الأصلاء، شرفاء العراق، رجالات الحكومة العراقية في رئاساتها الثلاث! بمناسبة مرور عيد الأضحى، السعيد عليكم حصراً، نتمنى لكم دوام الرخاء والسعادة وأنتم تنعمون بخيرات العراق وأمنه المستتب عليكم فقط، كما نتمنى لسياراتكم المصفحة دوام السلامة والمتانة.
بهذه المناسبة اسمحوا لنا، نحن أطفال العراق، أن نتقدم بشكرنا الجزيل وامتناننا العظيم لكم جميعاً وبدون استثناء على رعايتكم الأبوية الخاصة لنا طيلة السنوات الماضية، منذ إزالة النظام السابق حتى يومنا هذا، فلولا رعايتكم وسخاءكم غير المحدود علينا، لما لبسنا الملابس quot;الزاهيةquot; بألوانها - نعتذر لرداءة الصورة التي تظهر ملابسنا بألوان مطفأة، ممزقة بعض الشيء ومتسخة أيضاً. يبدو أن المصوِّر ينتمي إلى الجهات المعادية لعراقنا الجديد.

شكراً للرئاسات الثلاث، التي أنقذتنا من ملل وهَمّ الدراسة، واختناق الصفوف الدراسية بأعداد كبيرة من الطلاب وهم يفترشون الأرض، فأنتم بهذا قد سمحتم لنا بامتلاك حريتنا في التجوال وسط المزابل لنكسب رزقنا ورزق عوائلنا، ولنتخلص بذلك من دروس الدين الطائفية التي صارت المناهج الدراسية تعج بها.

شكراً لمجلس النواب الموقر، وأدامه الله خيمة من الحنان فوق رؤوسنا، وشكراً لرجالاته الشرفاء الذين استقطعوا الأموال من لقمة أولادهم ليمنحوها لنا، فلولا كرمهم العظيم لما استطعنا شراء الحمير والعربات التي نبيع عليها بضائعنا، وما استطعنا شراء علب المناديلquot;الكلينكسquot; أو quot;العلكةquot; والموز وأكياس quot;النايلونquot; لنبيعها عند الإشارات الضوئية وعلى الأرصفة، حيث نبشركم بأننا أصبحنا من أصحاب المهن الحرة الشريفة، أو من صغار التجار.

شكراً لرئيس الوزراء الذي يصرّح مشكوراً بين الفينة والأخرى بأنه يمتلك أدلة ووثائق تدين العديد من رجالات الدولة وعلى أرفع المستويات، بأقتراف جرائم إرهابية راح ضحيتها العديد من الأبرياء... شكراً له لأنه لا يريد الكشف عن جرائم زملائه والوثائق التي تدين من يتمنا وجعلنا نفترش الأرصفة بسعادة غامرة نستنشق الهواء quot;العذبquot; دون رقيب أو وليّ أمر يحاسبنا على أخطائنا... شكراً له، لأنه يخاف على مشاعرنا المرهفة، حتى لا يزيدنا حزناً ونحن نشاهد اعترافات من قتل فينا الأب والأم والأخ، وهو يدلي باعترافاته.

شكراً لوزير التربية ولكل عالم دين ورئيس كتلة ونائب برلماني ممن ألزم أخواتنا بالحجاب وهنّ رُضّع. وفرض الحجاب على كل طفلة تروم الدخول إلى المدرسة في عامها الدراسي الأول، فلولا قرارهم الحكيم هذا، لأصبحن سائبات في الشوارع والأزقة يمارسن الرذيلة منذ نعومة أضفارهن.

شكراً لكم، لأنكم جعلتمونا ننام باكراً ونستيقظ باكراً، كونكم وبحكمتكم الفذّة، قطعتم عنا الكهرباء ليلاً ونهاراً حتى لا نشاهد التلفاز المفسد للإخلاق، فإنه عمل من أعمال الشيطان.... وقد أثبتم بفعلتكم هذه حرصكم الكبير على سلامة الطفل العراقي، فمذ تسع سنوات لم يُصب طفل واحد بصعقة كهربائية، مسجلين بهذا رقماً قياسياً عالمياً، قد غفل عنه وللأسف كتاب غنس للأرقام.

