ما زالت الدول الداعمة للمعارضة السورية تمارس ضغطاً مستمراً على الأردن من أجل لعب دور واضح لصالح المعارضة. علاوة على ذلك، هناك استغلال واضح لأي حدث يقع في الأردن، كان آخره استغلال مشكلة الدبلوماسيين العراقيين وتعظيمها متجاوزة الأخطاء الفردية، محدثة توتراً في العلاقات بين الدولتين العراقية والأردنية، قابلاً للتطور مع مرور الزمن، وقد يكلف الأردن خسارة لمشاريع مستقبلية مع العراق، خاصة الاقتصادية منها.

السؤال المهم: لماذا كل هذه الضغوط، وما الدور الذي يريدونه من الأردن؟
المطلوب هو الجاهزية التامة عند كافة مكونات الدولة حكومة وشعباً للانخراط المباشر في أي سيناريو محتمل لإنهاء الأزمة السورية، سياسياً كان أم عسكرياً، وهو ما أسميته سابقاً محاولة انتاج طرف ثالث في الصراع، خاصة في الجانب العسكري.

على اختلاف مراحل الأزمة السورية وتأرجحها بين التأزم واقتراب الحل، بقي العاهل الأردني يدير الأزمة بحنكة سياسية، رغم الاضطرار إلى عقد ما أميل إلى تسميته مؤتمر الـ quot;10+1quot; في الأردن، ذلك أن مكمن الخطورة أن تتفق (العشر دول +الأردن) على حل يتجاوز الرئيس السوري بشار الأسد، فيكون الأردن مضطراً إلى الموافقة، وحيث أن المؤشرات جميعها تدل أن أي حل يتجاوز الأسد لن يكون إلا عسكرياً، عندها ستضطر الدولة الأردنية إلى الانخراط في الحل العسكري بناء على هذا الاتفاق، وهذا ما يخشاه الأردنيون.

لا أظن أن المؤتمر حقق غاياته، حتى السرية منها، وبشكل عام تم ترحيل المشكلة برمتها إلى مؤتمر جنيف 2 ndash; رغم شكي بانعقاده- والسبب المباشر في ذلك يعود الى دبلوماسية الضغط التي استخدمتها روسيا على الولايات المتحدة الأميركية من أجل تعديل موقفها من مصير الأسد، مما أدى الى عدم الاتفاق الأميركي مع الدول الأخرى خاصة بريطانيا.

يتفهم النظام السوري نسبياً موقف الأردن من الأزمة، مقارنة بمواقف الدول العشر الأخرى، حيث يتبنى الأردن حلاً سلمياً وفق تصور السوريين أنفسهم. ويبدو أن النظام السوري من خلال سفيره في الأردن بهجت سليمان، يدرك حجم الضغوط على الأردن لإبعاده عن الحياد النسبي في الأزمة السورية، وقد أشار السفير إلى هذا بوضوح في مؤتمره الأخير، محذراً من انجرار أردني غير محسوب وراء رغبات الدول الداعمة للمعارضة.


[email protected]