محاولة الإغتيال التي تعرض لها القيادي في التيار الصدري حازم الأعرجي في مدينة الكاظمية العراقية مؤخرا تطرح أكثر من علامة قلق و توجس حول سيناريو الحروب الداخلية القادمة في العراق، وهي حروب لاتقتصر على الجانب الطائفي التقليدي المعروف ( شيعي/ سني ) و التي تضرب الأجهزة الإيرانية الإستخبارية على أوتارها، بل أنها حروب ( الضد النوعي ) و التي تعني تقاتلا دمويا شرسا بين أبناء الطائفة الواحدة نفسها مما يدخل العراق في أتون حروب داخلية و تشابكات موجعة تتطاير شظاياها على مختلف شرائح المجتمع العراقي. إستهداف رموز التيار الصدري يأتي أساسا من قبل الجماعات المنشقة عنه، فالمراقب لا يحتاج لأدلة إثبات و لا لذكاء خارق لكي يعرف بأن من يقوم بتلك المهمة هم جماعة العصائب التابعة للصدري السابق المنشق و المتحالف مع رئيس الحكومة نوري المالكي و الممول و المدرب إيرانيا وهو الشيخ قيس الخزعلي أحد أبرز رموز الإرهاب الطائفي الأسود في العراق ويعاونه في المهمة شقيقه ( ليث )!، و إستهداف الصدريين ينبع ساسا من مخالفتهم الجديدة و الواضحة للرؤية الإيرانية و للجماعات المرتبطة بهم بشأن الملف السوري، إذ يرفض مقتدى الصدر أي تورط شيعي عراقي في ملف الصراع الداخلي السوري، وهو لم يخف قلقه و إمتعاضه من مشاركة بعض الميليشيات الشيعية العراقية في القتال في ريف دمشق، كما يرفض كل التبريرات الداعمة لذلك التوجه و لأسباب ستراتيجية محضة تتعلق بمصالح الطائفة الشيعية ذاتها التي لا ينبغي أن تتورط في مواقف داعمة لنظام يسير في طريق الإضمحلال مما يرسخ حالة العداء الطائفي و يخلق اجواء فتنة حقيقية، وهذا الموقف لمقتدى الصدر لايمكن أن يقبل إيرانيا وحتى من أطراف جماعة نوري المالكي الذين يمشون بعيدا جدا في ممالئة المخطط الإيراني و الإنخراط و التورط في أوحاله، الحرب الداخلية الراهنة في العراق تحولت لحرب تسقيطية بين أبناء الطائفة الواحدة مما يعني بأن هنالك إستقطابات و مصالح خارجية باتت تفرض رؤيتها و تحاول خلق مشروعها التدميري الخاص و الذي يتخذ من شيعة العراق مادته الأساسية، كل الشواهد و الظواهر تؤكد بأن حالة الحرب الأهلية و الطائفية في العراق قد قطعت أشواطا بعيدة في طريق اللاعودة، فجماعة العصائب و بقية التشكيلات الطائفية الإرهابية الإيرانية المسنودة من حزب الدعوة و جماعة المالكي تريدها حربا تصفوية و أقصائية و تسقيطية من خلال إستهداف رموز التيار الصدري و قياداته بعد إتهامهم بالتنكر لمصالح الشيعة و الإنضمام لجانب ( النواصب )! وهي إتهامات سخيفة وعقيمة تعبر عن رؤية ظلامية و تكفيرية يحاول الصدريون من خلال المواقف الواضحة الجديدة لمقتدى الصدر الإبتعاد عنها بل تجاوزها و إفشال رهاناتها وهي عملية صعبة و معقدة و ترتطم برؤية و أهداف النظام الإيراني الذي يريد موقفا شيعيا عراقيا موحدا يتبنى الطروحات الإيرانية و لا يخالفها قيد شعرة!! وهي مسألة يبدو أن مقتدى الصدر بدأ يدرك أضرارها الجسيمة في ظل الإنهيار القادم للنظام السوري و لمجمل التحالف الإيراني في المنطقة، وغني عن الذكر الإشارة لموقف مقتدى المخالف بالكامل لموقف حسن نصر الله بشأن التورط العسكري الشيعي في الحرب الداخلية السورية، وهو إختلاف يمثل حجر الزاوية في التعامل الإيراني مع الأتباع المخلصين و مع المخالفين المشاكسين، النظام الإيراني في النهاية لا تهمه أبدا مصالح الشيعة و التشيع و لا يلقي بالا لأية معاناة و نتائج سلبية قد تطالهم، فما يهمه فعلا هو مصالحه الإقليمية و القومية، فهو نظام قومي عنصري يتلحف بالغطاء الشيعي!! وهو بذلك لن يتردد عن دعم عصابات العصائب أو أي عصابات أخرى تحقق الأهداف الإستراتيجية الإيرانية وهي تمارس إرهابها و عمليات إغتيالها ضد رموز الصدريين الذين يقاتلون اليوم حلفائهم السابقين بضراوة في حرب ضد نوعية ساخنة ستأكل روؤسا عديدة و ستطيح بأشخاص و قيادات، و ستشكل مرحلة مؤلمة من مراحل الصراع الداخلي العراقي المستعر منذ عشرة أعوام دون توقف و لا فسحة للهدنة، شيعة العراق اليوم امام الإختبار الحاسم و المصيري فإما تكريس الهوية الوطنية العراقية المستقلة أو الخضوع و الإنبطاح للرؤية الإيرانية وإنهاء دورهم في العالم الإسلامي، وهو امر لا يمكن أن يتقبله غالبية شيعة العراق، لقد بدأت حرب قطف الرؤوس الشيعية في العراق، فطريق جهنم في العراق قد فتح على مصراعيه...!.
- آخر تحديث :
التعليقات