سلطان القحطاني من الرياض: كانت مدينة "أبها " جنوب السعودية ماتزال كما هي غارقة في ربيعها حتى إخمص فتنتها ، وكانت علاقتها بالمطر والغيوم علاقة جيدة جدا، ولكن من حاول أن يفسد هذه العلاقة ؟ ويغتال هذا الربيع ؟

كان الكثير من السياح يقضون تنزههم في حديقة "أبو خيال" التي تعتبر من أشهر الأماكن السياحية في ابها، وكان البعض يتأهب لحضور معرض الكتاب، والبعض لحضور أول ايام مهرجان ابها الغنائي. كانت المدينة تضج بالحركة والشباب ولكن كان هناك من يحاول أن يطفئها.

فارس آل شويل كان يريد ان يضع بصمة مظلمة عند مروره من أبها، البعض كان يشكك في أن عملا ارهابيا كان مخططا تنفيذة ضد مسرح قرية "المفتاحة" السياحية التي تحتضن الأنشطة الغنائية والثقافية، وكان القبض على فارس ال شويل قد تزامن مع بداية الحفل الأول من حفلات مهرجان أبها الغنائي، وربط البعض وجوده بتعرض المهرجان لتهديدات معتادة، وربما وجود مخطط لتنفيذ عمل ارهابي يستهدف المسرح، وخاصة عندما تم تكثيف التواجد الأمني والتفتيش الدقيق لكل المرتادين لمسرح المفتاحة الذي اختتم اخر وصلة غنائية في ساعة متأخرة من الليل وسارت الفعاليات في سياقها المعتاد غير متأثرة بما حدث، في نفس الوقت الذي ألقت فيه القوات الأمنية السعودية القبض على فارس آل شويل ومطلوب آخر لم يكشف
عن اسمه.

وكان فارس يتنقل بجوار منطقة جبلية بجوار حديقة أبو خيال اشتهرت بوعورة تضاريسها ، وربما لم يكن وحده عند تسكعه بجوار "مقهى السلوة" و حديقة "ابو خيال" .
وفارس من أكثر المطلوبين خطورة وهو يعتبر المنظر الأبرز للخلايا الإرهابية في السعودية مدعوماً بتخصصه الأكاديمي إذ أنه حاصل على شهادة الماجستير في الشريعة من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. وفي سيرته الذاتية فإن الزهراني المتحدر من قرية الجوفاء في الجنوب السعودي التي ترتع بين الضباب والغيم والمطر قد درس المرحلة الابتدائية والمتوسطة في ذات القرية وأنتقل إلى قرية النعوص ليكمل المرحلة الثانوية في العام 1996 بتفوق حائزاً على نسبة 97%. وفور إنهائه المرحلة الثانوية التحق الزهراني بكلية علوم القرآن في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة لكنه مالبث أن ترك الجامعة بعد أن أنهى فصلاً دراسياً واحداً لينتقل إلى جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في منطقة القصيم في الوسط السعودي ودرس هناك لمدة عام ونصف العام وعاد بعد ذلك إلى مدينة أبها في الجنوب السعودي لدراسة الشريعة في فرع جامعة الإمام محمد بن سعود.

وأثناء ذلك وتحديداً في العام 1999 وقبل عام من تخرجه تزوج الزهراني من إحدى قريباته وأنجب منها طفلته الأولى (خديجة) التي تبلغ من العمر حالياً خمس سنوات ثم أنجب بعد ذلك سلمان ذا الثلاثة أعوام. وتشير المعلومات المتوافرة أن الزهراني حصل بعد ذلك على درجة الماجستير في الشريعة من فرع جامعة الإمام بالقصيم

ميلودراما ورقية
قبل اعتقاله بأيام كتب رسالة مليئة بالكراهية للنظام والشوق لأبنائه ، وقال في رسالتة إن ابنه وابنته مظلومان: "من فارس بن أحمد آل شويل إلى إبني المظلوم سلمان وابنتي المظلومة خديجة .... السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .... وبعد فلتعلما يا فلذات كبدي أنِّ قلبي يتفطر عليكما ، ويشتاقُ لرؤيتكما ، ويحنُّ لملاعبتكما ، ولكنْ فرَّق بيننا الطواغيت ...
يا أحبائي حرمني منكم الكفار .. نعم يا خديجة ويا سلمان فرَّق بيننا هؤلاء الكفار ..