شكراً لكم، فبفضلكم صرنا نفكر بأهمية الاحترام والتآلف مع الحيوانات والحشرات، فقد أصبحنا أصدقاء القطط والكلاب السائبة والذباب نهاراً، كما تربطنا علاقة حميمة مع البعوض وسائر هوام الأرض ليلاً.

شكراً لكم، لأننا تعلمنا بفضلكم، معنى المياه الآسنة، والصبر على العطش، وشاهدنا ما لم يره أفضل أطفال العالم في الدول المتقدمة، فقد رأينا اصدقاء لنا بدون أطراف، وشممنا رائحة اللحم البشري المشوي على ناركم المتقدة على الدوام، وعرفنا مخاطر الدواء المنتهي الصلاحية، وصارت بطوننا أشد وأقوى من بطون أطفال العالم أجمع، حيث تعودت هضم المواد الغذائية المنتهية الصلاحية بكل سلاسة ولين، وكل هذا بفضل حكمتكم ونزاهتكم.

شكراً لكم، لأنكم خصصتم رواتب شهرية لكم تعادل مئة ضعف مما يستلمه آباءنا quot;أحياناًquot;، فلولاكم لما عرفنا الجوع والعطش، ولنشأنا مترفين لا نستحق مستقبل الرجال الأشداء على المحن.
شكراً لكم، ولحكمتكم التي علمتنا أهمية التوفير وعدم التبذير، فهذا العيد مر علينا دون quot;عيديةquot; كون آباءنا لم يستلموا رواتبهم منذ عشرة أشهر، وعلى وجه الخصوص الآباء quot;المترفينquot; ممن يعملون في تنظيف الشوارع وأصحاب العقود المؤقتة... نحن نعرف حرصكم علينا، وخططكم الأبوية التي دعتكم إلى إيقاف رواتب آبائنا، فأنتم تفكرون بتوفير المال لنا ndash; وإن كان في خزائنكم الخاصة - إلى حين نكبر ونصبح رجالاً صالحين، يمكن الاعتماد عليهم في خدمة هذا الوطن العظيم جداً بكم.

نحن نعرف السبب الكامن وراء خصوماتكم وتناحراتكم السياسية، إنه وبكل بساطة، تفكيركم العميق بأطفال العراق ومستقبلهم، فـ quot;ورقة أربيلquot; التي تناحرتم عليها، وحاربتم وفجرتم وفخختم وقتلتم من أجلها، قد أعدَتْ خصيصاً لنا، نحن أطفال العراق، وهذا واضح عند قراءة بنودها التسعة التي جاءت مجتمعة وبدون استثناء من أجل مستقبلنا المشرق، حتماً.

نفهم جيداً، حرصكم الكبير على نفط إقليم كردستان وتحصيل فوائده، كما نفهم موقف حكومة كردستان في تمسكها بأموال النفط لصالحها... نفهم طبيعة هذا الصراع quot;الشريفquot;... فأنتم تفكرون بحاضر ومستقبل الطفل العراقي، الحكومة العراقية تريد أموال نفط كردستان من أجل إنفاقها على أطفال العراق، وحكومة كردستان لديها الهَمّ نفسه، ونحن بدورنا نشد على أياديكم، لأن أبناءكم هم أيضاً من بين أطفال العراق، بل هم الجزء الحيوي والأهم من بينهم.

