زيارة رئيس الحكومة العراقية السيد نوري المالكي لعاصمة الاقليم الكردي ضيفا على رئيس الاقليم والحكومة في هولير اربيل الهدف منه هو شأن سوري اكثر منه شأنا عراقيا. هذه الزيارة تهدف الى فتح قنوات بين الاقليم الكردي والنظام السوري وذلك بعد االانقلاب العكسي في المواقف والمحاور بين القوى الكردية الرئيسية السورية والنظام السوري وذلك مباشرة بعد دخول عملية السلام الكردية التركية على الخط والتي تعرف بعملية ايمرالي.

كان هناك اتفاق ضمني بين حزب الاتحاد الديمقراطي الكرديquot; ب ي د quot; والنظام السوري وهو عدم الدخول في صراع ومعارك في المناطق الكردية وقد تم تطبيقه بنجاح لمدة عامين وتمكن فيه ب ي د من السيطرة على كل المناطق الكردية من خلال تنظيم الجماهير في منظمات فاعلة من مجالس وهيئات وعلى رأسها بناء قوة عسكرية قوية لعبت دورا كبيرا في الحفاظ على السلم الاهلي ليس للكرد وحدهم فحسب بل لكل الاطياف الاخرى من عرب وسريان وغيرهم وحماية المنطقة من المنظمات السلفية والارهابية بقدر الامكان.

الهدنة بين ب ي د والنظام لم يكن امرا سريا بل كان واضحا من خلال انضمام ب ي د الى هيئة التنسيق الوطنية للتغيير التي فبركها النظام ولاتزال الهيئة معه في تحالف تام. بالفعل كان ب ي د على حق حينها وذلك بسبب المواقف العدائية التركية الصارخة ضد الكرد في سوريا.

في نفس الوقت وقفت معظم الاحزاب الكردية الاخرى ضد النظام ومع المعارضة منذ اليوم الاول للثورة ولكنهم لم يجلبوا من ذلك التحالف سوى الخيبة والفشل من المعارضة الاسلامية القوموية السنية التي كانت تعد الايام لاستلام السلطة في دمشق ممتطية ظهر الدبابات التركية.

بمجرد دخول سلام ايمرالي على الخط قبل ثلاثة اشهر تبدلت التحالفات الكردية تماما وادى الى تشكل استقطاب كردي كردي تفوح منه رائحة الاقتتال الداخلي فيما بينهم وهو الموضوع الرئيسي لهذا الحديث.

التحالف الاول هو بزعامة الحزب الديمقراطي الكردستاني في الاقليم ويضم مجموعة من الاحزاب الكردية السورية المنضوية تحت رايته مع الانصياع المطلق لاوامر السيد مسعود برزاني رئيس الاقليم.

التحالف الثاني هو بزعامة حزب العمال الكردستاني ب ب ك ويضم ب ي د ومجموعة من الاحزاب السورية الاخرى. هذا التحالف ايضا يتلقى الاوامر من ايمرالي وقنديل كما انه يتلقى دعما كبيرا التحالف الوطني الكردستاني في السليمانية. هذه المجموعة انقلبت الآن ضد النظام السوري، بل هناك ملامح تحالف مع الدولة التركية في الشأن السوري وذلك بالتواتر مع خطوات عملية السلام الكردية التركية الجارية بنجاح حتى الآن واكرر حتى الآن.

هناك صراع محموم بين هذين التحالفين للسيطرة على المناطق الكردية في سوريا اي هو صراع على مناطق النفوذ على غرار ايام الحرب الباردة.

من هنا جاء الشك بان زيارة المالكي لكردسان انما هو شأن سوري وهدفه العمل على ربط المناطق الكردية السورية بالاقليم و ادارة امور المنطقة بشرط عدم محاربة النظام.

كيف سيتحقق ذلك؟.

من هنا خطورة الوضع لا سيما في وجود استقطاب كردي كردي كما ذكر آنفا.

ب ي د هو حاليا الحاكم الفعلي على الارض بينما التحالف المضاد له في المناطق الكردية السورية هو في حالة من الهلهلة يرثى لها وقوته الوحيدة هو دعم السيد رئيس الاقليم.

هناك خوف كبير من ان تتجه الامور الى طلب الدعم او التدخل العسكري المباشر من النظام السوري للقضاء على هيمنة ب ي د وحلفه وذلك على غرار ما حدث في الاقليم الكردي العراقي في التسعينات عندما تم استدعاء جيش صدام حسين الى هولير....والقصة معروفة ولا داعي للدخول في التفاصيل.

هل جاء المالكي لكردستان لتدبير مثل هذا المخطط؟ الشكوك كبيرة....

زيارة المالكي لها ابعاد اخرى دون شك في حال الوصول الى الاتفاق من بينها تسليح البيش مركة و مصيرالمناطق الكردستانية وكركوك والنفط الكردي ولكنها لن تكون بمنأى عن الهدف الرئيسي للزيارة وهو ادخال المناطق الكردية السورية في نطاق نفوذ الاقليم ضمن اتفاق شامل بين هولير وبغداد ودمشق.

الدعوة الروسية للهيئة الكردية العليا الى موسكو له علاقة وثيقة بموضوع البحث هذا ولازلنا لا نعرف حيثيات مواضيع اللقاءات التي جرت هناك.

قرار اغلاق المعبر الحدودي بين الاقليم والمنطقة الكردية السورية ماهي الا احدى الخطوات في هذا المجال وهو قرار خطير ليس من السهل اتخاذه الا اذا كان هناك تصميم واصرار على امور خطيرة في تحالفات جديدة ومصيرية.

كل مايجري الآن يدخل في نطاق مخطط تقسيم سوريا وتشكيل دولة علوية وكيان كردي الذي اصبح السبب في الصراع على الهيمنة عليه بين الكرد انفسهم كما ورد آنفا.

يبدو ان تركيا بدأت بالنأي بنفسها من الازمة السورية والقبول بالامر الواقع مع النظام السوري وذلك بعد ان رضخت لارادة واشنطن عند زيارة السيد رجب طيب اردوغان رئيس الحكومة التركية الى امريكا قبل اسبوعين. لا ننسى ان دمشق هي التي تتحرش بتركيا وتهدد امنها كما نراه الآن.

من الصعب جدا ان تتخلى تركيا اردوغان عن تحالفها الاستراتيجي مع الاقليم بل وبكل صراحة مع رئيس الاقليم بالذات لاسيما ان الاقتصاد التركي هو في حاجة ماسة الى البترول والغاز الكردي على المدى القريب والبعيد.

اذا استمر الشرخ والصراع الكردي على هذه الوتيرة فهم جميعا خاسرون، اذ ان تحالفات المنطقة هي في معظم الاحوال هشة وسريعة العطب.

الحرب الاهلية السورية هي طائفية سنية علوية وهي بداية لحروب اشد واعتى في المستقبل لتصبح اقليمية اي شيعية سنية وعلى الكرد ان لا ينزلقوا الى هذا المستنقع الرهيب لأن القضية الكردية لم تكن في يوم من الايام قضية دين او مذهب او طائفة وانما هي قضية شعب جردته اتفاقيات سايكس بيكو من حقوقه المشروعة مثل كل شعوب الارض.

الاوضاع معقدة جدا كرديا وعلى الجميع ان يزن الامور بمنطق العقل والحكمة والمنطق بعيدا عن حب السلطة والتحزب الاعمى مع الاخذ بعين الاعتبار مصالح شعوب المنطقة جميعا ونشر روح السلام وحل المشاكل سلميا اذ ليست هناك جغرافيا اخرى نعيش فيها.

طبيب كردي سوري