منذ 2011 نشرت وكالة الطاقة أكثر من تقرير عن الطابع العسكري للمشروع النووي الإيراني. وها هي الجولة الجديدة من المباحثات، التي اختارت إيران بغداد مكانا لها وكأنها مدينة إيرانية، تنتهي بلا نتيجة سوى جولة جديدة لن تكون إلا هدرا للوقت لصالح إيران، كالعادة، وإلى انتهاء الانتخابات الاميركية فتكون إيران قد تقدمت خطوات جديدة نحو امتلاك تقنيات صنع القنبلة..
منذ 2009، نشرنا أكثر من مقال عن سذاجة سياسات اوباما في معالجة الخطر الإيراني، نوويا كان أو دورا تخريبيا على نطاق المنطقة، وآسيا. وقدم الرئيس الأميركي هدية بعد أخرى لنظام الفقيه، من الصمت عن قمع الانتفاضة الإيرانية بالدم، إلى هدر الوقت في اتصالات ومباحثات منفردة، وإلى إرسال رسائل تطمين لخامنئي. ولكن نظام الفقيه كان يواصل لعبة الشد والجذب والكلام المراوغ وازوداجية الخطاب، بينما كان يتقدم باستمرار في تقنياته النووية، ويبني مفاعلات جديدة، ويرفع التخصيب إلى 20 يالمائة- وأيضا إمعانا في تخريب المنطقة من العراق، فلبنان، فغزة، فاليمن، وإلى التدخل السافر لدعم النظام السوري الجزار ومده بالمال وتمكينه من تهريب النفط ومده بمسلحي حزب الله.
في أوائل الشهر الماضي كتبت تحت عنوان quot; عودة المفاوضات العقيمة والقنبلة في الطريقquot; أنه يظهر أن الغرب، بمبادرة وزعامة الولايات المتحدة، مستعدة اليوم للتوصل لصفقة ما لن تكون إلا على حساب الدول العربية والأمن العالمي. فأوباما مهووس بتجديد رئاسته، ودول الاتحاد الأوروبي منهكة بأزماتها المالية والاقتصادية وبخلافات المواقف، خصوصا بعد انتخاب هولاند للرئاسة والمهمة غير المعلنة لزيارة رئيس الوزراء الاشتراكي الأسبق، روكار، إلى إيران.
لقد كنت أرى أن العالم أمام خيارين بالنسبة للخطر الإيراني: إما التهديد الجدي والحازم والعلني باستخدام القوة لفرض إذعان النظام الإيراني للمجتمع الدولي ووقف سباقه النووي العسكري وتخريبه للمنطقة، كما فعل ريغان حين هدد إيران حول الرهائن الأميركيين؛ وإما مواصلة سياسة إغماض العين، والسماح بالانخداع بquot; ضماناتquot; بأنها لن تصنع القنبلة، حتى إذا أفاق العالم على قنبلتها، طالبوها بعدم استخدامها وإلا فهو الرد بالقوة. بعبارة أخرى، يأتي التهديد بعد صنع القنبلة. وهو أيضا مغزى القرار الذي اتخذه مجلس النواب الأميركي مؤخرا بإجازة القوة إذا هددت إيران بالسلاح النووي.
كتب الأستاذ عادل درويش قبل شهر أن quot; مسيرة الجمهورية الخمينية نحو تطوير السلاح النووي تقف اليوم على حافة اللاعودة. واللاعودة هنا تعني تطور سيناريو يعجز فيه العالم عن منع إيران من امتلاك السلاح النووي: ضربة عسكرية [ خيار المتشددين بهوس أيديولوجية تبرر مسح دول من الخريطة]؛ أو الهيمنة على الخليج بابتزاز الدول العربية نوويا والتحكم في تدفق بترولها وإحلال شمولية ولاية الفقيه محل الحكومات المدنية، [ خيار المعتدلين من حكام إيران]. وهكذا يزداد الخطر الإيراني، إقليميا ودوليا. وبسبب التساهل الأميركي المستمر، باستثناء عقوبات غير رادعة، ستصل إيران لمرحلة القنبلة، ويواصل الدم السوري بالجري انهارا، وتزداد الهيمنة الإيرانية في العراق وفي لبنان الذي يتعرض لخطر حرب طائفية داخلية، كما تواصل إيران شق طريقها نحو مصر، وتهديد دولة الإمارات والبحرين. الوضع خطير، فهل من مفاجآت تقلب المعادلات!!!