دمشق: اعتبر مستشار وزير الاعلام السوري احمد الحاج علي ان قانون الاحزاب مطروح لاسيما وان حزب البعث يؤمن بالتعددية وينطلق منها، بينما رأى المحامي والناشط الحقوقي انور البني ان الحزب الحاكم الوحيد الاوحد يصادر العمل السياسي والثقافي والاعلامي والاجتماعي ويحرم وجود احزاب المعارضة حتى الشكلية منها ويصادر عمل الاحزاب المنضوية معه فيما يسمى الجبهة الوطنية التقدمية ،اما الكاتب السوري الكردي مشعل التمو فقال ان هناك ضرورة لوجود قانون للاحزاب لاعادة الحراك السياسي الى المجتمع بعد ان الُتهمت من قبل حزب البعث والجبهة المرافقة له.

وقال احمد الحاج علي لـ"ايلاف" ،وهي ترصد الاراء حول قانون الاحزاب وضرورته في سورية، انه لابد من التأكيد من ان ظاهرة الاحزاب السياسية في سورية حيوية للغاية بحكم عاملين الاول حيوية وقوة وتفاعل الاحداث التي شهدتها سورية في مرحلة القرن العشرين وحتى الان والثاني هو طبيعة الحركة السياسية باطيافها الواسعة والمتعددة والتي تجد جذرها دائما في الانتماء الوطني والقومي معا وفي الاستفادة القصوى من حقائق التاريخ وبهذا المعنى فان الاحزاب في سورية ليست مجرد قنوات لانشطة انتخابية او رسمية عابرة انما هي تأشير على واقع قائم وتطلع الى مايجب ان يكون عليه الحال في الساحتين الوطنية والقومية وبصورة عامة فان الاحزاب القائمة الان في سورية تضمها صيغة الجبهة الوطنية التقدمية مع بعض الفعاليات السياسية التي تتهيأ للانضمام للجبهة .

واعتبر الحاج علي ان المهم لهذه الاحزاب هو صياغة المشتركات الموحدة وممارسة دور ايجابي بالمعنى السياسي والاقتصادي والقومي والبحث عن الافضل والاكثر تبلورا في المرحلة المقبلة . واضاف انه فيما يتعلق بقانون الاحزاب فهو مطروح كرؤية وافكار عامة لاسيما وان الحزب القائد للدولة والمجتمع وهو حزب البعث يؤمن بالتعددية وينطلق منها ويرى ان التنوع بكل درجاته هو ضرورة في انجاز المفهوم والاطار الموحد لمجمل نشاطات الاحزاب والاولوية في هذه المرحلة هي لتفعيل مجمل احزاب الجبهة من الداخل في بنيتها الفكرية والتنظيمية وفي تخصيب الاداء السياسي والنضالي لهذه الاحزاب أي ان الحالة الموضوعية تأخذ ضرورتها من خلال التفعيل وليس من خلال البحث عن تشكيلات سياسية مستحدثة او مضافة لان الاصل في ذلك هو تفجير طاقات النخب والقوى الفاعلة وتنظيمها وتوحيدها وفي هذا الخيار متسع للبناء اولا ولتنوع وجهات النظر ثانيا ولممارسة النقد بكل اشكاله ثالثا.

ورأى الحاج علي ان البديل عن فتح الافق امام احزاب سياسية سريعة الان هو الفوضى السياسية ذاتها لاسيما ان هناك مناخا استثماريا بالمعنى السياسي الفكري يسمح بوجهات النظر والمواقف ايا كان يجب ان يكون له حضور او ان يؤدي الى مرحلة اكثر انفتاحا وديمقراطية في المراحل الاخرى وبكل الاحوال فالمسألة الان هي منهج سياسي يخضع للمراجعة والدراسة الدقيقة لان عامل الضبط في ذلك بل عامل الترجيح هو مصلحة الوطن والمواطن والضرورات السياسية المطروحة على مجمل الحياة العربية الراهنة وسوف نرى فيما بعد .

وشدد الحاج علي ان اية صيغة يمكن لها ان تنتج مقترحات او خيارات اذا كان ذلك يحقق الهدف الوطني ويرتبط بالمصلحة القومية وبطبيعة الحال لم نختر في سورية خطوة شكلانية يكون من شانها اظهار النظام على انه سمح بانشاء احزاب جديدة في حين تكون الحقائق الفكرية والعملية ليست على هذا المستوى. واعتقد الحاج علي ان الضرورة هي للتفعيل ولادخال وعي جديد واعادة انتاج ظواهرنا الحية بصورة اكثر وضوحا واقوى تأثيرا واقدر على استيعاب مجمل تطلعات القوى السياسية المنظمة والمنضوية في الجبهة او الموجودة في القاعدة الشعبية العريضة.
اما الناشط في مجال حقوق الانسان انور البني فقال ل"ايلاف" انه لايوجد بلد في العالم اليوم محروما من وجود الاحزاب السياسية وهيئات التعبير عن المجتمع مثل سورية واكد البني انه تحت شعار المادة 8 من الدستور السوري التي اعطت حزب البعث حق قيادة الدولة والمجتمع وتحت سقف اعلان قانون الطوارىء التي لم يتجرأ عن التنازل عنها رغم مرور اربعين عاما على وجودها ووجوده خوفا من ازالتها حتى لاينهار كل شيء تحته لانه ما بني على القسر والارهاب لن يصمد دقيقة في وجه رياح الحرية.


