نود في بداية مقالنا هذا ان نشير الى قسم يسير مما جاء في المؤتمر الصحفي الذي عقده رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي في مجلس النواب يوم السبت الموافق 30 يوليو بشأن استدعائه امام القضاء الاسباني.
المؤتمر الصحفي الذي بثته قناة العراقية الرسمية، يظهر المراسل فيه موجها سؤاله قائلا laquo;هناك محكمة اسبانية رفعت قضية على السيد المالكي لاستخدامها بشأن ما حدث في معسكرأشرف ..؟raquo;. المالكي وخلافا للبروتوكولات المعهودة لا يسمح للمراسل ان يكمل كلامه، بل ويستشيط غضبا جراء السؤال ويرد مخاطبا نفسه laquo;السيد المالكيraquo; قائلا: laquo;مو على السيد المالكي، على بعض القادة العسكريين...raquo;.
هذه الاجابة لنوري المالكي اثارت حفيظتنا لكتابة هذا المقال، وقبل الخوض فيه لم نتردد لحظة في العودة الى ما قرأناه وسمعناه عبر وسائل الاعلام المختلفة، بل وراجعنا الموقع الرسمي للمحكمة العامة الاسبانية والاخبار التي تم بثها من قبل الوكالة الرسمية الاسبانية (إفي) ووكالة الصحافة الفرنسية (أ ف ب) ووكالة رويترز وعدة مصادر موثوقة بها، وقرأنا مرة أخرى القرار الصادر عن المحكمة، حيث دققنا وتفحصنا جيدا الوثائق الكثيرة الموجودة في البيان الصادر عن المحامي خوان غارسه، الذي نقل حكم المحكمة بشكل كامل لا يترك مجالا للشك. وجاء في البيان: laquo; قرر القاضي المركزي للتحقيق في الشعبة الرابعة للمحكمة الوطنية الإسبانية توسيع رقعة التحقيق حول انتهاك اتفاقية جنيف الرابعة فيما يتعلق بسكان أشرف لتشمل رئيس الوزراء العراقي وجنرالات عراقيين. ففي حكم نشر يوم 13 يوليو 2011 تم تبني توسيع الشكوى المسجلة في 11 مايو 2011 ضد الجنرال علي مجيد غيدان والمقدم عبداللطيف العنابي والرائد محمد جاسم التميمي العليوي بسبب الجريمة المرتكبة ضد المجتمع الدولي في مخيم أشرف بإشراف وأمر من السيد نوري المالكي رئيس الوزراء العراقي. وإن الشكوى تنسب الجرائم ذاتها إلى السيد المالكي رئيس الوزراء العراقي... ونظرا للحقوق الدولية يحظى السيد المالكي بالحصانة القضائية أمام محاكم الدول الأخرى خلال مدة توليه منصب رئيس الوزراء. ويمكن متابعة مسؤوليته الجزائية بعد انتهاء ولايته أو تنحيه عن منصبهraquo;.
اذن، يتبين لنا وبشكل ظاهر جلي ان laquo;السيد المالكيraquo; قال كذبتين، على الاقل حتى هذه اللحظة، الأولى محاولته التنصل من مسؤولياته والاظهار بانه ليس معني بالامر، مع ان الحكم الاسباني يجرمه ويتهمه بالتورط في مجزرة أبريل ضد اشرف بشكل واضح وصريح، اما الثانية فالمالكي يقول ان الحكم صدر ضد laquo;بعض القادةraquo;، وهذا كذب وافتراء ايضا، حيث انه من الواضح ذكر الاسماء المتورطين بالمجزرة وهما الجنرال علي مجيد غيدان قائد القوات البرية العراقية ومجرمين آخرين يتم ملاحقته من قبل القضاء الاسباني.
