لقد بتنا نشعر بالريبة من الأمم المتحدة، ومصداقيتها التي تتوالي الأدلة علي تبددها. والانتقائية التي تمارسها حيال كثير من القضايا الإنسانية ستأتي علي البقية الباقية من سمعتها. فقد وقع ممثل الأمين العام للأمم المتحدة مارتن كوبلر في 25 من ديسمبر كانون الأول من العام الماضي مذكرة تفاهم مع حكومة نوري المالكي، تحفظ للأشرفيين حقوقهم كلاجئين حتي موعد نقلهم إلي دولة ثالثة.

لكن ما يتم الآن هو استمرار حصار المخيمين في أشرف طبيا، وتهديد حياتهم، وإطلاق التصريحات المفزعة لنفوسهم. وكذلك لم يزل المالكي وحكومته يسيران في مخططهما للقضاء علي المعارضين الإيرانيين في أشرف، بتحويل مخيم ليبرتي البديل إلي معتقل!

ومايخطط له المالكي نزولا عند أوامر ملالي إيران، هو أمر مبرر وفق مطامعه السلطوية التي يرجوها في العراق؛ لكن ما لا يستحيل أن يقبل أو يبرر أن نجد مؤسسات الأمم المتحدة متورطة في هذا المخطط للنيل من أرواح المظلومين في ( أشرف )!
فقد عكف المالكي ونظرائه على إطلاق التصريحات المهينة والمشينة لسمعة الأمم المتحدة، والتي تطول قيمها ومبادئها الإنسانية السامية. ففي يونيو حزيران 2011 ادعى المسؤولون العراقيون أن لجنة الصليب الأحمر ستكون جزءاً من لجنة إغلاق مخيم أشرف.. ونفى ذلك رئيس الصليب الأحمر الدولي في العراق قائلاً إن: laquo;منظمة الصليب الأحمر الدولية لن تشارك في اللجنة المشتركة للإشراف على إغلاق مخيم أشرف raquo; (بيان 27 حزيران 2011).

ثم في 28 أغسطس آب 2011 عاد المالكي مدّعيا أن الممثل الخاص للأمين العام أكد laquo;ضرورة تنفيذ قرار مجلس الوزراء المتعلق بطرد سكان أشرف من العراق بنهاية العام الجاريraquo;، وهمّ السيد إد ملكرت بالنفي..

وفي يوم 24 من أكتوبر تشرين الأول 2011 أعلنت وزارة خارجية النظام الملالي بعد يومين من إعلان انسحاب القوات الأمريكية عن اتفاق مكون من سبع مواد قد عقد بين نظام الملالي الحاكم في إيران والحكومة العراقية حول إغلاق أشرف وقمع المعارضة الإيرانية!
وفي هذا السياق المفعم بالروح الإنتقامية القمعية للملالي الحاكم في ايران والحكومة العراقية بقيادة نوري المالكي يستحيل أن نأمل خيرا. ونتعجب آلاف المرات من تخاذل الأمم المتحدة والمفوضية السامية للاجئين وبعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق ( يونامي ) من عدم تمكين مندوبين من مخيم أشرف زيارة المخيم البديل ( ليبرتي ). ومن الصمت الرهيب علي التصريحات المتتالية التي تظهر الأمم المتحدو ورجالها مكملة للملالي!

ويتضاعف عجبنا ونحن نري صمت (يونامي) على مدى أسبوعين بعد تصريحات المالكي حول قرارات القبض بحق 121 شخصا من سكان أشرف حيث أعلن المالكي يوم 12 يناير كانون الثاني 2012 وبطلب من الفاشية الدينية صدور 121 مذكرة للقبض على سكان أشرف واتهامهم بالإرهاب وارتكاب جرائم قاسية داخل العراق وقتل شخصيات سياسية ودينية في إيران وهذا الأمر من الخطورة بمكان. وتنبع خطورته من كونه طعنة في مقتل للاتفاق المبرم بين كوبلر والحكومة العراقية بشأن حقوق اللاجئين الأشرفيين.
ويتساءل الأشرفيون ونحن معهم .. هل هذا ما وعد به كوبلر وسيده الأمين العام في تقاريرهما المرفوعة الى مجلس الأمن الدولي في 7 يوليو تموز و 5 ديسمبر كانون الأول 2011 على أن quot; الترتيبات المتبعة لحل قضية أشرف سترضي الحكومة العراقية وسكان المخيم وجميع الأطراف المعنية؟!quot;

وإني أنقل للعالم صرخة من صرخات سكان مخيم أشرف قالوا فيها :quot; إننا نتمنى وكما جاء في النداء الدولي بتاريخ 24 تشرين الثاني 2011 الى يونامي والممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة حول النقل القسري لسكان أشرف، أن لا تكون يونامي والمفوضية العليا لشؤون اللاجئين مساهمتين في الكارثة التي أمامنا quot; .
فبحسب المعلومات التي سبق وأن سجلناها مرارا، أن الحكومة العراقية تعمل بسرعة فائقة لتهيئة مخيم ليبرتي ليكون معتقلاً بكل ما تحمل الكلمة من معني .. فالجدران الخراسانية تحيط به من كل جانب، وتم تخريب مساكنه ومرافقه لكي تنال من صحة وحياة من سينتقل إليه من مخيمي أشرف. ويونامي للأسف تتستر علي هذه الأمور بهوان وتخاذل غريبين! وتكتفي بعرض صور لليبرتي دون أن تضغط لتمكين مهندسين من أشرف زيارة مخيمهم البديل!

إننا نؤكد مجددا أن مظلومي أشرف محميون بموجب القانون الدولي وإعلان النظام الإيراني أنهم محاربون مهدرة دماؤهم وقيامه بإعدام أفراد عوائلهم بسبب زيارتهم لأشرف يعدّ انتهاكاً صارخًا للقانون الدولي وقانون حقوق الإنسان الدولي، واتفاقيات جنيف واتفاقية اللجوء لعام 1951 في جنيف واتفاقية الحقوق المدنية والسياسية، وهي جريمة ضد الإنسانية وجريمة ضد المجتمع الدولي حسب قرار محكمة إسبانيا ومعاهدة روما (النظام الداخلي للمحكمة الجنائية الدولية).
إن السيد كوبلر الذي لم يجلس معه الأشرفيون غير 15 دقيقة منذ توليه المهمة الإنسانية في أشرف نيابة عن الأمين العام للأمم المتحدة، ومغازلته لنظام طهران بحسب التصريحات التي ترد من وكالات انباء الملالي والتي يبقي صمته عليها دون تكذيب لها تواطئا مفضوحا، وكذا ممارسات ( يونامي ) غير المسئولة، كل هذا يرسم معالم مسرحية هزلية تجهز علي مصداقية الأمم المتحدة وتلقي بمصداقيتها وقيمها في مزبلة الإنسانية.

إن هذا النظام الذي بات محاصرا الآن من دول العالم الحرّ جرّاء إصراره علي تهديد العالم بسلاح نووي، لم يعد أمامه غير التخلص من معارضيه حتي يطيل عمره. وأخشي ما أخشاه أن يسير العالم الحرّ في اتجاه يقصّر من عمر هذا النظام الطاغي؛ بينما الأمم المتحدة ومؤسساتها تمنحهم اسطوانات الأكسجين المنعشة لتبقي عليه أطول فترة ممكنة!