الحرب الأهلية هي الحرب الداخلية في بلد ما التي يكون أطرافها جماعات مختلفة من السكان. كل فرد فيها يرى في عدوه وفي من يريد أن يبقى على الحياد خائنا لا يمكن التعايش معه ولا العمل معه في نفس الأرض السياسية( بلد واحد كلبنان أو بلدان كرواندا وبورندي وربما أكثر). ولكن بتعدد وتنوع الأسباب المقدمة لنشوء الحروب الاهلية يبقى الحل الأكثر نجاعة لها على مدى العصور التفاوض السلمي. يكون الهدف لدى الأطراف السيطرة على مقاليد الأمور وممارسة السيادة. أما أسباب الحرب، فقد تكون سياسية أو طبقية أودينية أوعرقية أو إقليمية أو مزيج من هذه العوامل. و يعتبر اللجوء إلى الحرب الأهلية حالة قصوى من حالات حق دفع الظلم والثورة على حكومة أو فئة حاكمة أخلت بحقوق الشعوب والمواطن، كما جاء في دستور الثورة الفرنسية الصادر عام1793، أو بموجب مبادئ حق الشعوب في تقرير مصيرها المتضمن في ميثاق الأمم المتحدة.

منذ أن دخلت الانتفاضة السورية خط اللاعودة، وأنت كلما التقيت بمسؤول أوروبي أو أمريكي أو حتى عربي، لتسأل عن مواقفهم المخزية والتي شاهدت الشعب السوري يذبح على مدار أشهر بشكل يومي ألوف القتلى وعشرات ألوف المعتقلين ومدن تقطع عنها أسباب العيش وتحاصر وتقطع أحياءها، يشهر بوجهك أنهم يخافون من حرب أهلية في سورية، ومنهم من يكون أكثر وقاحة أحيانا، ويسألك عن مصير المسيحيين في سورية، ومنهم من يكون أقل تهذيبا وأكثر صدقا مع نفسه، فيسألك سؤالين الأولquot; ماذا أنتم فاعلون كمعارضة لتلافي حدوث حرب أهلية، خاصة وأن النظام سيبقى مستمرا بالقتل مالم تتوقف التظاهرات والاحتجاجات؟ والثانيquot; ما موقف المعارضة السورية من إسرائيل والسلام معها؟ دامجا ما يمكن لنا تسميته بالهواجس الغربية كما يقولون! وخوفها من الثورة السورية العنيدة أكثر مما يتوقعون! حيث أنهم كانوا يبنون مواقفهم على أن هذه التظاهرات عارضة وسيقوم مدللهم نظام المافيا الأسدية بضربها بيد من حديد وتنتهي القضية، ولهذا أعطوه لهذا الضرب فرصة تلو الفرصة ولايزالوا يقومون بهذا العار الفاشل، لكنهم تفاجأوا بعناد شعبنا واصرار شبابه على حريتهم. وكما يصدق هذا القول بعضنا، هاجس الخوف من حرب أهلية وهاجس الامن الإسرائيلي، والانكى من كل ذلك أن يسألك مسؤول أمريكي، وخاصة بعد زيارة سفير واشنطن لدى نظام دمشق لمدينة حماة المحاصر الآن، والتي تحدث فيها مجازرquot; هل في مدينة حماة سلاح؟ والاطرف أن أوساط مشبوهة قالت حينهاquot; أن السفير الأمريكي قد طمأن أهالي حماة بأن الجيش السوري لن يدخلها، وهذا محض افتراء، كما قلت بمقالي عن تلك الزيارة، التي كانت تحاول إيجاد مخارج للنظام ولكن على طريقتهم، وليس لحماية الشعب السوري في حماة أو غيرها، ورغم كل ذلك واشنطن مصرة على بقاء سفيرها في دمشق كشاهد على المذبحة التي تجري بحق شعبنا.

