عشية الزيارة الذي قام فيه وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري الى الدوحة ومشاركته المفاجئة في مؤتمر القمة العربية الأخيرة لا بد من بعض الكلام الصريح عن بعض المواقف المتناقضة لرئيس اقليم كردستان مسعود البرزاني والذي يفرض تساؤلا مشروعا عن أهداف هذا التناقض في المواقف. فعندما نتحدث عن البرزاني والثورة السورية وفي ظل تفاقم خطير للأزمة الأجتماعية والا قتصادية نتذكر ما قدمه البرزاني من دعم سياسي وانساني للشعب السوري بوصفه رمز للأجماع الكردي ومجسد الوفاق الوطني.

فالبرزاني هو عراب تأسيس المجلس الوطني الكردي السوري في أربيل. وهل يستطيع أحد انكار دوره في ما جرى أو التقليل من تأثير هذا الدورعلى الملف الأقليمي.
لقد كان مؤتمر القمة العربية الأخير مناسبة خارقة لتأكيد دعم البرزاني للثورة السورية أمام العرب وكشف مواقفه المساندة للثورة السورية وتصورالعلاقة المستقبلية معها، لكن بخلاف ما كان متوقعا اعترض العراق من خلال وزير خارجيته زيباري على تسليم مقعد سوريا للأئتلاف السوري المعارض.

واذا نفسح المجال لمزيد من الكلام السياسي فقد رأينا زيباري ذاهبا الى مؤتمر القمة العربية في الدوحة مهمشا مهزوزا الشرعية معدوم القدرة، بعدما غادر بغداد منسحبا مع زملاءه الوزراء الكرد من حكومة المالكي معترضين على النهج القائم.

أساس الموضوع هو الحفاظ على العراق الجديد القائم على الشراكة مثلما يزعم البرزاني و مصير العراق وبالتالي موقعه من وفي محيطه ودوره في معارك أمته وحقوقه عليها، ومن ضمن صيغته السياسية الداخلية التي تحفظ له الهوية والموقع والدور والحقوق بما في ذلك حق الحرية والديمقراطية والتقدم من خلال قدرة شعبه على استيعاب روح العصر فكيف أعترض زيباري على اعطاء تلك الحقوق للسوريين؟! فلماذا لم تتحملوا مسؤوليتكم القومية بالمساعدة على الحل؟

فيما يتعلق الموضوع بكركوك فله مع الرئيس برزاني أيضا قضية تستحق وقفة طويلة ومحاسبة جيدة. فالرئيس برزاني مشاكله مع أجهزته من الجيش كمؤسسة تعتبره المتسبب في انشطارها على ذاتها وفقدانها لدورها الوطني وفي الاتهامات في التحييز التي تسد عليها طريق المستقبل. فالبرزاني كان من أشد المعارضين على قيادة عملية دجلة للجيش في محافظات تكريت ديالى كركوك هو وانصاره كانوا من اكثر المتضررين من معارك الارهابيين وفقدوا خيرة كوادرهم بسبب الهجمات الارهابية المتواصلة في كركوك. فبدلا من أن يقوم البرزاني بتعزيز دور الجيش أمر بارسال البشمركه لتقييد دوره الوطني انطلاقا من موجبات قومية كما روج له في وسائل الاعلام، ولم يفعل ذلك الا من أجل احداث ارباك في صفوف المعارضة في الداخل والخصوم، وكانت محاولة عبث حقيقية بالمدينة العريقة ذات التراث النضالي وذات الدور الذي لا غنى ولا بديل عنه في التوازن الوطني.

وعندما نتحدث عن المواقف المتناقضة للبرزاني فانها كثيرة لكن أبرز الخلافات مع بغداد كان حول الجيش وتسليح الجيش حتى مع مجلس النواب يعاني الحكم في أربيل أزمة الثقة في العلاقة تكاد تعطل التواصل الضروري. فقبل اسبوع سئل نائب رئيس مجلس النواب العراقي عارف طيفور عن تلك الصفقة فردد على مسامعنا ما يردده البرزاني في خطاباته التفصيلية بان تلك الأسلحة موجهة ضد الشعب الكردي!

فالسؤال هو اذا كان ابرام هذه الصفقة مع روسيا تكريس لعودة الدكتاتورية وتهدد السلامة الوطنية فمن الذي ساهم بشكل كبير بأبرام هذه الصفقة؟ ألم يكن وزير الخارجية هوشيار زيباري وماذا عن السفير العراقي الكردي في موسكو دوره كان أساسيا في اتمام الصفقة وهذا ما سمعناه على لسان الرئيس العراقي طالباني ايضا.

وفي ظل تعطيل شبه كامل للحياة السياسية والاقتصادية في اقليم كردستان ومع استمرار عملية تهريب النفط بشكل غير قانوني من الأقليم ومع استمرار المحاولات لتهميش مؤسسة رئاسة مجلس الزوراء بأعتبارها الوجه الأبرز للحضور السياسي لبغداد بكل ما تمثله وترمز اليه كان الشعور بالحاجة الى بعض الكلام الصريح عن أربيل بوصفها المدخل الى اي كلام جدي في القضية العراقية.

فاذا كانت بغداد مطالبة بالانفتاح على القوى السياسي الموجودة وأن تعزز دورها ببرنامج وطني شامل فكردستان مطالبة أن تطرح الحقائق كما هي ومثل هذه المكاشفة لا تؤذي الجماهيير، حتى وأن صدمتها للوهلة الاولى.فبدلا من أن يطرح المأزق الذي نعيشه الان بطبيعته تزور الحقائق والوقائع من أجل تهديد الغرائز القومية والطائفية وتوظيفها بما يمنع محاسبة المسؤولين الحقيقيين عن الكارثة ويضمن من ثم استمرارهم ودوام عزهم!

قد نسمع مزيدا من الكلام الجارح بقسوته عن الحكم في بغداد بان رئيس الوزراء متفرد لا يريد الا مصالح حزبه ونائب الرئيس العراقي طارق هاشمي متطرف ومتهم بالأرهاب فان البرزاني ينطبق عليه ما قاله الزعيم المصري الراحل جمال عبد الناصر عن أحد الرؤوساء العراقيين عندما قال،، أسمع كلامه يعجبني أشوف أفعاله استعجب.