ربما لم يكن متوقعا من قبل كثيرين ان إسرائيل ستقتحم المشهد السوري في هذا التوقيت الدقيق، وستضرب منشأة بحثية عسكرية في وقت يغرق فيه البلاد في أنهر من الدم.
ضرب مركز البحوث العملية السورية بالقرب من العاصمة دمشق، حمل معه رسائل كثيرة لجهة التوقيت والأهداف، وفي الوقت نفسه فتح الباب أمام تداعيات محتملة على وقع سخونة المشهد السوري وعلاقته بالوضع الإقليمي في المنطقة، وبنظر كثيرين فان الغارة حملت معها الأهداف والرسائل التالية
: 1- ان يكون الهدف شحنة أسلحة متطورة مرسلة لحزب الله ، وسط تقارير تتحدث عن أنها كانت صواريخ مضادة للطائرات والدبابات، فضلا عن صواريخ طويلة المدى.
2- ان يكون الهدف أسلحة كيميائية بناء على معلومات استخباراتية، وقد جاءت الغارة بعد أيام من تهديدات إسرائيلية وتهويل إعلامي بخصوص الإسلحة الكيميائية السورية علما ان سوريا لا تعلن رسميا امتلاكها للسلاح الكيميائي، لعل كانت أخرها قبل ساعات من الغارة، عندما أعلن قائد القوات الجوية الإسرائيلية امير إيشل ان إسرائيل تمتلك مجموعة من القاذفات الحديثة وطائرات دون طيار منخرطة في حملة من الحروب السرية.
3- الرسالة الإسرائيلية في الحالتين كانت مزدوجة،
الأولى : القدرة على خوض الحروب الوقائية وتدمير مصادر التهديد داخل أرض الخصم.
والثانية : عدم السماح بعد اليوم بإيصال أسلحة متطورة لحزب الله ، بعد ان منيت المؤسسة العسكرية الإسرائيلية بالإخفاق في حرب تموز عام 2006 وعليه تعتبر ان مسألة إيصال أسلحة متطورة لحزب الله بات خطا أحمرا من أجلها تخوض الحروب السرية والعلنية، من السودان إلى الأراضي السورية.
في دلالات هذه الغارة، ينبغي التوقف عند ما يلي:
أولا ان توقيتها (الساعة الرابعة والنصف فجرا) جاء متطابقا لجهة التوقيت مع الغارات الإسرائيلية السابقة، كما حصل في أثناء تدمير منشأة الكبر في محافظة دير الزور شرقي البلاد، ومن قبل موقع عين الصاحب بالقرب من الحدود اللبنانية، فجميع هذه الغارات حصلت فجرا.
ثانيا : ان إسرائيل مستمرة في انتهاك سيادة الدول العربية ولا تعطي أي اعتبار لا للعلاقات الدولية ولا للقانون الدولي ولا لأي رد فعل عربي أو دولي محتمل.
ثالثا: ان الغارة الحالية ورغم صعوبة ربطها بالأزمة الداخلية السورية الا أنه ينبغي عدم استبعاد فرضية وجود علاقة ما، سوى لجهة التعاون أو لجهة خلط الأوراق أو حتى التداعيات. في جميع الأحوال، مجمل ما حصل ينقلنا إلى طرح فرضية التداعيات المحتملة، وهنا يمكن التوقف عن مسألتين :
أولا : بعيدا عن الكلام المعروف بشأن الرد في المكان والزمان المناسبين، فان توقيت الهجوم وفر فرصة حقيقية للنظام السوري للرد فعليا، بما يشكل هذا الرد خلطا لأوراق الأزمة وربما تصديرها إلى الخارج.
ثانيا: اللافت في بيان حزب الله المندد بالغارة الإسرائيلية، هو إعلان التضامن الكامل مع سوريا قيادة وجيشا وشعبا، وكلمة الكامل هنا تحمل دلالات كثيرة، كلها تصب في خانة الاستعداد والتحرك في لحظة ما.
ثالثا : حالة الاستنفار والتأهب الكامل في إسرائيل ، وهذا الأمر له دلالة كبيرة لجهة المعلومات المتوفرة بشأن إمكانية الرد سواء من داخل سوريا أو حتى من الأراضي اللبنانية. في جميع الأحوال الغارة الإسرائيلية برسائلها المختلفة، ضعت المنطقة أمام احتمال حرب جديدة خاصة إذا شكل هذا الخيار خلطا للأوراق ومخرجا مؤقتا للأزمة السورية بعد ان ظلت طوال سنتين دون أفق.
التعليقات