الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية فهو أول ثمار الديمقراطية الحقيقية بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير، لكن أن يذهب الخلاف بعيدا ويصل إلى طريق مسدود وتسود حالة من الانقسام بين عدد من القوى السياسية وشباب الثورة، فهذا مؤشر خطير لابد من تداركه في هذه المرحلة الحرجة في تاريخ مصر، فالعالم كله عيونه على مصر يراقب ما يحدث لحظة بلحظة، ومدى قدرة المصريين على تحقيق أهداف الثورة بعيدا عن المصالح الخاصة.
كان اجتماع laquo;التحالف الوطني من أجل مصرraquo;، الذي عقد بمقر حزب laquo;الحرية والعدالةraquo;، التابع للإخوان المسلمين قد شهد خلافات بين أعضائه، حول قضية الدستور أولاً، أم الانتخابات، والمثير للدهشة والسخرية إعلان كل من حزب الوفد والحرية والعدالة تحالفهما في الانتخابات البرلمانية المقبلة مع مجموعة من الأحزاب الصغيرة التي وصل عددها إلى نحو أربعة عشر حزبا، وهو تحالف أعاد إلى الأذهان تحالف الطرفين في انتخابات مجلس الشعب عام أربعة وثمانين، وفازا بأكبر تكتل معارض داخل البرلمان، وتحالف الوفد والأخوان هذه المرة يدعم ما يخشاه المصريون من وجود توافق بين الجيش والإخوان على اقتسام السلطة والإيحاء للمصريين أن هناك توافقا في الآراء بين الإخوان كجماعة دينية والوفد كحزب ذي توجهات ليبرالية.
وحيث إن المجلس العسكري يمارس سلطة الحكم، ويدير شئون البلاد، على الرغم من تأكيده على انه لا يريد الاستمرار ويسعي إلي تسليم القيادة إلي سلطة مدنية منتخبة فليس له أن يترك التفاعلات السياسية حزبيا وشعبيا دون تدخل، ويتعمد عدم إبداء الرأي وعدم إقصاء أي طرف لمصلحة طرف أخر، وهو بذلك يحظى بكل الإعجاب والتقدير.. فانه من وجهة قوى سياسية أخرى، مطالب بالتدخل لحسم قضايا أساسية ومصيرية مطروحة الآن علي الساحة، ويدور حولها النقاش وفي المقدمة قضية الدستور أولا أم الانتخابات؟ وهي قضية لابد أن يتوافق عليها الجميع من اجل لبناء مستقبل مصر، والتفرغ لمشروع نهضة شامل، طال انتظاره، إنني أناشد المجلس الأعلى أن يصدر قراره في هذه القضية، وإذا كان المجلس الأعلى يقول إنه يحترم نتيجة الاستفتاء فعليه أن يلتقي القوى السياسية، ويقوم بعمل استطلاع ليعرف أراء الناس.
ومسئولية المجلس العسكري أيضا تتطلب ضبط الإعلام المنفلت، وتعديل مساره، بعد أن اختلط الحابل بالنابل، فهذا جو لا يمكن فيه استكمال البناء الديمقراطي،وتشكيل مجلس وطني للإعلام من عدد من المشهود لهم بالكفاءة، لمتابعة ما ينشر ويذاع من اجل حماية مكتسبات الثورة وتحقيق أهدافها حتى تجتاز مصر المرحلة الانتقالية وتصل إلى بر الأمان.
إعلامي مصري
- آخر تحديث :
التعليقات