&

إستمتعت بقراءة مقالة الدكتور خليل حسن "فوجي بين السياسة والدين" وكتبت التعليق التالي مباشرة "اولا شكرا للسفير على هذه المقاله الشيقة.. لقد زرت اليابان عدة مرات ولكني وللأسف لم يسنح لي الوقت لزيارة هذا الجبل.. ولكني أود أن ألفت نظره أن الوقت قد حان لتسمية الأشياء كما هي.. فلا نستطيع تغطية الشمس بغربال كما يقول المصريون.. علينا القول علنا بأن كل أمراضنا المجتمعية ومشاكلنا السياسية سببها الخلط الكامل بين الدين والسياسة والثقافة.. وبدون فصل الدين عن الدولة وسحب الصلاحية المعطاة لرجال الفقه والدين لا يمكن لمجتمعاتنا الشفاء والتعايش".&

&ولكني شعرت بأن من واجبي مشاركة القرّاء بتجربتي التالية وأترك لهم الحكم.&

مع إمتناني العميق للحكومة البريطانية بإعطائي الجواز البريطاني.. بدون أي تخطيط ولا حجز ’مسبق هربت الأسبوع الماضي لمدة 4 أيام إلى شاطىء كان في فرنسا. للإستمتاع بشمس حقيقية بدل شمس لندن الخجولة والخالية من الدفء. لم أعتقد بأن عواصف السياسة إنتشرت في كل مكان وإن كانت بنسب متفاوتة. ولكن برق ورعد الخوف والشك كانت أكثر منها في كان عنها في لندن. تستشعرها من خلال الإنتشار الكبير للشرطة المسلحة في كل مكان حتى على الشواطىء. تستشعر بها من خلال العيون المتفحصه لكل وجه تحمل معنى واحدا هو الشك!&

خلال الأربعة أيام لم يخلو يوم منها بدون ذكر البوركيني, وإستشعار الرفض الفرنسي المطلق لكل المظاهر الدينية، والتي إعتبرتها الحكومة الفرنسية والألمانية التي لحقتها بأنها ’تشكّل عامل إستفزاز علينا تجنبه وخطوة أولى لقبول التعايش والإندماج كشرط من شروط القبول السياسي والمجتمعي.

في المقابل لفت نظري الرفض التام من مهاجري شمال أفريقيا (تونس-المغرب – الجزائر ) للإلتزام بالقوانين الفرنسية, والشعور الملازم بالإستعلاء والرفض.

في حديث مع شاب من أصول جزائرية يعمل ليسدد أقساط دراسته الجامعية في فندق صغير.. ( وأنا أحترمه لهذا ) قال بأن الحياة في فرنسا أصبحت أكثر صعوبة وأكثر تمييزا عنصريا عنها في الماضي, وسيعود للجزائر بعد الإنتهاء من دراسته. وسيعمل على تطبيق الإسلام كما أراده الله سبحانه وتعالى من خلال الإرسترشاد بشريعته التي ’يفضّل أن يعيش تحت قوانيها؟؟ فالإسلام دين كامل بينما البشر غير كاملين؟ ولكنه أيضا سيحاول القدوم إلى بريطانيا لما هو معروف عنها من تسامح.

الحوار الآخر كان مع سائق التاكسي الذي أوصلني للمطار والذي وحين سألته عن جنسيته، لم يتردد بالقول وبعصبية وإستنفار، انا جزائري مولود في فرنسا وقد أعود للجزائر إن لم أستطع الهجرة إلى بريطانيا؟&

الصورة الأخرى للمهاجرين من شمال أفريقيا.. كانت من المرأة. وتفاوتت هذه الصورة بين المرأه المحجبة، والمستعدة للتنازل عن الحجاب وغيرها من المظاهر الدينية, من أجل لقمة عيش لم تستطيع الحصول عليها في بلدها الأصلي, ولم تعمل حكومتها على إحترام كرامتها الإنسانية..وبين المرأة الأخرى المتعلمة والتي تتكلم بإندهاش كيف تغّير مجتمعها في بلدها الأصلي في غفلة عنها، ليهتم بكل المظاهر الدينية بينما إستغنى عن جوهر الأخلاق كما عاشتها سابقا.. كيف إنصبت نقمة المجتمع المحروم من العدالة والمساواة وإنصبت على المرأة بأنها سبب تخلفة وسبب نكبته وسبب فساد مجتمعه؟؟ غافلين ومتغافلين عن فساد الحكام وفساد الحكومة كأساس لتخلف المجتمع وفقره! وغافلين ومستغفلين بإرتباط كل القيم والثقافة أساسا بالدين وما جاء به قبل 1400 سنه.. حدثتني كيف أصبح مجتمعها مثلا ’يصر على الأكل باليد اليمين وفي الدخول بالرجل اليمين وإطالة اللحية وعفاف المرأة على أنها من أصول الدين والتقوى. بينما يتغافل كليا عن مواد القانون التي تحمي المغتصب من جريمته؟؟ وتنتهك كل حقوق المرأة.

