قبل ايام وافقت تركيا على بناء اكبر قاعدة رادارية امريكية في العالم على اراضيها، وبالضبط في دياربكرــ آمد، عاصمة المنطقة الكردية. الرادار العملاق هو جزء من منظومة الدرع الصاروخي المعروف ويعتبر الاضخم في تاريخ حلف الناتو والغرب ومركز الاشراف والمتابعة يقع في برلين. السؤال هنا: لماذا هذا التوقيت المريب, اي التزامن بين الهيصة الاعتذارية التركية ــ الاسرائيلية وبين الموافقة على بناء تلك القاعدة الرادارية من قبل السيد رجب طيب اردوغان رئيس الحكومة التركية؟. الاعلام بشكل عام والعربي منه بشكل خاص انشغل بالحرب الكلامية بين تركيا واسرائيل دون ذكر بل وحتى مجرد التلميح الى المصاهرة الرادارية موضوع البحث.الحرب الكلامية بين البلدين وصلت الى درجة سحب السفراء وقطع العلاقات التجارية والعسكرية. في السابع من شهر ايلول، اعلن وزيرالتجارة التركي انه تم سحب المستشار التجاري التركي من تل ابيب ولكن العلاقات التجارية ستستمر دون اي تبديل. عام 1956 ايام حرب السويس جرى نفس السيناريو بين تركيا واسرائيل بما فيه سحب للسفراء بسبب الاحتجاج التركي الرسمي ضد العدوان الثلاثي على مصر، وكان السيد عدنان مندريس رئيساً للوزراء في تركيا. هذا ما جرى في الظاهر, ولكن في الخفاء جاء رئيس الحكومة الاسرائيلية سراً الى انقرة وتم التوقيع على اهم المعاهدات العسكرية والتجارية بين البلدين وذلك حسب ما تم الكشف عنه في وثائق الدولة التركية وقد تطرقت الصحافة في تركيا الى ذلك الموضوع هذه الايام. يبدو ان التاريخ يكرر نفسه ولكن بشكل علني وليس سري كما حدث في الخمسينات. منظومة الدرع الصاروخي المشار اليها هدفها الرئيسي هو الحفاظ على امن اسرائيل، وهو امر يعرفه حتى اشد الناس جهلاً في السياسة. توأم هذا الرادارموجود في جنوب اسرائيل وهو يغطي مراقبة اجزاء كبيرة من الشرق الاوسط واجزاء من ايران والقوقاز. اما مهمة الرادار الحالي فهو تغطية كل انحاء ايران وروسيا. السيد راسموسن الامين العام لحلف الناتو قال: quot;اتقدم بتهاني الحارة الى الحكومة التركية على هذه الخطوة الجريئة بقبولها بناء القاعدة الراداريةquot;. تعبير quot;الخطوة الجريئةquot; تحمل معاني كبيرة, وأولها جرأة الحكومة بادخال المنطقة في صراعات لأجندة خاصة بها وبالغرب مستقبلاً. رئيس حزب المعارضة التركي السيد كمال كلجدار اوغلو قال: quot;تركيا تعلن الحرب على اسرائيل ولكنها في نفس الوقت توافق على بناء اكبر مشروع عسكري هدفه الاساسي هو الدفاع عن امن الدولة العبريةquot;. تركيا قطعت كل انواع التعاون العسكري مع اسرائيل, ولكن كل الذين سيعملون على الرادارات من الاتراك سوف يتلقون التعليم والتدريب في اسرائيل حيث يوجد الرادار التوأم!!. الدولة التركية منذ عام 1950 وحتى اليوم كانت الخادم الامين والعسكري المخلص لحلف الناتو والغرب وفي الواقع حققت مصالحها بكل دهاء ولاتزال سائرة على نفس الدرب. هل العالم العربي والمعارضة السورية التي تهرول الى مؤتمرات تركيا بإشارة صغيرة من اصبعها على علم بما تضمره مخططات الحكومة التركية للمنطقة؟. اذا كان حلم البعض من المعارضة السورية هو الاقتداء بتجربة حزب العدالة والتنمية التركي وتكرارها في سوريا المستقبل، فهل سيعملون على الانضمام الى حلف الناتو؟. وهل سيبنون قواعدا رادارية اضخم مع التدريب في الجنوب الاسرائيلي؟؟؟. د. بنكي حاجو طبيب كردي سوري
- آخر تحديث :
التعليقات