يبدوا إن التصريحات الأخيرة لرئيس مجلس النواب العراقي أسامة النجيفي حول تشكيل الإقليم السني خلال زيارته الأخيرة إلى الولايات المتحدة الأمريكية, قد أشعل فتيلة الصراع الخفي الذي كان يدور خلف الكواليس بين الكتل السياسية بخصوص مستقبل النظام الفيدرالي لا سيما بعدما أعطى الدستور العراقي حق تشكيل الأقاليم على اساس جغرافي ولم يعطي حق تشكيل الأقاليم على أساس قومي ومذهبي..

حقيقة هنالك جملة من أسئلة مازالت تنتظر الأجوبة بعد ما لقى تصريح النجيفي ردود أفعال متفاوتة ما بين رفض لهذا التصريح ومابين مؤيدا بحذر لها.
والأسئلة هي: النظام الجديد في العراق هل ستقوم على أساس الفيدرالية أم نظام اللامركزية؟..الم يحن الوقت لكي نعيد النظر في تداعيات تطبيق هذا النظام؟..هل نجحت الفيدرالية في حل الخلاف السياسي؟..وهل حان الوقت لكي تراجع الحكومة المركزية سياساتها تجاه المحافظات؟.

هنالك تصور لدى المتابعين للشأن العراقي بأن أمريكا سوف تقسم العراق إلى ثلاث أقاليم..وهذا ما يدور في أذهان العراقيين والكل يعتقد بأن الأوضاع السياسية الراهنة في البلاد يتوجه إلى هذا المنظور..لان القوى العظمى بعدما أثبتت هيمنتها على العالم بدأت بكتابة سيناريوهات وخرائط جديدة لدول كنا نتصورها سابقا خيالية لكن مع مرور الزمن بدأت الصورة تكون اكثر وضوحا والخيال تحول الى حقيقة ومشروع تقسيم العراق هي إحدى هذه السيناريوهات التي على ما يرى فأنها تأجلت بعض الشيء قد يكون لأخطاء تقنية ارتكبتها الجانب الأمريكي.

لكن من غير المعقول بأن الذين كانوا يريدون إدراج الفيدرالية ضمن الدستور العراقي أصبحوا اليوم أكثر من الذين يعرضون هذا النظام ويوجهون صوب أسهمهم ضمن الإعلام الى مؤيدي مشروع انشاء اقاليم بعدما كثرت الاصوات التي تريد من الحكومة المركزية بتعامل اكثر مرونة بخصوص الصلاحيات الممنوحة للحكومات المحلية في المحافظات..
كما تعلمون نجاح اية نظام سياسي في العراق مرهون بنجاح العملية الديمقراطية فيه..في ظل المجريات العلمية السياسية السائدة فأن النظام الديمقراطي ومن خلال التراشق الاعلامي والنزعات الحزبية من اجل السيطرة على هرم السلطة اثبت بأنها مقبل على مرحلة حرجة قد تفشل هذا النظام وبالتالي فالتوقعات تصب في حقل التشائم.
لذا من الغير الصائب ان ندخل في حيثيات نقاش لا مبرر له وقد يبعدنا عن غايتنا الحقيقية في تأسيس دولة تقوم على اساس المؤسسات المستقلة,,ومن الصعب لدولة مثل العراق أسست على شكل سلطة مركزية مطلقة أن نجعله في ليلة وضحاها دولة ذات نظام الفيدرالي او اللامركزية وما يشبه..

الأنظمة التي تقوم على اسس مصالح قومية او فئوية او مذهبية فأن الفشل تكون مصيرها..
المطلوب الكل يجب ان يقبل اخر كمكون اساسي لا يمكن تهميشه..الكل يجب ان يتقبل الحكم الشمولي أي مشاركة فعالة للجميع في الحكم..الكل يجب أن يكون له بصمة واضحة في مركز القرار السياسي..الكل يأخذ حقوقه المشروعة ضمن الدستور الذي من المفروض ان يغير بعض بنوده بحيث ان يأخذ رضى الجميع.

اذا استطاعت الكتل السياسية أن تحقق هذه الخطوات بعدها تحق لها الدخول في النقاشات حول مستقبل النظام السياسي في العراق عكس هذا فأن الخلاف المزمن الذي يسود الحركة السياسية سوف يستمر وله عواقب وخيمة والمتضرر الوحيد يكون هو الشعب..والشعب لا حول لاقوة له سوى الانتظار الى ان ينفرج هذه الأزمة من حالها..