لم يكن رجب طيب أردوغان بحاجة إلى تفويض من برلمان بلاده لإرسال قوات تركية إلى ليبيا للقتال إلى جانب حكومة "الوفاق" الليبية لصاحبها فايز السراج فهذه المسألة، كما هو معروف، محسومة منذ البدايات وحيث أن القرار بهذا الخصوص هو قرار التنظيم العالمي للإخوان المسلمين الذي كان إختار الرئيس التركي مرشداً عاما له وحيث بات يتصرف على أنه :"أمير المؤمنين" الذي تنحني له هامات مؤيديه وأتباعه.
وهنا فإن الواضح لا بل المؤكد أن أردوغان ذاهب بهذا الشوط حتى النهاية وهذا إن لم يكن هناك موقف عربي جديّ وحازم، من قبل الدول المعنية، وفي مقدمتها مصر التي من المؤكد أنها تحضى بدعم عربي في هذا المجال وحيث أن مما لا شك فيه أنها هي الأكثر إستهدافاً بالنسبة لكل هذا التحشيد الذي يقوم به الرئيس التركي ومعه منظومة الإخوان المسلمين وبعض "الدويلات" العربية "المتعملقة" في هذا الزمن الرديء.
وإن ما يجب أن يقال في هذا المجال هو أن مسؤولية التصدي لتهديدات رجب طيب أردوغان وما من الممكن أن يقوم به من غزو عسكري عبر البحر الأبيض المتوسط لا تقع على عاتق الجنرال خليفة حفتر وحده فهذا إن هو حصل وهو سيحصل، إنْ لم يكن هناك موقفاًعربياًّ جدياًّ، فإنه سيغير معادلات كثيرة في هذه المنطقة كلها وأنه سيحقق للإخوان المسلمين ومن يؤازرهم ويقف معهم الأهداف التي بقوا يسعون إليها ويعملون من أجلها منذ البدايات أي منذ نهايات عشرينات القرن الماضي.
إنه يجب ألاّ تُتْرك الأمور إلى أن :"تقع الفأس بالرأس"، كما يقال، ولعل ما لا خلاف عليه أن هذا الإستهداف موجه إلى مصر أكثر من غيرها وعلى إعتبار أنها إقتلعت الإخوان المسلمين من جذورهم وأنها قد وجهت إليهم ضربة قاصمة بالفعل عندما أنهت نظامهم الذي كان على رأسه محمد مرسي والذي لو أنها لم تُنْهه لكانت أوضاع المنطقة العربية كلها هي غير هذه الأوضاع الحالية.
وهكذا فإن ما يجب أخذه بعين الإعتبار هو أن أردوغان قد لجأ إلى مناورة مكشوفة بعقد إجتماع لـ "برلمان" بلاده للتصويت على تفويض له بإرسال قوات تركية إلى ليبيا فالقرار هو قراره وحده والواضح أن هذا القرار قد أُتخذ منذ أن بدأ الصراع والتناحر على هذا الجزء من البحر الأبيض المتوسط وأيضاً منذ أن جددَّ الإخوان المسلمون إستهدافهم لمصر لإستعادة ما يعتبرونه نظامهم الذي كان على رأسه الدكتور محمد مرسي والذي تعني إستعادته، وهو لن يستعاد إطلاقاً، تغيير المعادلات الحالية في المنطقة العربية كلها الآسيوية منها والإفريقية.
التعليقات