شكراً لكم لأنكم اخترعتم quot;بدعةquot; الدور الثالث كي ينجح كلّ فاشل دراسياً، أو ينجح فشلكم المرسوم على وجوه المحبطين وأصحاب العلل النفسية التي زرعتوها في أرواحهم... دور ثالث للراسبين يا أصحاب الشهادات الفريدة من نوعها!! كي تجبروا دول العالم على عدم الاعتراف بالشهادات العراقية حتى يتساوى أبناء الشعب العراقي، فلا يكون هناك أحد أفضل من الآخر، المزوِّر والناجح من الدور الأول أو الثاني أو الثالث صار الآن بسلة تقييم واحدة... شكراً لأنكم اخترعتم أحدث طريقة للمساوات بين أبناء الشعب العراقي... وشكراً لكم لأنكم تشعرون بمشاكل طلبة العراق ممن يصعب عليهم مراجعة دروسهم في الظلام حيث غياب الكهرباء الدائم، وتعذر وصول الطلبة إلى مدارسهم بسبب كثرة الطرق المغلقة، وغياب الطلبة المتكرر بسبب الخوف من الخطف أو الموت بالعبوات الناسفة، وأحياناً بسبب العطل quot;الرسمية - الدينيةquot; المتلاحقة حيث نعرف جميعاً ويعرف سيادتكم أن مجموع أيام العطل في العراق وصل إلى 180 يوماً بما فيها عطلة نهاية الأسبوع، وبهذا تكون نصف السنة تقريباً عطلة رسمية، من أجل رفاهية الطالب العراقي. فجاء اختراعكم المجيد للدور الثالث حلاً لكل هذه المشاكل وغيرها وليشكل سابقة عالمية يستحق العراق من أجلها أرفع الأوسمة والجوائز العالمية.

نشكركم، كونكم أبديتم محبتكم لأمهاتنا الأرامل حين أصدرتم قرار العمل بما يسمى quot;صحة صدورquot; الوثيقة. فكل كتاب رسمي يصدر من سيادكم هو موضع شك وريبة عند موظفيكم الغيارى الشرفاء، مما يتطلب كتاب آخر يسمى quot;صحة صدور الكتاب الأصليquot; وبهذا تعود الأرملة مرة وأخرى ماثلة أمامكم، لتتبارك بوجوهكم النورانية من شدة الإيمان، طالبة التصديق على الكتاب الذي صدر من قبل حضرتكم قبل أيام، شكراً لكم لأنكم لا تريدون نسيان مراجعيكم خصوصاً أمهاتنا الأرامل. نشكركم رغم أقاويل quot;الخبثاءquot; من أعداء العراق الجديد والديمقراطية الجديدة الذي يروجون إشاعات مغرضة مفادها أنكم وموظفيكم صرتم تأخذون الرشوة مرتين عن طريق كتاب quot;صحة صدورquot; الوثيقة... الخزي والعار لأعداء العراق وأعداء شعبه الجميل، الفقير quot;أحياناًquot;...

شكراً لكم لأنكم فرضتم علينا ممارسة الرياضة إيماناً منكم بأن العقل السليم في الجسم السليم حين قطعتم الماء عن بيوتنا وقررتم تخريب كل محطات الضخ والتصفية، حتى يتسنى لأطفال العراق ممارسة الرياضة عن طريق حمل quot;الجلكاناتquot; أو السطول المملوءة بالماء لمسافات طويلة، وهذا ما صار يذكرنا بمتعة ألعاب quot;تليماجquot; الشهيرة... وجعلتم منا أبطالاً لمسيرات التحمل التي شجعتم عليها، بل وأصريتم على إغلاق المدارس ومعاقبة كل من يتخلف عن ممارسة رياضة المشي عشرات الكيلومترات نحو أضرحة أأمتنا العظام طالبين لكم دوام الصحة والعافية والنصر الدائم على أعداء العراق وديمقراطيته الجديدة.

شكراً لأنكم جعلتم عيوننا أكثر جمالاً وأشد وسعةً، من بين عيون أطفال العالم، بسبب خوفنا الدائم والفزع الذي تسببه أصوات انفجارات ألعابكم النارية التي صارت عندنا، بمثابة موسيقى النشيد الصباحي، وصار أزيز رصاصات أفراحكم ليلاً بديلاً عن قصص الجدات قبل النوم التي نغفو على إيقاعها آمنين مطمئنين... نناشدكم بالمزيد من الأصوات المرعبة حتى تتسع عيوننا أكثر ويصبح الخوف جميلاً على وجوهنا.

شكراً لكم، كونكم تعملون جاهدين على أن يكون الطفل العراقي أكثر نفعاً من بين أطفال العالم، فقد صرنا بحكمتكم بنوك رخيصة لتجارة الأعضاء البشرية، وصرنا مصدر فرح وسعادة لكل شخص حُرمَ من الانجاب، فلولا خططكم الحكيمة الرامية لتجويع آبائنا لما باعنا الأهل إلى الغرباء المساكين الذين لم يدخل الفرح والسرور أرواحهم إلا حين أصبحنا أطفالاً لهم... صحيح أن أغلبنا صار خادماً أو مصدر متعة ليلة لهم، ولكن الفكرة قد أتت ثمارها بفضلكم.