الفرق بين المرأة الأولى والثانية بأن الأولى تتمنى الهجرة إلى بريطانيا ليس لشعورها بالإضطهاد في فرنسا. ولكن لأن القوانين البريطانية أسخى وأكرم من الفرنسية. أما الثانية فهي سعيدة بوجودها في فرنسا لأن وضعها المادي اكثر إرتياحا من الأولى.

الأمر ذاته واجهته قبل سنوات حين جلست إمرأة بجانبي في الباص.. وسألتني عن أصولي العربية حين رأتني أقرأ في مجلة عربية. وحين سألتها ماذا تعمل في بريطانيا أجابتني بأنها من أصول صومالية, كان زوجها يعمل في إحدى الدول الخليجية، هاجرت مع اولادها الخمسة وبنت أخوها إلى السويد. ونظرا لمرونة قوانين التنقل في اوروبا وسخاء الحكومة البريطانية في قوانين الضمان الإجتماعي, إنتقلت للعيش في لندن. وأن الحكومة اعطتها بيت كبير وتريدها الإنتقال إلى بيت اكبر لأنها حامل. وحين سألتها هل هي سعيدة في لندن بدأت بالسب على بريطانيا وإنعدام القيم والتعري و.. و.... وحين سألتها ماذا يعمل زوجها، أجابتني بانه لا يعمل لأنه منهمك بالدراسة؟&

’ترى, وكإنسانة بريطانية الجنسية ومن أصول عربية هل أريد أي منهم؟

الصدق مع النفس واجب أخلاقي قبل أن يكون مسؤولية. وعليه, الحقيقة أن أمثال هؤلاء هم من يمثلون خطرا سياسيا على المدى البعيد وخطرا على مستوى الخدمات الإجتماعية على المدى القصير. وأنا واثقة وكمثل كل البريطانيين من مختلف الأصول والأعراق، نرحب بالمهاجرين الهاربين والذين بحاجة للدعم الإجتماعي والمعنوي والمادي، على أن يلتزموا بالقوانين البريطانية المعمول بها وعدم محاولة إستغلال الثغرات القانونية وتغيير الأمور كما يريدونها ولن أرضى بأن ’يمثّل أي منهم خطرا على الحياة وعلى الأمن؟&

تشوية صورة الإسلام هي في التعنت والتحدي للمجتمع الجديد حين ’يصروا على التأكيد على الرموز الدينية والعزلة وعدم الإندماج والإستعلاء.. من الممكن ومن السهوله التخلص من هذه المظاهر الخارجية مثل اللحية المشعثه والطويلة والنقاب وحتى الحجاب لأن كلها مظاهر خارجية لا تعني التقوى وأيضا لا زالت موضع جدل حتى بين فقهاء الإسلام فلماذا ’يصرّون عليها؟&

لم يعد لدينا الكثير من الوقت للتصالح مع انفسنا ومع العالم من حولنا.. لا نستطيع أن نتخفي بالعباءة واللحية.. الحرية العقائدية مسموحة لنا وقليلا من المرونة لإحترام قوانين وقيم هذه المجتمعات. كلام فقهاء الدين الغوغائي لا يجب أن ’يعمينا عن الحقيقة التي تخالف العقل والمنطق بأن الله سبحانة وتعالى يتلذذ في كي وشوي المرأة باللفلفة والإختناق؟&

المسؤولية في هذه الدول ليست على الحكومة وحدها فالمسؤولية مشتركة وعلينا إستعمال العقل والخروج طواعية عن سلطة رجال الدين الذين نصبناهم كوسطاء بيننا وبين الله سبحانه وتعالى.&

نحن بحاجة ماسة لعملية تطهير عقلي تخرجنا من التفكير السلبي وتنقي أرواحنا مما عبأها يه رجال الدين من حقد وضغينة وكره لما حولنا، لكي نهدىء النفس البشرية بالحكمة التي أرادها لنا الخالق من التعايش، وعلينا الخروج طواعية من السلبيات التي تلفلف حياتنا وتعمي النور عن عيوننا!&

وهي عملية مشابهه لما طرحه الدكتور خليل حسن من خلال مقالته القيمة عن رفض رجال الدين الياباني توجيه الوعظ والإرشاد للمواطن الياباني وأنها مسؤولية التعليم وعدم تدريس الدين والميثولوجيا في المدارس.&