بعد صدور بيان مجلس التعاون الخليجي الذي يعتبر أول صوت رسمي عربي خاصة بعد موقف الشعب الكويتي الذي حاول أن يطرد سفير آل الأسد من الكويت، يطالب بوقف العنف، خرج وليد المعلم وزير خارجية آل الأسد، بلقاءه مع سفراء الدول الموجودين في دمشق، ليقول للعالمquot; أن المعارضة هي من تتحمل المسؤولية لأنها لا تريد الحوارquot; أولا أول مرة في تاريخ هذه العصابة تقول أن المعارضة تريد كذا ولا تريد كذا، إنه موقف فرضه شباب الانتفاضة بدمهم، وهذا اعتراف من السيد المعلم، أن هنالك طرف آخر في البلاد، وهذا الطرف الذي نكلوا به على قدر ما يستطيعون سبيلا.

المعلم يدرك أنه في هذه الظروف قد تحول، إلى وظيفة جديدة فقط وهي التغطية على الجريمة التي يقوم بها اسياده بحق شعبنا، والاعتماد على ذكاءه وخبرته في تسويف العالم الخارجي وتضليله، من خلال دور الحمامة الذي لا يليق بالسيد المعلم، لسبب بسيط جدا، وهو أنه لايمكن أن يدخل ضمن تصنيف الحمائم والصقور، ولأنه خارج الحلقة التي تقوم بتقرير نوع المجازر وتخطط لما بعد هذه المجازر. وهنا لا اتحدث عن وليد المعلم بصفته الشخصية، وليس من أجل التعرض للرجل، بل لكي نقولquot; أن هذه العصابة الغت كل دور خارج حلقتها الضيقة بما هي حلقة عائلية تحديدا. وإذا أراد المعلم معرفة موقف المعارضة من الحوار أو خلافه، لماذا لا يذهب إلى السجن ويقابل المعارض السوري جورج صبرا أو نذير الصيفي أو المناضل نجاتي طيارة؟ ليذهب للسجن ويرى موقفهم، فعن أي معارضة يتحدث المعلم إذن؟

الغرب يعرف ماذا يقول المعلم، والعالم كله أيضا، وعندما يريد الغرب تصوير الأمر أنه صدقه يفعل ذلك ببساطة، ودون أن يرف له جفن، لكن كل دول العالم باتت تعرف ماذا يجري في سورية على أرض الواقع، وتعرف أنها ثورة من أجل الحرية وإقامة نظام ديمقراطي، هل هذه القضية التي تعبر عنها ثورتنا، بحاجة فعلا لطرح قضية التمثيل السياسي وبالتالي قضية البديل عن هذه العصابة؟

إن المتتبع لهذه القضية المثارة من قبل الإعلام الغربي ومن قبل كل إعلام مناصر لهذه العصابة، وكل صوت يريد حرف الانظار عن واقع الجريمة وأن هذه العصابة، لا يمكن لها أن تستمر في السيطرة المافيوزية على مصير السوريين، لكن الرأي العام يريد تبريرا لهذا الصمت وهذا التواطؤ الدولي مع هذه العصابة، فتطرح قضية البديل، قبل أن يحصل ما يحصل في ليبيا، وقبل أن يأخذ الغرب قرارا بالتدخل العسكري بالطبع، كانت نفس النغمة تواجه المعارضة الليبية في الخارج، أين البديل عن القذافي!؟ نفس السؤال، وهذا ما عبر عنه الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، وأكثر من مسؤول غربي أنهم لا يرون البديل عن القذافي لهذا هم يتعاملون معه. رغم أنه لم يضف إلى المجلس الانتقالي الليبي الذي تشكل بعد بدء الثورة الليبية من خارج نفس المعارضة القديمة، سوى تلقيح هذا المجلس بأشخاص انشقوا عن نظام القذافي. ولم تعد هنالك مشكلة بديل، ولم تعد هنالك مشكلة تمثيل سياسي للمعارضة الليبية.إن المعارضة السورية بكل تنوعها، انتجت تمثيلات سياسية متعددة ولكن من يقرأ بيانات هذه التمثيلات ومؤتمراتها، لا يجد فارقا في الخطاب:

سلمية الثورة ولا طائفيتها ولا عنفيتها ولا للتدخل العسكري الخارجي،ومطلبها واحد هو إزالة نظام الاستبداد والانتقال إلى دولة ديمقراطية كبقية دول العالم، أليست هذه كلها اطروحات لجان التنسيق المحلية واتحاد التنسيقيات وإعلان دمشق، مؤتمر انطاليا ومؤتمر السميراميس الأول ومؤتمر بروكسل ومؤتمر الانقاذ السوري في استنبول، الا تعتبر هذه جميعا تمثيلا حقيقيا بالمعنى السياسي، ونواة واضحة المعالم لبديل سياسي متنوع وثري، وتحسم الأمور بين هذه التيارات صناديق الاقتراع، لهذا التمثيل السياسي للمطلب الديمقراطي للشباب السوري المنتفض موجود وموجود بكثرة، لكن ما هو غير موجود في الواقع، هو أن إسرائيل لم تتخلى بعد نظام العصابة الأسدية ومعها هذا العالم...هذا الأمر ببساطة، وعندما تتخلى إسرائيل عن هذه العصابة، سيرفع الغرب والروس الغطاء نهائيا عن العصابة الحاكمة. هنا جوهر القضية.

وفي النهاية الغرب أكثر من يدرك عندما يدعم نظام ديمقراطي أنه إنما يدعم التنوع ولا يدعم بديلا شخصيا أو مؤسسيا حزبيا واحدا حتى، فهو يدعم كل التيارت التي تتبنى الدولة الديمقراطية، ولكن المساحة الميتة من الضمير الغربي تجاه سورية تجعلهم يهللون ويطبلون بمشكلة أن هنالك أزمة بديل.، وفي هذه القضية أود الإشارة إلى الموقف البرازيلي الذي ساوى بين الجلاد والضحية، ورفض قرار إدانة واضح ضد النظام، يتساءل بعضنا عن سبب هذا الموقف؟ الجواب ببساطة يعود للوبيات المسيحية من الاصول اللبنانية والسورية القوية في البرازيل والتي تقف مع هذه العصابة.
لهذا أمراض المعارضة السورية لا تختلف كثيرا عن أمراض أية معارضة أخرى في العالم، ولهذا يجب ألا تترك هذه المعارضة للغرب وغيره أن يجرها إلى ساحة انشغال الغرب نفسه يعرف أنها فقط مجرد تبرير لا أكثر ولا أقل..كقضية الخوف من حرب أهلية.