التهم التى لا تحتاج الى دلائل او الى تحقيقات فهى غير واردة فى قاموس المجلس الأعلى و لا يعيرها اهتماماً.

8- أعلن المجلس الأعلى عن استفتاء على التعديلات الدستورية و تمت الموافقة عليه ثم ضرب عرض الحائط بنتيجة الاستفتاء ليخرج علينا باعلان دستورى مكون من 62 مادة و لا أحد يفهم و لا أحد يهتم أن يشرح.

9- لا يمكننى أن أفهم الصعود الغريب للاسلاميين و افساح الساحة لهم من قبل المجلس الأعلى دون اى رد ndash; و لو صورى- على تصريحاتهم المستفزة للبعض و المرعبة للبعض الاخر و كأن هذة هى الحرية التى تبغونها.

10-بالأمس جاءت حادثة استاد القاهرة و الغياب الأمنى المتعمد عن مباراة كبيرة و مهمة لتؤكد أن هناك أياد خفية تسعى الى توصيل رسالة مفادها ( الحرية = الفوضى و غياب الرادع).

قد يخرج علينا قائل أن الجيش المصرى رائع ووطنى و الدليل ليبيا و لكن لابد أن نعرف أن الجيش الليبى مختلف فى طبيعة تكوينه عن الجيش المصرى و أنه حتى لو قرر المجلس العسكرى ضرب المصريين فان الجنود و الضباط لن ينفذوا الأمر ابداً ولذلك فان المجلس العسكرى و من ورائه يديرون اللعبة بطريق جديدة و هى التظاهر بحماية الثورة من جانب و اللعب بشعار الشعب و الجيش يد واحدة بينما اليد الثانية تلتف حول عنق الثورة و تحاول خنقها.

ما أشعر به أن ما يحدث حالياً هو الانقلاب الذى وعد به السيد عمر سليمان فالفوضى ستجتاح و عندها يظهر مرشح من الجيش للرئاسة يلتف حوله الناس ( الخائفون و الراغبون فى عودة الأمان الى الشارع ) و يغذى الاعلام المأجور نظرية المستبد العادل و هو ما معناه أن الشعب غير مؤهل الا للحكم بيد من حديد حتى لا يجتاح الاسلاميون البلاد او يسيطر عليها البلطجية و الرعاع و مع استمرار سياسة التخويف تبدو فرص هذا المرشح أقرب للنجاح فى انتخابات شبه نزيهة و عندها يعاد صياغة مبارك جديد و تستمر شلة المنتفعين فى نهب البلاد مع احداث اصلاحات ndash; اقتصادية لا سياسية وهو ما يهم الأغلبية من الشعب-و تدور العجلة و يعود المطالبون بالديموقراطية و الحرية الى أقلية كما كانوا قبل 25 يناير.

أدعو الله عز وجل أن يجعل ظنى مخطئاً و أن يفسد مخطط هؤلاء اذا كان صحيحاً و أن يحفظ مصر من كل من أراد بها أو بأهلها سوء.