المتطرفون يحكمون مصر، هذه هي الخلاصة التي يمكن أن ينتهي إليها أي متابع للشأن المصري على كافة المحاور والأصعدة، حيث تشهد منذ تولى الرئيس محمد مرسي الذي ينتمي قلبا وقالبا لجماعة الإخوان المسلمين، حملات شرسة للنيل من المعارضين لسيطرة تيارات الإسلام السياسي على مفاصل ومقدرات ومصير الدولة المصرية، واتسعت دائرة التشويه والتكفير لتشمل السب والقذف والتهديد بالعنف لرموز وشباب القوى الوطنية، وقد تم تنفيذ ذلك على الأرض أخيرا من خلال اقتحام المليشيات العسكرية للمتطرفين بناء على قرار من مكتب الإرشاد للاعتصام السلمي الذي أقامه شباب القوى الوطنية أمام القصر الرئاسي رفضا للإعلان الدستوري ومشروع الدستور، ليسقط 7 شهداء من بينهم 6 ينتمون لشباب القوى الوطنية ومئات الجرحى، وقبل ذلك محاصرة مبنى المحكمة الدستورية العليا إحدى ثلاث محاكم على مستوى العالم وتهديد مستشاريها بالقتل.

الإرهاب الذي لا يزال مستمرا تتسع دائرته على مدار الساعة، حيث يحاصر أنصار الشيخ حازم أبو إسماعيل مدينة الإنتاج الإعلامي في محاولة لقمع الإعلام وتهديد الإعلاميين للتراجع عن تغطية ومتابعة الجرائم التي ترتكبها مليشيات الإخوان وأنصارها في الجماعات السلفية والجهادية والتكفيرية، وقد خطب الشيخ حازم اليوم داعيا أعضاء هذه الجماعات من الرجال والنساء للمجئ والمشاركة في حصار مدينة الإنتاج ومقرات الصحف الخاصة بوسط القاهرة، وأمهل معتصمي الاتحادية بالرحيل خلال 24 ساعة وإلا سيوجه إلهم من يفض اعتصامهم بالقوة.

لقد أصبحت القاهرة اليوم على أكثر من خطاب لقيادي في تيارات الإسلام السياسي يعلن صراحة اللجوء إلى العنف في قمع المعارضين، يؤكد أن من يحكم مصر ليس الرئيس محمد مرسي ولكن جماعته ومؤيديها، الخطاب الأول كان للمرشد العام للإخوان المسلمين محمد بديع الذي خرج ليتهم المعارضة المصرية بالفساد والإجرام وليحرض على قتلهم وقتل الشعب المصري ويطالب بتنحي وزارة الدفاع ووزارة الداخلية وقوات الحرس الجمهوري، متباكيا على تاريخ جماعته الذي اضطهدوا وسجنوا بسببه quot;وكنا تحت القهر والظلم والاستبداد، وتبنت الجماعة الحوار كوسيلة وحيدة للتعامل مع المخالفين والمعارضين. ما يحدث ليس معارضة ولكنه فساد واستبداد وإجرامquot;.

وأكد أن quot;الإخوان سيدافعون عن مؤسسات الدولة مهما كلفنا الأمر من تضحيات، ولو كنا نتصدر المشهد لطلبنا تنحي الحرس الجمهوري، ووزارة الدفاع، ووزارة الداخليةquot;، وقال أن الجماعة ستدافع عن الشرعية مهما كلفها الأمر، quot;نحن ماضون في طريقنا مهما كلفنا ذلك، وسوف تمضي مصر في مسيرتهاquot;، وأضاف quot;إن الجماعة في حالة دفاع عن النفس ضد من يعتدي عليها، وسندافع عن أنفسنا ومقراتنا وعن مصر ودستور مصر مهما كلفتنا التضحياتquot;.

وادعى المرشد أن جميع قتلى أحداث قصر الاتحادية من الإخوان في الوقت الذي أعلنته فيه
النيابة العامة أن عدد القتلى 7 بينهم واحد فقط ينتمي للإخوان المسلمين، وأن الضحايا مصابون بطلقات نارية وطعنات بأسلحة بيضاء!

وتلا خطاب المرشد العام بيان ائتلاف القوى الإسلامية الذي يضم الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح، والدعوة السلفية، والجماعة الإسلامية، والإخوان المسلمون، ورابطة علماء أهل السنة، ونقابة الدعاة، ومجلس أمناء الثورة، والجبهة السلفية، وحزب النور، وحزب الحرية والعدالة، وحزب البناء والتنمية، وحزب الأصالة، وحزب الإصلاح، وحذر القوى الوطنية ورأى فيها مجموعة من المتلاعبين بإرادة الشعب ويسعون لاغتصاب الدولة أو الانقلاب على الشرعية، مؤكدا quot;كل الخيارات مفتوحة أمام القوى الإسلامية للحفاظ على الشرعية ومؤسسات الدولة المنتخبةquot;، وهاجم الإعلام quot;الكيل فاض مما وصفه بالإعلام الفاسد الممول نتيجة لما وصفه بكذبه وبهتانه وإجرامه في حق الثورة المصرية، وانحيازه إلى النظام البائد ورجال المال الفاسدquot;.

وفي الإطار التهديدي جاءت أيضا كلمات نائب المرشد خيرت الشاطر الذي كان أكثر وضوحا في تحديده المستهدف بالعنف بعد أن اتهم المعارضة بأنها تسعى لإسقاط شرعية الرئيس وأنها تدار وتمول من مقرات في ثلاث دول منها دولة خليجية.

هذا الترهيب الذي تقوده القيادات الإسلامية تقوده في ذات الوقت كوادرها في محافظات ومدن وقرى مصر من خلال استخدام المساجد والزوايا واستغلال جهل وأمية وفقر المواطنين في زرع العنف والدعوة إليه في التعامل مع المخالفين والمعارضين، وفي المسجد الذي صليت فيه تلا الخطيب الآية الكريمة quot;إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌquot; مطالبا بتطبيق حد الحرابة على المتظاهرين المعارضين للرئيس محمد مرسي.

وتأكيدا على أن هناك أوامر لهذه الكوادر للنيل من المعارضين وتوصيفهم بأنهم مجموعة من الخارجين على القانون والشرعية ما جاء على لسان يسري حماد المتحدث الرسمي لحزب النور على حسابه الشخصي بموقع التواصل الاجتماعي quot;تويترquot; الذي طلب بعقاب المتظاهرين المعرضين للرئيس مرسي عقاب البلطجية الخارجين عن الشرعية مستندا إلى الآية السابقة نفسها.

الاستشهادات لا حصر لها، لكن الخطر الأكبر هو ما يتم في الشارع المصري الذي أصبح أشبه بحضانة لتفرخ الإرهابيين، حيث تجري على قدم وساق عمليات غسيل مخ للأغلبية الأمية والفقيرة وتحريض باسم الله والرسول استنادا إلى تفسيرات وشروحات لفقهاء ورجال دين متطرفين.

وهذا الخطر أصبح واضحا وجليا لكل عابر، مجرد عابر، في الشارع المصري، حيث نرى التربص بالحرية الشخصية وحرية التعبير والرأي وتشويه الثورة ورموزها، ولمن لا يعرف إن جماعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تعمل بنطاق واسع داخل المناطق والأحياء الشعبية الفقيرة، بل تسيطر على مقدرات الأهلي في هذه الأحياء.