يسألني كثير من الزملاء الإعلاميين العرب عن مصير قناة quot;سكاي نيوز عربيةquot; المقرر إطلاقها في ربيع 2012 من العاصمة الإماراتية أبو ظبي بعد فضيحة quot;التنصتquot; التي كادت تطيح بإمبراطورية مردوخ في بريطانيا، ومع إني لست خبيرا ببواطن الأمور فإن الشواهد تشير إلى أن العمل يسير بشكل جيد لإطلاق القناة وهي شراكة بين quot;شركة أبو ظبي للاستثمار الإعلاميquot; quot; quot;أدمكquot; التي يمتلكها الشيخ quot;منصور بن زايدquot; وزير شئون الرئاسة وquot; بي سكاي بيquot; التي يرأس مجلس إدارتها quot;جيمس مردوخquot;، المشروع الطموح يمثل باب رزق لعشرات الصحفيين والفنيين والإداريين، في وقت تقل فيه الفرص الجيدة في العالم العربي، وتخضع للعلاقات أكثر من معايير الكفاءة والانجاز، واعتقد أن ابوظبي بحاجة إلى قناة إخبارية تنطلق منها وتعكس نهضتها الشاملة وتبعث برسالة إلى العالم مفادها أن في قلب جزيرة العرب مدينة تضاهي بل تتفوق على كثير من المدن الأوربية.

وبعيدا عن التوجهات السياسية لروبرت مردوخ ودعمه الواضح لإسرائيل، فإن ذلك لم يمنع من إقامة شراكة مع صاحب روتانا الأمير السعودي quot;الوليد ين طلالquot; في مطلع ألفين وعشرة وهو ما أثار تساؤلات عن هدف صاحب شركة quot;نيوزكوربريشنquot; التي تضم نحو ثمانمائة مؤسسة إعلامية في العالم من الولوج إلى العالم العربي وهل المسألة لها أهداف سياسية أم هو البيزنس لا أكثر؟ يبدو أن الأزمة التي يمر بها إمبراطور الإعلام لن تؤثر على مشاريعه في العالم العربي، على الرغم من أن إمبراطوريته الإعلامية اليوم أشبه بسفينة تغرق، ويحاول ركابها النجاة، وإذا كشفت التحقيقات الجارية في الولايات المتحدة أنها تنصتت على هواتف ضحايا الحادي عشر من سبتمبر ألفين وواحد، ربما يكون ذلك بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير، والأمر هنا لا يتعلق ببعير بل بإمبراطورية إعلامية لها من النفوذ والتأثير مالا يتخيله احد.

وإذا كان الاعتذار عن الخطأ فضيلة، فالاعتذار الذي قدمه quot;مردوخquot; لكل من وقعوا ضحايا للتنصت ووصفه تصرف صحيفته quot;نيوز اوف ذي وورلدquot; بسوء سلوك، ومداعبة المتضررين بتقديم الأموال لهم تعويضا عما لحق بهم، لم يفلح في تهدئة غضب الشارع البريطاني على الرغم من استقالة quot;ربيكا بروكسquot; وquot;ليس هينتونquot; وهما ذراعان قويان quot;لروبرت مردوخquot; بعد أن كشفت صحيفة quot;الغارديانquot; أن محققين يعملون لحساب صحيفة quot;نيوز اوف ذي وورلدquot; تنصتوا على هاتف فتاة قتلت عام 2002، وللتأثير على سير التحقيقات قاموا بمحو الرسائل الصوتية للضحية فضلا عن التنصت على هواتف أربعة ألاف من الشخصيات السياسية والمشاهير.

انتهاك حرمة الحياة الخاصة أمر افزع البريطانيين، فتعالت الأصوات في الشارع ضد quot;مردوخquot; فأغلق صحيفة quot;نيوز اوف ذا وورلدquot; وهي من اكبر الصحف الأسبوعية توزيعاً في بريطانيا بعد 168 سنة من الصدور، وكان قد اشتراها عام 1969 وتخلى عن صفقة شراء شبكة quot;بي سكاي بيquot; التليفزيونية الخاصة، وخضع هو وابنه quot;جيمسquot; إلى جلسة استجواب في مجلس العموم البريطاني، وهو الرجل الذي طالما كان يتباهى بنفوذه القوي على رؤساء حكومات متعاقبة مثل quot;مارجريت تاتشرquot; التي تولت رئاسة الوزراء في الفترة من عام 1979 حتى عام 1990، وquot;جون ميجورquot; في الفترة من 1990 إلى 1997 وتوني بلير في الفترة من 1997 إلى 2007 وquot;غوردن براونquot; في الفترة من 2007 إلى 2010 ثم رئيس الوزراء الحالي quot;ديفيد كاميرونquot; الذي تولى رئاسة الوزراء العام الماضي، وشاءت الأقدار أن تثار في عهده.

لم يقف الأمر عند هذا الحد فقد امتد نفوذ quot; مردوخquot; لكبار ضباط شرطة سكوتلانديارد، أغدق عليهم الأموال مقابل تسريب معلومات، ووثائق لصحفه وإخفاء جرائم التنصت على هواتف المشاهير والنجوم وأعضاء الأسرة المالكة، نفوذه السياسي إذن ليس له حدود، يخطب وده زعماء الأحزاب، لأن0م يعلمون أن فوزهم في الانتخابات يتوقف على دعم صحفه، فقد خسر quot;جوردن براونquot; الانتخابات حين حجبت صحيفة quot;الصنquot; دعمها له وقيل أن quot;براونquot; لم يوافق على شروط مردوخ لدعمه ومن بينها إعلان خروج بلاده من الوحدة الأوروبية كيف سيكون الحال إذا تغلل نفوذ هذا الرجل في شئون العالم العربي ؟
إعلامي مصري