والآن لنستمع ونكمل الرواية التي يتشدق بها المالكي على قناة العراقية الرسمية، وعلينا هنا ان نكون حذرين وبمنتهى الادب والذوق والاخلاق وان لا نقوم باعمال فـlaquo;السيد المالكيraquo; غاضب ومرتبك جدا. يتابع المالكي القول: laquo;وهذا قضاء اسباني واننا نعتبره التدخل بشؤوننا الداخلية وتجاوز على سيادة العراق وهاي مسألة لا تعني شيئاً بالنسبة لنا...raquo;. طيب، هنا فهمنا معنى laquo;التدخل في الشؤون الداخلية العراقيةraquo; وlaquo;السيادة العراقيةraquo;. بمعنى أن laquo;السيد المالكيraquo; يعتبر كل محكمة وتوجيه أي اتهام له حتى قبل ان تنعقد المحكمة laquo;تدخلا في الشؤون العراقيةraquo; و laquo;تجاوز على سيادة العراقraquo;، وهذا في حين ان صحيفة laquo;الغارديانraquo; البريطانية نشرت يوم الجمعة 29 يوليو 2011، تحقيقا مهما للغاية، يقول إن laquo;قاسم سليماني هو الحاكم السري للعراقraquo;. وإذن laquo;السيادة العراقيةraquo; فيما يتعلق بـlaquo;السيد المالكيraquo; تعني laquo;سيادة الحرسي سليمانيraquo; رئيس المالكي. كما أن احتلال اجزاء من الاراضي العراقية وضم مياه واقسام من الانهار العراقية من قبل إيران والوجود العلني والهيمة الايرانية على جميع جوانب الشؤون العراقية وسرقة النفط ونهب اموال العراق من قبل قوة القدس الارهابية التابعة للحرس الثوري الإيراني والزيارات المتبادلة اليومية لـ laquo;السيد المالكيraquo; مع السفير الإيراني لأخذ اوامر جديدة من أسياده واولياء نعمته في إيران، كل ذلك لا يعتبره المالكي تدخلا في الشؤون الداخلية العراقية، اما حكم المحكمة الاسبانية واستدعائها للمجرمين للمثول امامها بسبب جرائم حرب فهذا في نظر المالكي تدخل سافر في الشأن العراقي؟
ثم laquo;السيد المالكيraquo; ولغرض التملص من الاجابة حول الموضوع والتغطية على ما أخافه وتسبب في هلعه يطلب من مراسل آخر ليوجه سؤالا، ولكنه سرعان ما يفقد سيطرته وتوازنه ويعود الى سالف غضبه وهيجانه ليقول laquo;احنه بالعكس قد يمكن دعاوى على المحاكم أو على الدول التي تؤويهم (أي تؤوي مجاهدي خلق)..raquo;. طيب، يمكن لـlaquo;السيد المالكيraquo; وفي عراقه الجديد ولاسداء الجميل للولي الفقيه ان لا يعترف لعناصر مجاهدي خلق المقيمين في أشرف بحق اللجوء حتى في دولة ثالثة، وحتى حق تقديم الشكوى، اضافة الى ذلك فهو يريد أن يرفع شكوى ضد المحكمة الاسبانية لدى محكمة الثورة الاسلامية على ما يبدو!.
هذا غيض من فيض مما وصل اليه الحال بالمالكي.. وعليه يتوجب علينا ان نقول بصراحة quot;ان كل ما يقوم به لن يحول دون مثوله والمؤتمرين بإمرته امام المحكمة عاجلا ام اجلاquot;. ونحن نقترح عليه ان يراجع من اليوم لائحة الاتهامات وبشكل عاجل ومبكر، لكي يتسنى له الاطلاع عليها عن كثب، اي قبل شهرين من الموعد المحدد من قبل المحكمة الاسبانية في الثالث من اكتوبر المقبل، وليأخذ معه المتهمين الثلاثة الاخرين، وهناك في مقر المحكمة يستطيع laquo;السيد المالكيraquo; ان يذهب الى مكتب الشكاوى ويسجل ما يريد ويعترض على ما يريد، لكن لا نضمن له قبول او عدم قبول المحكمة بما يقول وبما يدعي!!
يبقى لدينا تساؤل واحد يثير الاهتمام، ونتمنى ان نحصل على جواب له من laquo;السيد المالكيraquo;.. وهو انه اذا كان قرار المحكمة الاسبانية لا يشغل باله ولا يعني له شيئا ونحن هنا نردد ما قاله حرفيا quot;هاي مسألة لا تعني شيئاًraquo;، فلماذا الذعر والغضب والارتباك يا quot;ابا اسراءquot;.. وما الذي يقلقك؟.. فاذا كنت الان وانت بين حرسك وحشمك وخدمك ترتعد فرائصك خوفا وذعرا، فكيف اذا اقتربت من المجال الجوي الاسباني، بل وكيف سترى نفسك وانت تمثل امام العدالة.
* باحث وكاتب
[email protected]
التعليقات