quot;الانتفاضة التركيةquot; هذا المصطلح كرره ولايزال يكرره مناصري النظام السوري المجرم، أو بعض الناقمين على الثورة السورية بشكل خاص. ما كان لحدث عادي في دولة ديمقراطية عادية بالمعنى النسبي للعبارة، أن يأخذ هذا الزخم من التغطية والتضليل، لولا وجود الثورة السورية إلى جواره. وجود لوبي دولي معاد للثورة السورية، جعل تظاهرات احتجاجية عادية في دولة ديمقراطية، تأخذ بعدا تضليليا إلى هذا الحد المخيف، هو موقف الحكومة التركية برئاسة السيد رجب طيب اردوغان والشعب التركي بغالبيته من الثورة السورية، حيث كان بالمجمل موقفا انسانيا عالي التضامن والتكافل، رغم ما سجلته من ملاحظات سياسية على هذا الموقف منذ بدء الثورة، اعود وأؤكد ما أكدته آنذاك، حيث كنت من ضمن أقلية قليلة في صفوف المعارضة، ترى في موقف الحكومة التركية السياسي، موقفا ضعيفا وشريك في اللعبة الدولية التي كانت تصر على اعطاء مزيد من الوقت لنظام الاجرام في سورية، لقمع الثورة أو الخروج بحل اصلاحي كما كانوا يردد اقطاب هذه اللعبة الدولية، لكن نظام الاجرام رفض كل هذه الفرص، وأوغل بالدم السوري أكثر فأكثر إلى غير رجعة. هذا ما جعلني ارفض أن تكون نشاطات المعارضة ومقارها في استنبول، إضافة أنني اسجل دوما موقفا سلبيا تجاه الدولة التركية كلها، وليس فقط الحكومة الحالية من عدم ايجاد حل عادل وديمقراطي للقضية الكردية، على العكس تماما حكومة اردوغان كان لها الفضل في إعادة طرح القضية الكردية داخل المجتمع التركي من أجل ايجاد مناخ لحلها، بغض النظر عن رؤية الاشقاء الكرد لهذه الاجراءات. ولأول مرة تصبح هنالك احزاب كردية التوجه وذات ايديولوجية قومية كردية في ساحة العمل السياسي الكردي التركي. الطرافة في موضوع من نفخ في بوق تلك التظاهرات ليشوش على الثورة السورية، لو خرجت في أمريكا الآن مظاهرة احتجاجية فيها 2مليون مواطن امريكي من أجل قضية مطلبية ما، او حتى من أجل اقالة حكومة السيد اوباما لاسباب معاشية ويومية، فهل تعتبر هذه القضية انتفاضة؟ أم أنه حق يصونه الدستور الامريكي كما يصونه الدستور التركي الجديد، حق التظاهر السلميquot; ما أجج الوضع هو تعامل الشرطة المختلف هذه المرة مع المتظاهرين الذي شابه قليلا من العنف؛ ومن ثم كان هذا الحادث هو الفرصة المبتغاة من المعارضة اليسارية واستغلالها لتحريك الشارعquot;. وماقامت به الشرطة التركية قامت بها تقريبا الشرطة في السويد قبل فترة اسابيع، تجاه تظاهرات سويدية، لم يتطرق أحد لهذا الموضوع، لا cnn ولا غيرها من المحطات الدولية، التي تحرص هذه المحطات على نشر كل خبر يسيئ للثورة السورية، وتتغاضى عن نشر جرائم المافيا الاسدية في سورية، واطلاع الرأي العام في البلدان الغربية على حقيقة ما واجهته وما تواجهه الثورة الدموية من عنف دموي قل نظيره في التاريخ، ولا حتى كلفت خاطرها هذه المحطات الاشارة لمشاركة مقاتلين من حزب الله في قتل السوريين، ماعدا تقرير لbbc وكان تقريرا مشوها تقريبا، لكنه اهتمام مشكور. المعارضة التركية الهزيلة من يسارية ومن حزب الشعب الجمهوري القومي، والتي افقدتها حكومة اردوغان مشروعيتها المرتبطة بما كان يعرف سابقا في تركيا بالسلطة السوداء في تركيا، وهي سلطة العسكر ومؤسسات المخابرات، افقدتها مشروعيتها لقاء ما قامت به هذه الحكومة من نقل تركيا خطوات نوعية إلى الامام على كافة الصعد الاقتصادية والسياسية وعلى مستوى الحريات العامة والفردية. نغمة طريفة ان تسمى احداث تركيا بالربيع التركي!! على أساس أن قبل اردوغان كانت تركيا ماشاء الله عليها، في ظل رجالات يحكمون باسم السلطة السوداء. فساد وجريمة وفقر واقتصاد متخلف وملحق. على مناصري المافيا الاسدية، ليس من العامة بل ممن يدعي الثقافة، ان يخجل من نفسهن وهو يقارن اردوغان بمجرم سورية، اردوغان لم تتلوث يديه لا بالفساد المالي ولا بالدم التركي. مرة أخرى القضية الكردية أظن ان اجراءات الحكومة التركية اعطت ثمارها، بحيث توجت بتقديم السيد عبد الله اوجلان مبادرته السلمية باتجاه حل عادل للقضية الكردية في اطار تطور الدولة التركية ككل.

