الكلمة السواءquot; سوريةquot;، هي الكلمة المفتاحية، هي الكلمة البدء بالنسبة لنا كسوريين، لأنها كانت بدءنا، وستكون مستقبلنا ومستقبل اطفالنا، لهذه الكلمة، معان لا نهائية حتى اللحظة، لكل فرد معنى ولكل معارض معنى ولكل شهيد معنى، ولكل مؤسسة حزبية معنى، لكل أيديولوجية نسقا ترتب في داخله سورية كمعنى خاص بها. البحث عن كلمة واحدة مشتركة بين هذه المعاني، أو عن عن معنى مشترك، يمكن ان ينتج عن تعدد المعنى هذا، كيف؟ ولماذا؟ لماذا لكي نعيش سورية كما نريدها جميعا، أما كيف؟ فهذا السؤال الذي يواجه تعدد المعنى هذا بكل حوامله. يطالعنا مفكر سوري كبير بأنه يجب علينا أن نأخذ مسافة تحليلية من الانتفاضة تتيح لنا نقدها، لأنها تحمل في طياتها بعبعا إسلاميا وينوء تحت ثقل متعدد الرؤوس لكنه ذو اتجاه نكوصي نحو الطائفية والجهوية والعشائرية، لهذا علينا ألا نفرح بالثورة، وعلينا ألا نحتفي بكل من يقف ضد هذا النظام، الذي ليس شرا مطلقا، لأنه لا يوجد خيرا مطلقا فيمن يقفون ضده، كما يقول مفكرنا الكبير عزيز العظمة في مقاله الأخير في موقع الأوان، نحن في فلسفة التاريخ لسنا انقياء ولن نكون أنبياء، نحن أبناء الحياة في سورية بكل مافيها، الحياة التي عشعش فيها نظام الأسد، لدرجة العفونة على كافة الصعد، حتى وصلت تلك العفونة إلى أرواحنا كمعارضة وكمفكرين وكمجتمع، هذا صحيح، لكن الصحيح الأهم، أن أي مريض لا يمكن أن يتعافى إلا في مشفى، لا توجد فيه عفونة، لايمكن أن تعالج مريضا، في الفضاء المسبب للمرض، هذه بدعة انتظارية، الغاية منها إدامة هذا الفضاء المرضي، الشعوب لا تتعلم الحرية والمدنية في ظل أنظمة قمعية دموية وطائفية. من أين أتى مفكرنا بهذه الأحجية؟ التي أراد أدخالنا في متاهتها، من خلال مقاله النقدي المطول عن البلبلة التي اصابت المثقفين العرب المحتفين بالثورات. وجعلتهم في حالة من السرنمة كما يحاول أن يقول بشكل مباشر وغير مباشر، خاصة أنهم لم ينتبهوا للاتجاه النيولبيرالي العالمي الذي يريد إزاحة دور الدولة لصالح دور الجهويات الماقبل مدنية؟ من أين استقى مفكرنا هذه الأطروحة لا اعرف؟ ربما من التجربة العراقية، التجربة العراقية التي أصبحت الكل بالنسبة له بعدما اكد التاريخ المعاصر أنها الاستثناء، الاستثناء الذي عملت أنظمة المنطقة كلها على تفجيره من الداخل بكل الوسائل المتاحة لكي لا ينجح. وليس الاتجاه النيولبيرالي الذي يتحدث عنه، فهو لم يحدثنا عن دور إيران والنظام السوري، ولم يحدثنا عما كرسه النظام السابق في عمق المجتمع العراقي، الثورة الفرنسية التي هي نبراسه باللائكية ونموذجه الأكثر نموذجية!! احتاجت خمسة عقود واكثر لكي تؤسس حريتها أو دولة حرياتها. وهذه فرنسا التي كانت تنهل من منتجات الثورة الصناعية، ومن منتجات عصر التنوير الغني عن التعريف. رغم كل هذا الفضاء احتاجت لكل تلك العقود بعد ثورتها لكي تصل إلى دولة الحريات والمواطنة التي يريدها مفكرنا لسورية، دون أن يقدم لنا ولو شمعة ضوء صغيرة في آخر النفق الذي وضع فيه ثورة شبابنا. ما هي الانتفاضة الأمثل برأي مفكرنا هذا لم يجب عنه، ونحن نعفيه من الإجابة لأنها ليست مهمة الفكر النقدي، بل هي مهمة شباب سورية، وشباب سورية هذا ما عندهم، لهذا هو نقد شعاراتهم وتسميات جمعهم، وهذا حقه بالطبع لكن أيضا هم من حقهم لأنهم باتوا أولياء دم من أجل شعار واحد يتردد دوما ولايراه مفكرناquot; سورية بدها حريةquot; ألا يكفي هذا لكي يكون ملاطا يجمع السوريين؟ هو يخاف ما بعد تحقيق هذا الشعار؟ يخاف من الاسلاميين ومن الاتجاه النكوصي القار في شعبنا!!! حنانيك بنا سيدي، شبابنا غير قادرين على تلمس ما تريد وهم تحت النار. لكنهم يطالبون بحرية لكل الشعب السوري، وليس لهم فقط! لنا ولك وللمعارضة وللجميع.
