عندما انطلقت الثورة السورية من درعا 15.03.2011، كانت شعاراتها، تبدأ بشعارينquot; سلمية..سلميةquot; وquot; الشعب السوري واحدquot; ثم تولدت شعارات أخرى من هذين الشعارين- البرنامج-. هذان الشعاران يكثفان برنامج الثورة لمستقبل سورية، بعد شعارها الأساسquot; الشعب يريد إسقاط النظامquot; واستمرت الانتفاضة السورية متمسكة بهذا البرنامج ولاتزال، رغم كل محاولات النظام جرها إلى ما يسميه هو العنف والطائفية، وعلى أساس أن النظام- العصابة، ليس عنفيا وليس طائفيا، هنا كان المطب الذي وقعت فيه كثير من الأقلام السورية، وكثر ممن يحسبون على أوساط المعارضة، حيث بدأ منهم من يحاول أن يعطي النصح للانتفاضة وشبابها، بأن يبتعدوا عن العنف، وألا ينجروا للطائفية، والأغرب من كل هذا، أن هنالك من يحاول تسقط الأخبار التي ينشرها النظام هنا وهناك عن أعمال مسلحة، أو عن طائفية تسم هذا التحرك الشبابي أو ذاك في هذه المدينة أو تلك، وتبدأ بعدها نقاشات وحوارات حول هذا الموضوع، وغالبيتنا بالطبع لا يشارك قيد أنملة بهذه الثورة التي سيسجلها التاريخ، من أكثر من زاوية، لكن الزاوية الأهم هيquot; حجم التواطؤ الذي يمارسه العالم على شعبنا من جهة، ومعرفة هذا الشعب به، ومن جهة أخرى اصراره على حريته بشكل سلمي ومدني رغم كل هذا الدم وهذه الجريمةquot; إنها بامتياز أهم ثورة ليبرالية منذ الثورة الفرنسية، لأسباب سنعالجها في مقال لاحق، لكن أهم سبب فيها أنه لم تشهد البشرية شعبا يذهب كل أسبوع للموت من أجل حريته، ويعرف بالضبط ما يواجه، ومطلبه واضح في الحرية والكرامة، بعد مرور أكثر من أربعة أشهر، مدن تدك وتحاصر وشهداء بالألوف ومعتقلين بعشرات الألوف، رغم إدراك هذا الشعب بحجم النفاق الدولي والإقليمي وحتى الداخلي السوري عند بعض فعاليات الأقليات وتجار وعلماء دين، ونظام فاجر قلما عرف التاريخ مثل فجور هذا النظام- العصابة، لهذا هي ثورة تواجه العالم حيث صورته العار مطلقا.
يتسقط بعض معارضة ومثاقفة أخبار تشير إلى أن هنالك ظواهر مسلحة أو طائفية من هنا وهناك، ودخلت على الخط صحافة لبنانية منحطة، رغم أن الجهة الوحيدة التي اصدرت أن هذه العصابة تواجه حملات مسلحة هي جارتنا إسرائيل، مع ذلك تجد الفيسبوك يشتعل يوميا بتسقط مثل هذه الأخبار ويلتقطها من أوساط السلطة القاتلة، في هذه النقاشات تضيع المسافة بين القاتل وبين الضحية، وكلهم مدعي ثقافة وعلمانية وتحررية وسلمية، لكنهم لا يشاركون الثورة أي عمل ولا من أي نوع كان!!
ولأن الوضع السوري قد لغمه النظام طائفيا، اصبحت في سورية نكتة أسمها العلمانية، بحيث أن كل من هو ليس مسلما سنيا هو علماني، وكل مواطن منحدر من أصل مسلم سني هو لا علماني!!! وهذا ابشع تواطؤ داخلي سوري يمارسه مثقفوا هذه العلمانية المزيفة، وهم تحت جلودهم طائفيون حتى نقي عظامهم. رغم أن تاريخ سورية يشهد بغير ذلك منذ أيام معاوية. وهو تاريخ لم تحكمه سوى دول لا دنيوية، ولا طائفية ما خلا بعض ممارسات الاحتلال العثماني في بعض فصوله ومدنه.
والعار الدولي يساعد على تسويق مثل هذه القلة من الضمير، لأن مدللته إسرائيل تريد استمرار العصابة في الحكم.
السلمية واللاطائفية هي سلوك جسده الشباب السوري بدمه، ومن يريد الوقوف مع هذا الشباب عليه، أن يثق بأن بعض الظواهر الفردية التي تأتي كردة فعل لا يجب مطلقا أن تنحرف بالأمور للمساواة بين القاتل والضحية، وهذه الثقة لا تمنع المساءلة والنقدية بالطبع، لكن علينا ألا نلغمها، بمسبقاتنا التي أفرجت فيها الثورة عن إفلاس هذه المسبقات الأيديولوجية والقيمية، التي كنا نغلفها بقمع النظام، حيث أظهرت هذه الثورة أن الروح الليبرالية الحقيقية والعملية موجودة لدى الشعب بعكس النظام وعكس القسم الغالب من معارضته ومؤتمراتها.
حمص عاشت وتعيش أكبر جريمة الآن، فالنظام أراد اختبار أسوأ وأحقر ما عنده من أساليب من أجل تفخيخ الانتفاضة السورية، وعجز عن ذلك لكن المتثاقفين يريدون مساعدته عبر تمرير مثل هذه النقديات المشبوهة، والتي حاول تعزيزها إعلام لبناني مشاهد ومقروء لكنه مع المجرم ضد الضحية، كجريدة الأخبار وبعض محرري السفير وفضائيات الطائفية العونية، والمرتزقة ومخبري ضباط الأمن السوري كثر ولا يحصون في لبنان، وصحافياتهم الجميلات!!
على فرض أن هنالك ردة فعل خرجت من هذا الشاب أو ذاك أو من هذه المجموعة أو تلك، ردة فعل على هذه الهمجية الأسدية، فهل تناقش بأنها الثورة وملمحها الأساس؟
إن أية ظاهرة عنف وإن خرجت فهي تخرج من الشباب المنشق عن الجيش نفسه، لما يشاهده ويعرفه من حجم ما يقوم النظام من ممارسته من بشاعة مطلقة.
أريحونا من هذه التخرصات، أو لا تريحونا هذا شأنكم، لكن المياه لا يحملها غربال..|
غسان المفلح
- آخر تحديث :
التعليقات