عندما سألني أحد هؤلاء الغربيين عن هواجسه هذه، وطلب مني أن أرسل له رأيي في إيميل مكتوب، قلت له سأكتب مقالا وأرسله لك، لكي تردوا على جوابنا كمعارضة بشكل علني..
سورية الآن، ياسيدي فيها كل شيء ممكن إلا احتمال واحد فهو مستحيل: وهو انشقاق جيش العصابة الحاكمة، لهذا يتبادر سؤال مباشر إلى ذهني كيف يمكن حدوث حرب أهلية في مثل وجود جيش متماسك حول عصابته الحاكمة؟ وما هي القوة التي يمكن لها أن تواجهه؟ وعلى فرض انزلقت إحدى قوى المعارضة كما تدعون إلى العنف، فهل يمكن أن يفضي هذا إلى حرب أهلية؟ رغم أن المعارضة كلها وتنسيقيات شباب الثورة موقفها واضح من موضوعة العنف والسلاح والطائفية والتدخل العسكري الخارجي..أنا أحول هذا السؤال لكم أنتم مسؤولي الادارات الغربية لكي توضحوا لنا كيف يمكن حدوث حرب أهلية في مثل هذه الحال؟ والحروب الاهلية عادة تحدث كما اشرت أعلاه عندما، يكون هنالك توازن نسبي من مخزون التسلح، أو عندما يكون هنالك غياب لقوة مسيطرة وهي فوق الجميع، أي غياب لأجهزة القوة التي هي من المفترض أنها أجهزة قوة الدولة وليست أجهزة طرف واحد، وفي سورية رغم كل ما فعلته العصابة الحاكمة، فهي لم تستطع حتى اللحظة أن تجد ما تقدمه لكم من وقائع على إمكانية حدوث مثل هذه الحرب الأهلية بين السوري والسوري، هكذا بشكل مجرد! اعطيتم النظام فرص ولازلتم تعطونه هذه الفرص لكي يقتل شعبنا، والدليل ترحيب اتحادكم الاوروبي بقانون الاحزاب الجديد، رغم أنكم تعرفون أنه قانون للضحك على الذقون كيف لقانون احزاب وليس فيه كلمة واحدة عن تداول سلطة!! إنها ظواهر صوتية سرعان ما تلفت انتباهكم، لأنكم تريدون تركيب أية أرجل لهذه العصابة كي تبقى واقفة عليها في الحكم. والدليل ترحيبكم بأي لقاء يدعو للحوار مع القاتل! كل هذا الحديث عن هاجس حرب أهلية، لم أرد الدخول فيها، على أن التهديد الفعلي الذي يصلكم، وتعرفونه جيدا بحدوث حرب أهلية هو من العصابة الحاكمة، ومع ذلك هذه المداولات معها لا تنشرونها للرأي العام. لهذا أتمنى أن تبقوا هذا الهاجس لديكم، لكن دون أن تقولوا لنا أنه السبب في خوفكم على هذه العصابة من السقوط..وأنا حتى ما بعد الثورة لم أكن اسميها عصابة قلت يمكن أن يكون هنالك بقايا من ضمير وطني لديهم، يجعلهم لا يطلقون النار على شعبنا، ويقدمون حلا سياسيا قابلا للتفاوض ولكن تبين أنه حتى لا يصلح أن نسميهم نظاما، بل بينوا أنهم ليسوا أكثر من مجرد مافيا حاكمة.لهذا أتمنى عليكم ألا تقولوا لنا ان سبب خوفكم على العصابة هو خوفكم من حرب أهلية!

نأتي الآن إلى الهاجس الثاني، وهو بيت قصيدكم وحاكمكم فعليا وهو الموقع الإسرائيلي، فهل نحن السوريون من نحتل أرضا إسرائيلية؟ وهل نحن السوريون من نمتلك ترسانة نووية وتعتبر أكبر ترسانة مسلحة في الشرق الأوسط؟ على فرض أن هنالك من السوريين من يريد ممارسة حربا ما من أجل استعادة الجولان السوري المحتل، فهل هذه حقا تخيفكم على أمن إسرائيل؟

وسؤالي لكم هل فعلا إسرائيل ونخبها تريد إعادة الجولان المحتل لوطنه الأم سورية؟ وهل إسرائيلكم جاهزة للسلام في الشرق الأوسط؟
ثمة أمر آخر، ألا تعرفون أن النظام الإيراني هو الطرف الثاني بعد إسرائيل الذي يدعم هذه العصابة؟ تعرفون ولكنكم لا تريدون الدخول في تبيان هذا الأمر المتناقض حسب إعلامكم، وهو كيف تدعم إسرائيل استمرار النفوذ الايراني الذي تعادونه؟

ورأيي باختصار شديدquot; أنكم لا انتم ولا إسرائيل ولا إيران ولا تركيا تريدون أن يكون هنالك في سورية دولة طبيعية، ولا تريدون لشعبنا السوري أن يصبح مثل بقية شعوب الارض لديه دولة قانون وحريات وحقوق إنسان، هنا تكمن جوهر هواجسكم، أنتم مع الحرية ربما في بلدان أخرى من الشرق الأوسط، إلا أنكم عندما تصلون إلى سوريا يموت ضميركم نهائيا، لماذا؟ وبيان الادانة من مجلس الأمن الذي صدر، رغم أهميته السياسية والقانونية، لكن لن أقول لكم ماذا ستفعل به العصابة الحاكمة عندما تدخل إلى المرحاض، آسف على التعبير...شيئ مضحك حقا...!

وأختم بسؤالي لكم بعد مقدمتي عن الحرب الاهليةquot; أتمنى أن تجيبوا أنتم وباحثيكم كيف يمكن حدوث حرب أهلية في سورية؟ لكن يجب أن تعرفوا أن شعبنا ماض نحو حريته...ويجب أن تعرفوا أيضاquot; أن هذا الشعب يعرف أنه يواجه ليس العصابة الحاكمة بغصن زيتونه، بل يواجه انحطاط قيمة الانسان لدى الشرق والغرب معا عندما نأتي إلى المساحة السورية من ثقافتكم السياسية ورؤيتكم للشرق الأوسط..
أتمنى بأن أكون أجبت، وأتمنى ان تجيبوا أنتم على أسئلتي. وشكرا