تأتي الذكرى الستون للثورة الفلسطينية المعاصرة في ظل ارتقاء شهداء أبناء الشعب الفلسطيني العظيم في حرب الإبادة الجماعية الممنهجة المستمرة التي يشنها جيش الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة وعدوانه الغاشم المستمر في أنحاء الضفة الغربية بما فيها القدس، العاصمة الأبدية لدولة فلسطين. استشهد وأصيب خلالها أكثر من 160 ألفاً، غالبيتهم من النساء والأطفال والشيوخ والكوادر الطبية ورجال العلم وطلبة المدارس والصحفيين ورجال الإنقاذ والإسعاف والعاملين في المنظمات الدولية، كما اُعتقل عشرات الآلاف من المواطنين الذين يواجهون ظروفاً أشد قسوة من أي مرحلة سابقة في تاريخ الحركة الفلسطينية الأسيرة.

ذكرى الانطلاقة تأتي هذا العام وأهلنا في قطاع غزة يتعرضون لحرب إبادة جماعية يشنها جيش الاحتلال عليهم، لكن الشعب الفلسطيني قادر على تجاوز محنته والتصدي لهذه المؤامرات التي تستهدف تصفيته، وقادر حقاً أن يخرج من كل محنة أقوى وأشد، متمسكاً بحقوقه. تحية إجلال وإكبار للشهداء الأبرار الذين ارتقوا على درب تحرير فلسطين.

القضية الفلسطينية حظيت بتضامن عالمي واسع؛ إذ خرجت مظاهرات ومسيرات حاشدة في معظم دول العالم تنديداً بحرب الإبادة الجماعية التي يشنها جيش الاحتلال على أبناء الشعب الفلسطيني، وللمطالبة بوقفها. وشعب فلسطين على ثقة تامة بنيل حقوقه، مستمراً في مسيرته الكفاحية حتى نيل الحرية والعودة والاستقلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس.

إقرأ أيضاً: استمرار آلة القتل الإسرائيلية دون رادع أو عواقب

الثورة الفلسطينية أعادت توحيد الشعب الفلسطيني، وحافظت على هويته الفلسطينية، وقدمت عشرات الآلاف من الشهداء والأسرى والجرحى الأبطال في سبيل القدس والهوية والتراث والمقدسات. أعادت بعث القضية الفلسطينية من جديد وحولتها إلى قضية سياسية لشعب يناضل من أجل حريته واستقلاله، بعد أن كانت تُعتبر قضية لاجئين.

في ظل حرب الإبادة المنظمة على الشعب الفلسطيني، تتواصل مؤامرات تصفية القضية الفلسطينية والتآمر على الحقوق الفلسطينية في هذه المرحلة المصيرية. تسعى كل الأدوات المأجورة لتطبيق مخططات الاحتلال بهدف النيل من قوة الشعب الفلسطيني وصموده، وضرب وحدته الوطنية، عبر تسخير أدوات الإعلام المسموم لخدمة هذه المخططات وزرع الفتنة والانشقاق في صفوف أبناء الشعب الواحد.

إقرأ أيضاً: العجز الدولي سيد الموقف بعد عدوان بيروت

الشعب الفلسطيني الذي شرده وهجره المحتلون الصهاينة سيبقى صامداً، وأثبت بصموده أنه لا يمكن إلغاؤه أو القفز على حقوقه الوطنية المشروعة المستندة إلى قرارات الأمم المتحدة. الشعب الفلسطيني متمسك بأرض الآباء والأجداد، ولن يرحل أو يرضخ لمخططات تهجيره. بفعل الثورة، أصبحت منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، والكيان السياسي المعترف به دولياً وعربياً.

الثورة الفلسطينية المعاصرة كانت نتيجة قرار وطني فلسطيني مستقل، لتحرير الإرادة الوطنية للشعب الفلسطيني وقراره الوطني المستقل من أي وصاية أو هيمنة أو تبعية. القادة الذين اتخذوا قرار الانطلاقة كانوا على وعي تام بأهمية امتلاك الشعب الفلسطيني لقراره الوطني المستقل، باعتباره المدخل الوحيد للتحرير والعودة وممارسة حقه في تقرير المصير بحرية على أرض وطنه.