لقد غمرتنا الفرحة حين أعلنتم وبكل شفافية عن كذبة ورقة الإصلاح، وأنها لم تكن إلا لتصفية الأجواء السياسية بينكم quot;حفظكم اللهquot; فحن لا نفكر بالإصلاح الذي سيغير حتماً من وضعنا الرائع الذي نعيشه الآن، وأنتم تعرفون أن أي تغيير يطرأ على عالمنا، سيكون مصدر إرباك لحياتنا التي تعودنا عليها بفضل شرفكم ونزاهتكم.

شكراً لاهتمامكم العظيم بالطفل العراقي اليتيم أو المعاق، فدور رعاية الايتام، ومراكز رعاية الأطفال المعاقين تنعم بالخير والرفاهية الفريدة من نوعها، النظافة ونوعية الأكل والاختيار المدروس للمربين والمعلمين من أصحاب الاختصاص، يشير إلى تفكيركم الدائم وسهركم على راحة وسعادة الأيتام والمعاقين، ونتمنى أن لا تزعجكم عشرات المقالات quot;المغرضةquot; التي تحاول النيل من العراق الديمقراطي الجديد، حين تنشر أخبار مؤكدة بالوثائق حول اغتصاب الأطفال في المراكز الحكومية المؤهلة لهم، وأن هناك متاجرة بالأطفال وأعضائهم البشرية، وأن الموظفين يقومون ببيع الغذاء المخصص للأطفال بالسوق السوداء وتركهم لأيام عديدة دون غذاء.

بفضلكم صارت ذاكرتنا أكثر خبرة في تفحص الخراب، وصارت أحلامنا أشد خصوبة في تصور السعادة، وبهذا بات مستقبلنا أكثر وضوحاً حتى بتنا نراه حقيقة ملموسة قبل أن يأتي... شكراً لكم، فبفضلكم وشرفكم وحرصكم، أيقنّا بأنَّ مستقبلنا ينحدر إلى الدرك الأسفل بكل راحة ودون عناء.
وفي الختام اسمحوا لنا أن نقول جملة باللهجة العراقية الدارجة، فنحن نعرف أن من بينكم ممن لا يجيد قراءة أو فهم اللغة العربية، لكم ولكل هؤلاء نقول... quot;الله يطيح حظ كل شخص ما فاهمكم زينquot;

* إشارة مهمة، كانت واحدة من الأسباب المباشرة لكتابة هذه الرسالة
في يوم الأربعاء القادم، 7 نوفمبر 2012، منحت الحكومة الدنماركية طلبة الاعداديات في الدنمارك، عطلة رسمية ليتسنى لهم العمل وتحصيل مبالغ مادية يتم التبرع بها لأقرانهم من الطلبة العراقيين داخل العراق، وهذا تقليد سنوي أقرَّ في الدنمارك منذ عدة سنوات لمساعدة طلبة الدول الفقيرة، وقد أثمر هذا القرار الذي أصبح تقليداً سنوياً، في تقديم مساعدات مالية إلى العديد من طلبة الدول الأفريقية الفقيرة... وقد تقرر العمل هذا العام لصالح طلبة العراق، نتيجة لزيارة قامت بها مجموعة من الطلبة الدنماركيين إلى العراق، حيث تعرفوا على الواقع المزي الذي يعيشه الطالب العراقي ndash; حسب التقرير الذي أعد من قبل الزائرين - وحجم العوز الهائل لأبسط مستلزمات الدراسة، حيث لا مقاعد دراسية ولا زجاج للنوافذ ناهيك عن بيوت الطين الذي صار اسمها مدارس في بلدٍ يعدّ أحد أغنى بلدان العالم. علماً أن الدنمارك تعتمد في ميزانيتها السنوية على الضرائب، وليس لديها ثروة نفطية.
ترى ما الذي سيقوله أبناء الجالية العراقية من الطلاب، وهم يشاركون زملائهم في جمع quot;الصدقاتquot; لأبناء جلدتهم داخل العراق؟؟


[email protected]