وارتباط الحدث التركي هذا بالثورة السورية، يوضحه قيام بعض الاصوات برفع شعارquot; بشار باق واردوغان راحلquot; وهذا فخر لاردوغان ان يرحل نتيجة انتخابات نزيهة قادر عليها، لأن ليس لهذه المعارضة التركية مشروعا سياسيا ارقى من مشروع طيب اردوغان، ولايزال الفساد المرتبط بالسلطة السوداء البائدة، يعشش في مؤسساتها.

بعض المثقفين العرب، لمجرد ان يطيعهم ضميرهم المهني بالمقارنة بين اردوغان والمافيا الاسدية، أقول مجرد المقارنة هو خيانة للثقافة والفكر والقيم الانسانية. خاصة أؤلئك المحسوبين على اليسار السوري طائفيا. يحق لهم أن يكون نموذجهم آية الله بشاري. يلي استحوا ماتوا...

احساس التركي فخرا بتركيته المتطورة خلال سنوات حكم اردوغان، كافية لكي تقول للعالم، أنها نموذجا ديمقراطيا يحتذى به، بالنسبة لدول الشرق الاوسط. ماذا كان احساس المواطن التركي بتركيته اثناء حكم السلطة السوداء عبر حكومات فاسدة تعاقب اشخاصها على حكم هذا البلد العظيم، هذا اليسار السوري المطيف كان يسمي تركيا آنذاك امبريالية طرفية، او حلقة ضعيفة في السلسلة الامبريالية، لأنها محكومة بالسلطة السوداء، مع ذلك يريدون اعادة تركيا للسلطة السوداء، عشق مريب للبوط العسكري من علماني الموضة، ويساريي التواطؤ مع مجرم سورية. تركيا دولة تخطت عتبة السلطة السوداء وإذا كانت المعارضة التركية شريفة الاغراض لتدعو لانتخابات مبكرة، وكي لايقول هذا اليسار شيئا أظن ان كل الانتخابات التي اتت بحكومة اردوغان، كانت تحت اشراف ورقابة دولية. الموقف اليساري العلماني العربي من حكومة اردوغان، والموقف اللوبي الدولي ضد الثورة السورية، مبني كله على موقف اردوغان من الثورة السورية، ولا تهمهم تركيا بلفس واحد لا علماني ولا اسلامي ولا امبريالي...شيء هزيل فكريا وقيميا محصلة موقفهم..نعم بالحكم النزيه نسبيا والديمقراطي خارج سلطة العسكر، تركيا تفضح نفسها مقارنة، بما كان فيها من حكم، وبانظمة منطقتنا العربية.