لا يكفي ان يحاكم اركان النظام السابق على الفظائع التي ارتكبوها بحق الشعب الكردي، ويترك العراق كدولة يفلت من العقاب، الحكومات العراقية المتعاقبة اجرمت بحق الاكراد ليس لذنب اقترفوه، بل لحق طبيعي طالبوا به واصروا عليه وهو الحرية ضمن عراق واحد موحدquot;الحكم الذاتيquot;في فترة السبعينات أوquot;الفدراليةquot;في الفترة الحالية، فهل هذا المطلب البسيط الشرعي والقانوني الذي تؤيده كل الشرائع السماوية وغير السماوية يستوجب القتل والحرق والابادة الجماعية ؟!
هل هذا يتطلب التعريب والتهجير ودفن الالاف المؤلفة من الاكراد العزل وهم احياء؟! ماذا فعلوا ليستحقوا هذا العقاب الصارم الذي لامثيل له ؟! هل قاموا بالاغارة على المدن العربية وقتل مافيها من نساء واطفال ورجال ضعاف بصورة وحشية فقط لكونهم عربا؟
لم يفعلوا ذلك، لان هدفهم لم يكن القتل من اجل القتل وبهدف التطهير العرقي كما دأبت الدولة العراقية على القيام به منذ تأسيسها، بل لردع الظلم والعدوان والوصول الى الحرية المنشودة، كانوا دائما الطرف الاضعف في المعادلة العراقية، والاسهل في اخضاعهم للمخططات السياسية، والاكثر تعرضا للقتل والقمع المنظم، والشواهد على ذلك كثيرة لاتعد ولا تحصى، ومن الطبيعي في حالة كهذه ان تتم محاسبة الجاني الذي هو النظام العراقي ومعاقبته وانصاف المجني عليه وارجاع الحق اليه وهو الشعب الكردي، بطريقة حضارية متطورة ضمن آليات قانونية متبعة، وعبر محاكم ومحافل دولية معروفة..فهل اذا طالبناquot;الحكومة العراقية الاتحادية باعتبارها الوارث الشرعي للنظام البائد تقديم اعتذار رسمي لشعب كردستان وتعويض متضرري الانفالquot;كما دعا اليها رئيس حكومة اقليم كردستان نيجيرفان بارزاني قبل ايام، نكون بذلك قد شققنا عصا الطائعة على الحكومة العراقية وعادينا دولة القانون وquot;المالكيquot;؟ المسألة قانونية بحتة ولا احد يكره ان يسود العدل في المجتمع العراقي، كان يجب على القادة الكرد ان يعملوا على هذه القضية فور بدأ الحكومة العراقية الجديدة بمهامها عام 2003، ويجبروها على تحمل مسؤوليتها ازاء هذه القضية، ولكنهم لم يقوموا بذلك لغايات مصلحية و سياسية بحتة او ربما لاعتقادهم ان الزعماء الجدد متفتحون وديمقراطيون وحضاريون، يختلفون عن سابقيهم وكانوا على خطأ كبير، فقد برهنت التجارب القليلة الماضية ان القادة العراقيين الجدد سواء منهم السنة او الشيعة، الاسلاميين منهم او القوميين الليبراليين لايختلفون عن سابقيهم في معاداة الاكراد قيد انملة..كنت قد نوهت الى هذا الموضوع في احدى كتاباتي عام 2005 وطالبتهم برفع دعوى قضائية عاجلة ضد الحكومة العراقية في المحاكم المحلية والدولية لتحميلها كافة التبعات القانونية للجرائم التي اقترفتها بحق الاكراد، اسوة بالدولة الالمانية التي مازالت تدفع التعويضات لليهود المضطهدين على الرغم من مرور نصف قرن على جرائم قادتها النازيين ضدهم..وكما ان محاكمة رموز النظام النازي لم تعف المانيا عن التزامها بدفع التعويضات والتكفير عن اخطاء ابنائها، كذلك يجب ان يكون الحال مع الدولة العراقية، لكي لا تكرر جرائمها بحق شعوبها والشعوب الاخرى و..تكف عن خرق القوانين الدولية..
[email protected]
التعليقات