ضمن مسلسل التشويه الإعلامي المستمر، وعمليات خلط الأوراق، و أسلوب الهجمات الإعلامية المستترة التي تجري تحت رداء و شعار ( رمتني بدائها و أنسلت )!.. اوردت صحيفة الفايننشال تايمز الأنجليزية مؤخرا مقالا يدخل ضمن خانة التلفيق الإعلامي و التهويم في بحار الخيال، أشارت فيه إلى أن دولة قطر قد هيمنت على الثورة السورية من خلال المساعدات المادية وعمليات شحن الأسلحة و الإمدادات وهي في المحصلة تعبير عن إلتزام قطري بمقررات مؤتمرات القمة العربية و الخليجية و الإسلامية، و تعبيرا عن التضامن الإنساني لشعب سوري حر يتعرض للإبادة الممنهجة، و تشن ضده أبشع حرب إقليمية أطرافها متعددة تبدأ من طهران و تمر ببغداد و تتواصل لبيروت، ويدير خلالها نظام الرعب و القتل و الموت الأسدي القائم منذ نصف قرن حربه الخاصة بأسلحة ( الصمود و التصدي ) المشتراة باموال المساعدات العربية لا لتوجه ضد الإسرائيليين و من يحتل الأرض السورية منذ 46 عاما، بل ضد شعب حر أعزل كل ذنبه العظيم أنه طالب بالحرية و الكرامة بدماء أطفاله و أصابعهم المحروقة و المبتورة في ( درعا ) الكرامة قبل عامين و نيف من الزمان، فكان الرد السلطوي عبر حملات الإبادة الجماعية، وفرض القهر و الإذلال، فكان لابد مما ليس منه بد، وهو المقاومة و لو بالأظافر من أجل تلقين نظام القتلة دروسا تاريخية في الحرية و العزة و الكرامة، وهي قيم إنسانية نبيلة لا يفهم شفرتها سوى الأحرار، فكانت نخوة و شهامة و ( فزعة ) أمير الأحرار الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير دولة قطر الحرة هي التي مزقت كل حجب وجدران الصمت و التردد العربي و الدولي المعيب، وكانت ( فزعة ) عربية أصيلة لا تهدف للربح و لا تلقي وزنا للتجارة و المصالح المالية و الإنتهازية، فدولة قطر لا مصلحة لها أبدا في تعميم الفوضى كما يقال، ودولة قطر من الناحية الحسابية الصرفة خسرت إستثمارات مليارية هائلة في سوريا، ودولة قطر لم تجد بابا لتقديم المشورة و النصيحة إلا و طرقته من أجل تطويق الأوضاع وعدم الذهاب بعيدا في مواجهات عنيفة يصبح معها الحل التوافقي مستحيلا !.. ومع ذلك لم تجد تجاوبا و لا آذانا صاغية من قبل نظام مجرم لايقبل بأقل من تحويل جموع الشعب السوري لعبيد خانعين، دولة قطر لم تحارب أحدا، وهي لا تمتلك الجيوش و الأساطيل لتصدير ( ثورتها )! كما أنها قطعا مشغولة حتى الثمالة في تحقيق و إستكمال مشروعها التهضوي الوطني الطموح وفقا لرؤية 2030 التنموية الجبارة التي ستنقل دولة قطر لآفاق جديدة من التنمية المستدامة و من النمو التطوري و الحضاري وهي المهمة الصعبة و المشروع الطموح الذي يشغل بال صانع القرار القطري و الذي يسابق الزمن و يصارع التحديات من أجل تحقيقه، فلا وقت لقطر لمؤامرات و عمليات تخريب كما يتصور بعض المرضى و الحمقى من الإعلاميين و الحاقدين، وقد وردت في مقال الصحيفة الإنجليزية إشارة مثيرة للدهشة حول مقارنة دور أمير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني بدور الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر!! في مجال إشعال الثورات العربية!!! وهي مقارنة تاريخية غبية تفتقد للموضوعية و المصداقية و سلامة المنطق فضلا عن القراءة التاريخية المنحرفة للأمور، فأمير قطر لايمتلك مشروعا إنقلابيا على المستوى القومي كما كان يدعو أهل الفكر الإنقلابي من البعثيين أو الناصريين!، وهو بالتالي لا يمتلك أيضا فيالق من المخبرين و العملاء و الأحزاب التي تسبح في رؤيته و تنهل من إستراتيجيته !، كما أن سمو الأمير لايقدم نفسه بصفة الرمز القيادي الثوري، بل أنه في البداية و النهاية قائد عربي مسلم معتز بأصالته و عروبته و متمسك بقيم نجدة الملهوث و نصرة الضعيف و الوقوف مع المظلوم حتى يتم الإنتصاف له، وهو وحكومته و دولة قطر بأسرها ليسوا من هواة الغرف الإستخبارية السوداء التي تدير الإنقلابات، و تؤسس لمشاريع زعامة قومية بدماء الفقراء و المحرومين، قطر و أميرها يتحركان في ضوء الشمس و أمام أنظار العالم، وهي لا تملك ما تخفيه عن عيون الجميع، كما أنها تعرف حدود إمكانياتها و لا تحاول التنطع للعب أدوار أكبر منها، ليس من شيمة قطر و شعبها و أميرها التورط في أوحال دموية، فالمشروع التغييري الذي تدعمه قطر هو المشروع الحضاري السلمي المنطلق من الإيمان بضرورة الإنصاف و التعامل الإنساني المحض مع القضايا المطروحة، وعدم التفرج على مصارع الأبرياء من الأخوة و الأشقاء و كأن الأمر لا يعنيهم!، فتلك نظرة أنانية أبعد ما تكون عن الرؤية الحضارية و الإنسانية الملتزمة، و إذا كان جمال عبد الناصر تعبيرا عن مرحلة ماضية من العمل السياسي إتسمت بالتداخل بين الآيديلوجيا و الشعاراات القومية والأفعال الإنقلابية التي ميزت مرحلتي الخمسينيات و الستينيات من القرن المنصرم، فإن رؤية أمير قطر لاعلاقة لها ولا رابط يجمعها بتلك التجربة التي نترك للتاريخ الحكم عليها، دولة قطر و أميرها تتعرضان اليوم لحملة بشعة من الحروب الإعلامية القذرة و التي لا يمكن في النهاية أن تفت من عضد الأحرار و الكرام الساعين للخير و الإصلاح و ليس للخراب، قطر تقف اليوم في حالة مواجهة حضارية و إنسانية عمادها الأساس و الرئيس التوكل على الله، ومساندة الأحرار و الضعفاء، و الوقوف بوجه الباطل مهما كانت مصادره، و امير قطر لا يفكر بالزعامة القومية الفارغة التي لا تزيد لأفضاله و أمجاده الإنسانية شيئا، فو ينحدر من أرومة تدعو للخير و نصرة المظلوم و الوقوف مع المظلوم حتى يأخذ حقه دون منة و لا طمع في جوائز و مصالح، كان يمكن لقطر لو أنها غمضت عيونها و نصرفت بإنتهازية أن تكسب كثيرا و كثيرا جدا، ولكنها ستخسر نفسها ورهان التاريخ، الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني رغم كل سهام الحقد المسمومة سيدون أسمه و مآثره في دعم الأحرار في سجل التاريخ الذهبي الخالد أما من يخلط الأوراق ويمرر المقارنات المسمومة فلن يرتد مكره إلا عليه حقدا و مرضا، لاخيار لدولة قطر سوى نصرة الحق و المظلوم وهو دور لو تعلمون عظيم.. وبارك الله الأحرار في كل مكان و زمان...

[email protected]