دون مقدمات طويلة او حتى قصيرة اكتشف بعض الداخل العراقي ومعه الاعلام الخليجي والاردني التابع للحكومات المعنية ان الرئيس المالكي ديكتاتور جديد في العراق !! وكان العبث العربي المزمن طيلة الاشهر السابقة يستخدم نغمة شاذة اخرى تتكلم عن quot; طائفية quot; المالكي، وبعد ان خسرت هذه الجهات سوق الطائفية المقيتة جاءتنا الان بنغمة اكثر تشير الى ديكتاتورية المالكي.

والرد على مثل هكذا خزعبلات لايستحق عناء الا عدة كلمات قد تختصر بالنص التالي quot; المالكي منتخب بشكل شخصي بالمركز الاول على مستوى العراق، وهو ينتمي الى التحالف الوطني الذي يمثل غالبية ساحقة ديمغرافية ودستورية وقانونية. فعلى ماذا حصل خصوم المالكي من اصوات شعوبهم ومن اعطائهم حق الحكم والتصرف بمصير العباد والبلاد؟!quot;.

ان اهم دوافع خصوم الرئيس المالكي من بعض الدول العربية كانت ومازالت وستبقى quot; الطائفية السوداء quot; التي تتحكم برسم سياستهم اتجاه الحكومة العراقية المنتخبة وطنيا واتجاه رئيس الحكومة المنتخب وطنيا.

وفي السابق كان صواب القول ان الحكومات العربية تفهم بشكل متاخر وتحاول ان ترقع مواقفها المتاخرة لكن مع الحالة العراقية يبدو ان هولاء لايريدون حتى مجرد الفهم ومازالوا يحلمون بعودة عقارب الساعة الى الوراء بحكم الاقلية الطائفية لمجرد التشابه الطائفي مع حكومات الدول المعنية، وهذه طامة كبرى لانها تدفع بالعراق البلد والعراقيين الشعب الى اتجاهات اخرى بعيدة عن نقاط الالتقاء القومي طالما ان القومية اصبحت جسر لتحقيق اهداف طائفية مؤذية في عراق مابعد نيسان 2003.

ولااعرف كيف تفهم وتحسب هذه الحكومات نتائج موقفها الخطير هذا اتجاه العراق الجديد، خاصة مع قياس درجة البرود والصقيع الذي عبر عنها الشعب العراقي وهو يستقبل رموز هذه الانظمة العربية في قمة بغداد، لكن القراءة العربية مثل ماهي دائما سجلت قصور اخر اذ لم يمضي اكثر من 24 ساعة على انتهاء القمة حتى شن الاعلام السعودي والقطري حملة مشحونة ضد الرئيس المالكي وفات عليهم ان الرجل سيجنى ثمار هذه الحملات المضادة باصوات أضافية مؤيدة وداعمة له في الشارع العراقي، لانه بطريقة واخرى يمثل نبض هذا الشارع. اما من يتصور في هذا الاعلام وهذه الحملات المسعوردة ستسقط المالكي فتلك نكتة مملة جدا.

اما الجانب الذي يخص ماركة الداخل العراقي فهذه اطراف سياسية مشتركة في البرلمان والحكومة لكنهم يشعرون بعجز كبير امام صلابة الرئيس المالكي الذي وضع من يستحق في زواية واقعية امام استحقاقات دستورية وقانونية وحتى سيادية ومالية طال انتظارها في ظل تمادي اطراف معينة عبثت بالامن العراقي ومن جانب اخر بالاقتصاد العراقي واشتراك كثير من هذه الاطراف بصفتي الانفلات والاستهتار الذي وصل الى درجات متدنية بشكل يثير اكثر من علامة استفهام، تحت يافطات قومية وطائفية وتحت مسميات وعناوين رسمت لنفسها سمات الحصانة بل و حتى القدسية الوهمية. وفات على هولاء مثل مافات على غيرهم في الاقليم الخارجي ان الرئيس المالكي ليس موظفا صغيرا عندهم او تحت رحمة احزابهم في مجلس النواب، بل هو اقوى من ذلك بكثير وهذا مايفسر صلابته في التعامل مع عدة اطراف في وقت واحد تشترك جميعها بصفة الانتهازية واستغلال الظروف لجنى مكاسب سياسية ومالية غير قانوية ولادستورية.

ان الحملة المسعورة التي تشن على الرئيس المالكي متزامنة داخليا وخارجيا وهذه ليس صدفة او مجرد تزامن غير مقصود، بل هي مؤامرة كبرى لدخض امال وطموحات انسانية ودستورية لفئة تمثل الغالبية الساحقة من الشعب العراقي، ومتزامنة مع تعهدات غربية لبعض دول المنطقة وايضا لبعض طوائف وقوميات وعشائر المنطقة وايضا مع تغيرات جوهرية جرت في المنطقة وايضا مع توقعات قد تبدوا غير واقعية ولا منطقية في بعض جوانبها للمستقبل السياسي في سورية، ومع غياب احتساب منطقي عند الطرف الاقليمي لامكانيات الواقع السكاني في العراق فان الكارثة نفسها ستكون النتيجة الطبيعية لما يحيط بكل المنطقة، خاصة اذا بقيت احلام العصافير تعشعش في طريقة تعامل هولاء مع العراق الجديد. ان الرئيس المالكي لن يسقط بل سيسقط اخرون يعتقدون أنفسهم في بروج طائفية وقومية وحزبية وعشائرية وفئوية مشيدة في غفلة من الزمن العراقي الجديد. وسيكون وقود استمرار الرئيس المالكي جمهور عراقي عريض وليس عشيرته او حزبه مثلما يفعل الاخرون، وهذا الفرق بين رجل الدولة ورجل العشيرة ورجل الحزب في الخارج او في الداخل العراقي على حد سواء، وسترتد عليهم عاجلا حملتهم البائسة من ماركة الديكتاتورية المزعومة.

محمد الوادي
[email protected]