في إحتفال أقيم في النجف في نفس يوم ( تحرير العراق ) وإسقاط نظام صدام والبعث على يد القوات الأمريكية فقط لاغير أي في التاسع من نيسان/ أبريل وبمناسبة الذكرى السنوية الثانية والثلاثون لإعدام السيد محمد باقر الصدر أحد مؤسسي حزب الدعوة الحاكم حاليا وشقيقته المرحومة آمنة الصدر ( بنت الهدى ) شن الأمين العام لحزب الدعوةنوري ( جواد ) المالكي بصفته تلك هجوما خطابيا لاذعا ليس على نظام صدام البائد فقط، بل على القوى العلمانية التي وصفها بالإلحادية الكافرة والتي إدعى بأن فكر حزبه ( الدعوي ) قد هزمها وأدخلها الجحور بعد أن أقام الدعويون في العراق وبفضل الحذاء الأمريكي الثقيل فقط لاغير ودماء شباب المارينز! وبركات الصواريخ الأمريكية العابرة للقارات وبفضل( اليورانيوم المنضب )!! جمهورية الدعوة الفاضلة في العراق!! وحققوا التنمية الإنفجارية الرهيبة!! ونقلوا العراق وشعبه لمستوى دول النمور الآسيوية ولكن في مجال واحد فقط وهو مجال ( اللطم والتطبير وضرب السلاسل والعطل الماراثونية وتحويل العراق لجيش وشرطة فقط !!؟ المالكي في حربه الهوائية وعلى طريقة الرفيق الأسباني ( دون كيشوت ) شن حربا في الزمن الخطأ والمكان الخطأ ضد الخصم الخطأ!

فالعلمانيون والليبراليون والديمقراطيون واليساريون والقوميون في العراق لم يقتلوا الصدر ولا أي شخص آخر؟ ولم يمارسوا الفتن الطائفية وتتبرقعوا و يتمترسوا خلف حجاباتها المريضة المخجلة، كما أنهم بالقطع ضحايا لحالة العسكرتاريا الرثة التي ضربت العراق منذ عام 1958 ولاتزال تفعل فعلها حتى اليوم، صدام حينما أعدم الصدر لم يعدمه فقط بسبب عمامته أو فكره الديني المضاد للإلحاد والمؤمن بنظرية الدولة الدينية المقدسة، بل أعدمه لأنه يغرد خارج سرب النظام وتحت نفس طائلة ذلك الإتهام تم إعدام وتصفية آلاف العراقيين من الشيوعيين والديمقراطيين والقوميين وحتى من البعثيين أنفسهم ؟ هل ينكر المالكي ومن يرى رأيه بأن أول من أعدمهم صدام في تموز/ يوليو عام 1979 بعد إنقلابه على الرئيس أحمد حسن البكر هم رفاقه في القيادتين القومية والقطرية للحزب وفي قيادة الدولة آنذاك كمحمد محجوب ومحمد عايش وعدنان حسين وغانم عبد الجليل والمفكر عبد الخالق السامرائي وغيرهم العشرات من قياديي الصف الأول في حزب البعث بما فيهم المفكر الأردني منيف الرزاز!

ثم إن إعدام الصدر جاء نتيجة لتصاعد الصراع مع إيران عشية الإعداد للحرب ضدها ولكن المالكي يتجاهل اليوم إعلان الرأي المعروف لدى العديد من الإسلاميين العراقيين والذي عايشته في إيران ذاتها منتصف ثمانينيات القرن الماضي والقائل بأن إيران الخميني تتحمل بالذات المسؤولية ألأولى والمباشرة في مقتل وإعدام محمد باقر الصدر عبر البرقية الشهيرة التي أرسلها الخميني الراحل وعبر البريد الحكومي العراقي المفتوح للسيد الصدر والتي تأمره فيها بعدم مغادرة العراق والبقاء فيه وتحمل مسؤولية قيادة الثورة الإسلامية هناك !!؟ وهي مسألة معروفة وملف مفتوح لايجرؤ إسلاميو العراق اليوم على فتح ملفاته والنبش في حقائقه، لقد تخلص الإيرانيون وبحذلقة قليلة من أكبر رجل إسلامي في العراق كانت له رؤيته الخاصة والتي كانت بالقطع ستتعارض تماما مع المشروع الإستبدادي الديني الإيراني ودفعوا نظام صدام للقيام بالمهمة التي كان سيقوم بها لأنه يقطع رؤوس جميع المخالفين ولو كانوا من أهله كما أثبتت الأيام لاحقا، لم يتطرق نوري المالكي في إحتفال الشهيد الصدر عمن قتل الصدر حقيقة ؟ ولم يتم التطرق أبدا لتلكم الصفحات الغامضة ولكنها المعروفة والتي كان الدعويون يتناقلونها خلال وجودهم في إيران وكانت سببا لخلاف إيراني واسع النطاق معهم لم تنته العديد من جوانبة الآيديولوجية بعد، وبدلا من أن يقوم نوري المالكي بإدانة الدور الإيراني المباشر في إعدام الصدر شن هجومه المباغت والفاشل على جماهير الفكر العلماني الحر و المستنير والناجح الذي يقود دولا ناجحة كبيرة وليس مستوطنات طائفية فاشلة وسقيمة كما هو الحال مع نظام الحكم الحالي السقيم في العراق، لقد تجاهل المالكي تضحيات ودماء أجيال واسعة من العراقيين الأحرار قارعوا الأنظمة القمعية قبل أن تولد جمهورية إيران الثيوقراطية الفاشلة وقبل أن تتأسس مجاميع الأحزاب الطائفية الدينية التي قسمت الشعب والمجتمع لشيعا وطوائفا وأحزاب متنافرة ومتعادية وحولت العراق لمنتجع رائع للشقاق والنفاق والذبح على الهوية..!

لانستغرب أبدا تلك الهجمة الظلامية من نوري المالكي الذي هو في البداية والنهاية قائد سراديبي لحزب طائفي ديني لم يعرف عنه طيلة وجوده في المعارضة في الخارج أي فكر أو أطروحة فكرية جماهيرية بل كان يعمل مع سراديب حزب الدعوة في سورية او ايران كما أنه اليوم أحد المؤسسين العلنيين لأطروحة الدولة الإستبدادية الطائفية وجميعنا يتذكر عبارته السلطوية الشهيرة ( ماننطيها ) أي السلطة؟ وما العزاء السلطوي الكبير القائم في العراق اليوم إلا ترجمة للتوجهات التأزيمية لقيادات طائفية فاشلة، لقد رفع المالكي سيفه الخشبي فعلا ضد خصومه الوهمين وباشر التزوير في محاضر التاريخ العراقي وتضحيات الأحرار.

[email protected]