خلال اليومين المنصرمين، کان هناك حدثان بارزان، الاول انتخابات الرئاسة التي أجراها النظام الايراني و التي إنتهت و في الجولة الاولى لها بفوز لروحاني کسابع رئيس لإيران في ظل نظام ولاية الفقيه، الحدث الثاني؛ کان إستهداف مخيم ليبرتي و في غمرة عملية الانتخابات بقصف صاروخي ثالث على يد حزب الله العراقي التابع للنظام الايراني بإعتراف أمينه العام نفسه، أسفر عن مقتل أثنين من سکان المخيم و جرح 41 آخرين.
إعلان فوز روحاني و منذ الجولة الاولى للإنتخابات، والذي فسره الکثير من المحللين و المراقبين السياسيين بأنه کان بمثابة إستسلام مرشد النظام للهجمة الاصلاحية المزعومة نظرا لما وصفوه بضعفه و تراخي قبضته قياسا الى سابق عهده او تحديدا الى ماقبل إنتفاضة 2009، هو کان أيضا محاولة مکشوفة جدا من النظام لحسم الانتخابات مبکرا و ضمان عدم إقتراب موعد إعلانها مع المهرجان السنوي الکبير للتضامن مع الشعب الايراني و المقاومة الايرانية في باريس في 22 من هذا الشهر، إذ کان و بحسب معظم المختصين و اصحاب الاطلاع بالشؤون الايرانية، من المتوقع أن تتم حسم العملية بأکثر من جولة، لکن النظام و في اللحظات الاخيرة قرر صرف النظر عن ذلك و حسم الامر لروحاني و في الجولة الاولى لکي يقي نفسه من إتقاد الشرارة من جراء إحتکاك الحدثين، ولاسيما وان للشعب الايراني و لمقاومته الوطنية رأي خاص ليس في العملية الانتخابية التي جرت في أوضاع استثنائية يمر بها النظام وانما لهم رأي في شرعية بقاء و إستمرار النظام نفسه.
التصريحات التي صدرت قبل يوم الرابع عشر من حزيران من جانب مسؤولين مختلفين في النظام أشاروا فيها الى ماوصفوه إحتمال ان تستغل منظمة مجاهدي خلق الظروف و الاوضاع المرتبطة بالانتخابات و تقود بها الى أحداث شبيهة بتلك التي إندلعت في عام 2009، والتي تکرر الکلام و الحديث عنها کثيرا و على مختلف المستويات، دفعت بالنظام الى التخوف أکثر فأکثر من الدور المفترض و المحتمل للمنظمة ولذلك فلم يکن بوسعهم إنتظار المنظمة لمباغتتهم وانما بادروها بهجوم صاروخي على يد تنظيم حزب الله العراقي الخاضع عقائديا و تنظيميا للولي الفقيه نفسه حيث نجم عن ذلك القصف سقوط قتيلين و جرح 41 شخصا من سکان مخيم ليبرتي، وبطبيعة الحال لايمکن أبدا لتنظيم يخضع لأمرة النظام الايراني و يمول من قبله أيضا أن يبادر الى إتخاذ خطوة ليس من دون علمه وانما حتى من دون أمره بذلك!
القصف الصاروخي لمخيم و السرعةquot;الاستثنائيةquot;لإنفضاض الانتخابات الرئاسية و حسم الامر لصالح روحاني، محاولة مفضوحة من جانب النظام الايراني لکي يقوم و منذ الايام الاولى للعبة الانتخابات بإمتصاص أية آثار او تداعيات محتملة عنها، وهو يريد من خلال ذلك أيضا أن يقومquot;بحسب تصوراته و فهمهquot;بعملية إلتفاف على المهرجان السنوي للتضامن مع الشعب الايراني و المقاومة الايرانية و الذي سيقام خلال الايام القليلة القادمة و من المتوقع جدا أن تحضره حشودا کبيرة من الايرانيين المقيمين في مختلف دول العالم خصوصا وانه سنويا يشهد زيادة ملحوظة في عدد الحضور حيث وصل عدد الحضور في العام المنصرم الى أکثر من 100 ألف شخص، وهو مايعني الکثير و يمکن تفسيره سياسيا على عدة محامل، لکن من الواضح أن المرشد و جناحه المتطرف بإعطائهم الضوء الاخضر لعبور روحاني، لايعني ذلك أبدا أن هذا الرجلquot;أي روحانيquot;، هو ملاك يختلف عن رجال الدين المتشددين الآخرين، حيث سبق له وان شغل مناصب حساسة في النظام منها: عضو مجلس الخبراء، عضو مجلس صيانة الدستور، عضو مجلس الامن القومي، نائب رئيس مجلس الشورى للدورتين الرابعة و الخامسة، سکرتير المجلس الاعلى للأمن القومي، کبير مفاوضي إيران حول البرنامج النووي مع الدول الغربية، وان من يشغل هکذا مناصب ليس بذلك الحمل الوديع کما قد يتصوره او يصفه البعض، ولن يکون عهده العهد المميز او الذي سيحمل بين دفتيه مؤشرات و معالم الاصلاح المنتظر، خصوصا وان النظام الايراني وقبل بدء الانتخابات شرع في سياسة جديدة تعتمد على الانکماش و تضييق الدائرة و لذلك فإن روحاني سيکون رئيسا براقا من دون أية صلاحيات او نفوذ قوي خصوصا وان الحرس الثوري و الاجهزة الامنية و المؤسسات القمعية کلها مازالت تحت أمرة مرشد النظام، ولذلك ستبقى المشاکل و الازمات الخاصة بالنظام على قوتها و ستبقى کسيف ديموقليس مسلطة على رأس النظام، لکن، هل عبر النظام بإنتخاب روحاني الى الضفة الاخرى، أي ضفة الامان؟ سؤال لانعتقد أنه يتحمل إجابة إيجابية.
[email protected]
- آخر تحديث :
التعليقات