قرار عدم تعينهن يثير موجة احتجاج وبات ينذر لازمةوزير التربية والتعليم عبد العزيز الشرهان
بهاء حمزة من دبي: كما توقعت "ايلاف" في تقرير سابق لها حول الموضوع لم يمر قرار وزارة التربية والتعليم الإماراتية الذي يقضي بمنع تعيين المعلمات الحوامل مرور الكرام. بل على العكس من ذلك لا زالت تفاعلات القضية تتزايد يوما بعد يوم مما ينذر بأزمة عاتية تنتظر وزير التربية والتعليم عبد العزيز الشرهان الذي يعاني أصلا أزمات متنوعة ومتكررة مع اغلب الجهات في الدولة سواء الصحف أو المجلس الوطني أو الهيئات والدواوين الحكومية في الدولة، وما يزيد من احتمالات تطور المشكلة إلى مراحل اكثر خطورة الإشارات السياسية التي حملتها اعتراضات المعلمات المنشورة في الصحف. أول الإشارات حملت اتهاما للوزير بأنه يخالف سياسة الدولة الرامية إلى تشجيع المواطنين على الإنجاب أملا في تعديل التركيبة السكانية في الدولة التي تعاني خللا هائلا لصالح الوافدين (نسبة المواطنين حوالي 20 في المائة من العدد الإجمالي للسكان وفقا لتقارير إحصائية نشرت عام 2002) وهو اتهام وجهته معلمة موقوفة رفضت ذكر اسمها خوفا من بطش الوزير كما قالت إلا أنها لم تتوان عن اتهامه بالوقوف ضد قرار سيادي للدولة ورغبة رئيسها الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان وحكام الإمارات الستة الأخرى الذين يشجعون المواطنين على كثرة الإنجاب بوسائل عديدة منها الدعم المادي للمواليد والرعاية المجانية في التعليم والصحة .. بالإضافة إلى مزايا أخرى عديدة و ذلك كأحد الوسائل لزيادة عدد المواطنين ومن ثم تعديل التركيبة السكانية التي تستعصي على التعديل حتى الآن رغم كل المحاولات . واستشهدت المعلمة المواطنة بقرار منح مواطن في عجمان مكافأة مالية ضخمة لإنجابه ثلاثة عشر ولدا قبل أن تستطرد قائلة" لكن قرار وزير التعليم سيشجع آلاف المعلمات على تنظيم النسل أملا في الاستمرار في عملهن الذي يعنى بالنسبة إليهن دخلا ماديا وتحقيقا لذواتهن في الحياة العملية وهو ما أتمنى أن يتحمل الوزير تبعاته على مستقبل الدولة".
الإشارة الثانية التي لا تقل انتقاداً عن الأولى حملتها كلمات بدرية سيف مديرة مدرسة ابتدائية في الشارقة إذ أن قرار الوزير يتعارض ضمنا مع اتجاه الدولة الحثيث نحو التوطين إذ أن المعروف أن النسبة الأكبر من المواطنين العاملين في التربية والتعليم هم من النساء لعزوف الشباب عن العمل في التدريس لأسباب كثيرة ، لكن بعد تطبيق قرار منع تعيين المعلمات الحوامل ستنخفض نسبة المواطنين في الوزارة ليس فقط بمقدار عدد المعلمات اللاتي سيحرمن من التعيين وإنما بنسبة مضاعفة تعادل العدد الذي سيجري الاستعانة به من الوافدين لسد النقص الناتج عن عدم تعيين معلمات مواطنات.. وتضيف السيدة بدرية راشقة سهامها حسبما اعرف فان المسؤول قبل أن يتخذ أي قرار يجب أن يحسب إيجابياته وسلبياته ثم يقرر اتخاذ القرار حين تكون الإيجابيات اكثر من السلبيات وأتمني أن يكون الوزير قد حسب هذا القرار جيدا قبل أن يتخذه لأنني بصراحة أرى انه مليء بالألغام على مستقبل الدولة.
وكان الوزير واجه حرجا بالغا الأسبوع الماضي حين نشرت الصحف خبرا عن مبادرة معلمة مواطنة بعرض التخلص من جنينها مقابل منحها فرصة التعيين في الوزارة وهو العرض الذي رفض بشدة من مسؤول في وزارة التربية والتعليم لتعارضه مع تعاليم الدين الإسلامي وسياسة الدولة الرامية إلى تشجيع إنجاب المواطنات.
على جانب آخر دخلت أطراف ثالثة في المشكلة إذ عرض عدد من أعضاء مجلس إدارة جمعية الحقوقيين في الشارقة التدخل وإقامة دعوى باسم المعلمات ضد الوزارة لإلغاء القرار الذي وصفه محمد المنصوري رئيس الجمعية بعدم الدستوري إذ أن المادة رقم ( 21) من القانون الاتحادي لسنة 2001 في شأن الخدمة المدنية في الحكومة المحلية لم تتطرق إلى وجوب عدم وجود حمل ضمن شروط التعيين كما أن الحمل والإنجاب ليسا من شروط اللياقة الصحية التي تضمنتها المادة. وهذه النقطة الأخيرة تحديدا والتي كانت "ايلاف" أشارت إليها من قبل هي نقطة الضعف الأساسية في القرار إلا أن علي ميحد السويدي وكيل التربية المساعد لتخطيط وتنمية الموارد البشرية رد عليها قائلا أن مسألة اللياقة الصحية متروكة لتفسيرات كل وزارة على حدة حسب ظروفها وطبيعة عملها.
الطريف أن عدد من المعلمات الموقوفات لجأن ضمن مساعيهن للعودة إلى العمل إلى اقتراح توقيع تعهدات كتابية بعدم الحصول على إجازة طويلة للوضع (يمنح القانون الموظفة المواطنة شهرين لإجازة الوضع براتب كامل ومثلهما بنصف راتب وشهرين من دون راتب بشرط موافقة جهة العمل) كما اقترحن منحهن الفرصة للتعيين على أن يطبق القرار اعتباراً من العام الدراسي المقبل، وخاصة أن عددهن لا يتعدى 25 معلمة مواطنة من مختلف المناطق وهو عدد لن يضر العملية التعليمية حتى في حصول إحداهن على إجازة الوضع الكاملة المحددة وفقاً للقانون بستة أشهر.
ورغم الاعتراف بغرابة القرار إلا أن الحق يقتضي الاعتراف بان وزير التعليم يبدو متورطا في اتخاذه إذ انه جاء استجابة لحملات صحافية نددت بوجود عدد هائل من المعلمات الحوامل اللاتي ينتظرن الوضع خلال الموسم الدراسي مما يهدد انتظام العملية التعليمية. لكن المفاجأة التي لم يتوقعها الشرهان أن تكون نفس الصحف التي هاجمته للتساهل مع حمل المعلمات هي نفسها التي عادت لتهاجمه عقب صدور قرار منع تعيين المعلمات الحوامل ليتأكد الرجل من أن عدائه القديم للصحافة لم يكن مجرد انفعال وقتي كما وصفه العديدون من قبل.
التعليقات