إنني حين رأيتكما يوم الأربعاء الماضي 4/6/1425هـ على واجهة جريدة عكاظ ( ... ) فرحتُ كثيراً وسجدت لله شكراً فأنا لم أركم منذ سنة ونصف السنة... وتذكرت حينها قصة يعقوب عليه السلام حين فقد أبناءه يوسف وأخاه فقال كما حكى الله عنه (فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللّهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ * وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ * قَالُواْ تَالله تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ * قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ * يَا بَنِيَّ اذْهَبُواْ فَتَحَسَّسُواْ مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ) ...

وكانت صحيفة "عكاظ" السعودية نشرت الأربعاء 21-7-2004 صوراً للصغيرين وجها فيها نداء إلى والدهما للعودة، وقالت خديجة وهي تكفكف دموعها "متى يعود أبي عرفت أن هناك فرصة أخيرة أتيحت له، أنا في انتظارك يا بابا". وكان خديجة وسلمان توجها إلى منطقة الباحة رفقة والدتهما لقضاء الإجازة الصيفية عند جدهما أحمد آل شويل، منتقلين من الرياض التي يقيمان فيها عند أهل والدتهما. وجدد والد فارس نداءات متعددة إلى ابنه لتسليم نفسه "والعودة إلى جادة الصواب"، لكن فارس لم يعلق عليها في بياناته الصوتية أو المكتوبة.

ومن اللمحات في سيرته الذاتية رفضة استلام احدى الجوائز لأن من سيسلمها كان من الأسرة الحاكمة. وقال موجها رسالة لسفر الحوالي: "أتحدى سفر الحوالي أو رسله أن يصلوا إلي .. وليطمئن المحبون .. فأنا حريص في كل تحركاتي واتصالاتي وأتخذ لذلك الإحتياطات اللازمة والله خير حافظا وهو أرحم الراحمين ولئن قتلت بعد ذلك في غدوة أو روحة فذلك فضل الله يؤتيه من يشاء ( ...) وأقول لسفر الحوالي: إن كنت تقول أني أفهم الأدلة وطالب علم فلماذا تتهرب من المناظرة بالأدلة الشرعية ؟؟!! فالحق بغيتنا".

وقال في رسالة وجهها لمحسن العواجي: "أنا العبد المعتز بالله فارس بن أحمد آل شويل الزهراني أؤكد طلبي مناظرة سفر الحوالي ومحسن العواجي وذلك للرد على إفتراءات محسن العواجي في برنامج "حوار مفتوح" الذي أذيع على قناة الجزيرة. والمناظرة تكون إما بالكتابة عبر مواقع الإنترنيت الشهيرة أو بالتسجيل الصوتي، والحجة بالحجة والدليل والدليل."

محسن العواجي في " حوار مفتوح " على قناة " الجزيرة"

المذيع: من بالتحديد؟
محسن العواجي: أحد كتاب سعوديون.
المذيع: لا من هذه الجهات؟ يعني جهات ليبرالية؟
محسن العواجي: ليبرالية نعم ليبرالية علمانية نسميهم في الواقع يعني ممثلي الأميركان في المنطقة إلى آخره يجب أن تفتح هذه الملفات ويجب أن ندعوا ونقنط ونقول اللهم من أرادنا وأراد المسلمين في كل مكان بسوء اللهم اشغله بنفسه واجعل تدميره تدميرا عليه..

أولا ما يدور بيننا وبينهم عبر الوسطاء يختلف تماما عن الاستعراض الذي نراه الآن في الإنترنت، على سبيل المثال هم الآن يوجد لديهم معهم شخصان فقط لديهم خلفية شرعية شخص اسمه عيسى العوشن وآخر اسمه فارس الزهراني كلا الاثنين كان هناك تواصل معها عبر وسيط ومحاولة يعني دعوتهما إلى حوار مباشر أو مناظرة يسموها ما يشاؤون وتحديدا الأخ فارس الزهراني يعلم الأخوان وليد وفيصل اللذان يترددان بينه وبين الشيخ سفر فترة طويلة يطلب منه الشيخ سفر أن يأتي ويحاور في أي مكان يحدده مع ضمان ألا يمسه شيء . .... )
المطاف الأخير

تقول العديد من المصادر التي تحدثت عن القبض على ابرز منظري القاعدة ان فارس آل شويل لم يستطع الحديث وانه مازل مصدوما ومشدوها مماحدث، ولم يتوقع أن يقبض عليه بهذه السهولة ودون اطلاق رصاصة واحدة، على الرغم من الثقة التي كان يتمتع بها وتحوّطة الذي كان يدعيه.