واوضح البني رغم كل الوعود والتطمينات التي اطلقت حول وجود مشروع قانون احزاب سيصدر قريبا الا ان هذه الوعود والجميع يعرف ذلك هي بالونات اعلامية اعلانية لكسب مزيد من الوقت من الاستئثار بالسلطة.ومع قناعتي بانه ليس هناك حتى الان لدى السلطات أي مشروع لقانون أحزاب لأنها لا تتحمل أبدا وجود احزاب في سورية غيرها مع ذلك و بحال قررت السلطات مكرهة على اصدار مثل هذا القانون فانه برأيي سيكون ( كسابقه قانون المطبوعات سيء الذكر) سلاحا اضافيا بيد السلطات لتشديد قبضتها الامنية على العمل السياسي وليس لاحداث انفراج سياسي في المجتمع .
واكد البني ان هذا الرأي ناتج عن خبرة بسياسة القوانين والبلاغات والادوار التي تمارسها السلطات السورية فان كل القوانين والبلاغات والاوامر تصبح عقبة جديدة واضافية في وجه التغيير والاصلاح وتستعمل كأداة اخرى للتحكم بحركة المجتمع وتشديد الحصار عليها ولكن تحت ستار القانون هذه المرة لان كل القوانين تعطي السلطات التنفيذية مراكز الحل والربط والسماح والالغاء دون أي رقابة قانونية او غيرها وتعتمد تعابير مطاطية غير واضحة صالحة للاستخدام فقط للمساءلة والعقاب واعتقد ان أي حديث عن قانون احزاب يبقى عبثا اذا لم تتهيأ الارضية الحقيقية لوجوده وتتحقق الشروط الموضوعية ليكون فعالا وهذه الشروط لخصها البني بالغاء حالة الطوارىء واطلاق سراح جميع معتقلي الرأي والمعتقلين السياسيين والغاء الاحكام الصادرة بحقهم تمهيدا لعودتهم للعمل السياسي والغاء الاحكام الاستثنائية والغاء كافة الاحكام الصادرة عنها والغاء دور الامن بالتدخل في الاحكام السياسية وتحقيق استقلال القضاء بشكل نهائي عن السلطة التنفيذية وتأهيل القضاة والمحاكم وسيادة القانون دون أي استثناء وتعديل قانون النقابات بما يضمن فصل النقابات عن السلطة التنفيذية من هيمنة ووصاية القيادة القطرية لحزب البعث واطلاق حرية الصحافة وانشاء الصحف والمجلات المستقلة وتعديل قانون المطبوعات اضافة الى تعديل قانون الانتخابات بما يضمن صحتها واستقلاليتها وصحة التمثيل ورفع وصاية قوائم الجبهة والحزب القائد بما يضمن انتخابات نزيهة وحيادية ويضمن وصول الممثلين الحقيقيين لمصالح الناس.

واضاف البني ان هذه القوانين الاساسية لاي تغيير او اصلاح بدون وجودها مجتمعة فان أي حديث عن قوانين ترقيعية لن تضيف الا شقا واهتراء اضافيا في المجتمع ويبقى أي حديث عن تغيير او اصلاح غير ذي قيمة وشعارا لن يسمن او يغني من جوع.

من جانبه قال مشعل التمو ل"ايلاف" ان الهدف من قانون الاحزاب هو الاعتراف بحق الاخر في الفعل السياسي بمعنى ان الاخر جزء من هذا المجتمع والمطالبة بقانون الاحزاب يلغي ادعاء تمثيل المجتمع واحتكاره من طرف واحد بمعنى هناك تعدد حزبي أي هناك تعدد في الرأي والمطالبة بقانون احزاب تعني حرية التعبير والحق في المشاركة بصنع القرار وقانون الاحزاب له جوهر سياسي وهو حق الفرد والمجتمع في الانخراط وممارسة السياسة سواء كانت السياسة منسجمة مع الاخر ام مختلفة ومتباينة وعندما يتم المطالبة بقانون الاحزاب يعني ان يكون هناك فضاء وطني يتشارك فيه كل ابناء المجتمع والضرورة تاتي بحكم الفترة الطويلة من حكم حزب البعث فقد الغى الحراك السياسي.

واكد التمو ان المطالبة الان بضرورة وجود قانون للاحزاب لاعادة السياسة الى المجتمع وتفعيل بنى وطاقات هذا المجتمع بعد ان غيبت او التهمت من قبل حزب البعث او الجبهة وقانونيا يمكن اعتبار كل الاحزاب الموجودة غير شرعية والقانون يعطي الشرعية لاي فصيل موجود او يمكن ان يوجد في المستقبل وحتى شرعية حزب البعث فهي ليست سياسية وانما تتكىء على مادة دستورية بمعنى ان له شرعية سلطوية وليست قانونية.
واضاف التمو ان امكانية تطبيق قانون الاحزاب والهدف والغاية منه هو قوننة الحياة العامة واخراجها من حيز الطوارىء والاحكام العرفية بمعنى فك اسر المجتمع السوري ودفعه لامتلاك القدرة على صيانة وحدته ومستقبله وكل الامل الا يكون القانون الذي يتحدثون عن اخراجه شبيها بقانون المطبوعات أي ان يكون هدف القانون القادم هو قوننة احكام الطوارىء فالمطلوب ان يكون الهدف هو تنظيم التعدد الحزبي واعطاء كل فصيل شرعية سياسية على ارض الواقع وقبول الاخر في مجتمع تعددي وهو الامر الذي يشكل في حال تم تطبيقه احد النقاط الجوهرية للاصلاح السياسي المنشود.