لم يلاحظ مفكرنا أن غالبية مفكري ومثقفي وكتاب وهيئات المعارضة اليسارية والعلمانية والقومية ومؤسساتها، باتت تتحدث الآن في خطاباتها وبياناتها عن ثلاث جهات: النظام جهة، والمعارضة جهة ثانية، وتنسيقيات الثورة وتنظيمات شبابها الجديدة جهة ثالثة، لاحظوا كل بيانات المؤتمرات السابقة، وبيان هيئة التنسيق الجديد وخارطة الدكتور برهان غليون لتشكيل مجلس وطني، وخطابات إعلان دمشق، كما جاء في الوثيقة 12،09،2011المعنونة بquot;إعلان دمشق :أسس عامة لرؤية سياسية لعمل المعارضة الديمقراطية quot; إننا ننحاز إلى ثورة شعبنا من دون التباس أو تردد، وهذا الانحياز يعبر عنه التنسيق والتفاهم والإسناد بين المعارضة والتنسيقيات التي تتطور قدرةً وتنظيماً، مع أشكال أخرى يتم إبداعها يومياً من خلال الحراكquot; وحتى دعوات من يدعو لتدخل عسكري دولي..اصبح من المعتاد الآن التحدث عن ثلاثة اطراف سورية، هذا جزء من الفضاء الذي كرسه النظام، طرف واحد هو هامشي من هذه الأطراف هو هذه المعارضة، فلا هي تمون على الشارع والنظام لا يقيم لها وزنا وهي منشغلة بتشققاتها، هذه التشققات التي لاتزال غير قادرة على إنتاج معنى مشترك من تعدد المعاني هذا. وأكبر دليل على ما أقولهquot; أن الشارع يطالب وطالب بحماية دولية للمدنيين، والمعارضة بغالبية فصائلها ترفض هذا الأمر، والأغرب أن هنالك من تحدث عن أن طلب الحماية من الأمم المتحدة مرفوض، لأن الدول الكبرى وخاصة اوروبا وأمريكا لها وزن هناك ولها اجندات مشبوهة، لهذا هم يرفضون طلب الحماية هذاquot; ومنهم من يرفضه لكي لا تتحول الثورة إلى جندي في صفوف امريكا واوروبا ضد إيران!! هذا كلام من معارضين بارزين في سورية. ويتنطحون لأن يكونوا هم الممثلون الوحيدون للثورة السورية، وكلهم مفكرين ومثقفين وكتاب وقادة أحزاب وهيئات وجمعيات..! كل هذا الخلط يمكن ان يكون صحيا تماما ويخدم الثورة وحرية سورية فيما لو استطاع هؤلاء تقبل معاني بعضهم بعضا عن سورية والبحث عن المشترك، أو الاختلاف بطرق حضارية، او التنافس في خدمة المعاني السورية بطريقة نبيلة وخصبة، في إنتاج معنى مشترك، هو الكلمة السواء التي يجب ان تظلل الجميع وهي سورية الحرية التي ينادي بها شبابنا من المتظاهرين والذين قدموا دمهم فداء لها. حيث سورية كانت البدء وهي المستقبل. لكنها ليست عسكر نصف علمانيين كخيار أفضل من الإسلاميين!!، وليست سورية الأسد أفضل من الفوضى كما يوحي بذلك حماة الأقليات ومن تبنوا المبادرة العربية، ولن تكون. إذا كنتم تميزون أنفسكم عن قوى الشارع وما أفرزته وما تفرزه، وترفضون بعضا مما يطالب به، هذا حقكم، وايضا من حق هذا الشارع أن يسير بما يراه مناسبا له، لأنه هو من يدفع الثمن. كنت ولا أزال وسأبقى مع أي عمل يبحث عن هذا المعنى السواء، سواء كان لي فيه دور أو لم يكن، لم أعد مهتما بهذه الصورة مطلقا، صورة الدور هذا في أن أكون جزء من الطرف الثاني، والذي لايقيم له النظام وزنا، بل يتلاعب به لكي يستمر فيما هو فيه. وأرفض أن أكون ممثلا لقوى الشارع، لكي أحافظ على هذه المسافة التي تحدث عنها مفكرنا، لأن دعمهم يحتاج لهذه المسافة، وليس من أجل تبيان أنهم نكوصيون!! نحن لم نكبر بالعمر فقط بل كبرنا في المعنى، الذي ننتجه والذي لم يعد ملائما كثيرا لشباب الشارع، والدليل أنهم يطالبوننا بأن ننتج لهم مؤسسات تمثيلية، ونحن نتقاتل على الواجهة...رغم أنني تمنيت النجاح لجميع تلك المحاولات، ولا أزال أتمنى النجاح لها في إنتاج مؤسسة تمثيلية، لكن إن لم تستطع هذه المحاولات إنتاج مثل هذه المؤسسة هل ندعو الشارع للتوقف عن ثورته؟! والسبب في موقفي أنني من المتفاءلين بهذا الشارع وما سينتجه من قيادات وتنظيمات، وسبب آخر لتفاءلي هذا أن هنالك من أجيالنا من التحق في صفوف الثورة غير آبه بما تقوله المعارضة أو بعض منها، كنجاتي طيارة المعتقل من جديد والذي أخاف على حياته، ومصطفى رستم وجورج صبرا ونذير الصيفي وكثر لا نستطيع عد أسماءهم هنا...لهذا أدعو لكلمة سواء بين الجميع. هل هذا كثير ومستحيل؟ ونقدي هنا أبدا لا يتناول أي جانب شخصي لأحد، أو تخوينا لأحد، بل يتناول منتج سياسي وكيفية انعكاسه على مسار الثورة كما أراه وربما تكون كل رؤيتي خاطئة يصوبها الحوار الذي أتمناه.