أسامة العيسة من الخليل: يملك رسمي دوفش محلا للتصوير قريبا من باب الزاوية وسط مدينة الخليل، ولكنه معروف في المدينة التي تخضع لحصار من جيش الاحتلال الإسرائيلي ليس فقط كمصور ولكنه كوالد لعضو بارز في كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس هو طارق دوفش الذي نفذ عملية في مستوطنة ادورا قرب الخليل في نيسان (أبريل) 2002.
وأهم ما يميز الأستوديو صور طارق الذي ترك مقاعد الدراسة في جامعة البوليتكنك، لينفذ مع رفيقه فادي الدويك، عملية فدائية جريئة جدا، وذات مغزى سياسي كبير في توقيتها. ففي الوقت الذي كان فيه اريئيل شارون، رئيس الوزراء الإسرائيلي يخوض حربا شرسة ضد المواطنين الفلسطينيين في أبريل 2002 والتي عرفت إعلاميا بحملة السور الواقي، ويرتكب المجازر في جنين ونابلس وبيت لحم ورام الله ويحاصر كنيسة المد، تمكن طارق دوفش مع رفيقه فادي الدويك من دخول مستوطنة (ادورا) وهو فعل بطولي بحد ذاته، ومكثا في المستوطنة ساعات، قبل أن يقتلا خمسة من المستوطنين، وينجحا بالخروج سالمين من المستوطنة، ولكن لطارق كان رأي آخر، حيث قال لرفيقه: أنا لم آت هنا كي أعود، أنا جئت لاستشهد، فخاض مواجهة قرب قرية تفوح مع مجموعات من الجيش الإسرائيلي حتى استشهد. وبعد استشهاده اقتحمت قوات الاحتلال منزل العائلة واعتقلت والده رسمي المريض وفيما بعد هدمت منزله ومنزل فادي الدويك الذي يمكث الان في أحد المعتقلات الإسرائيلية.
في أستوديو التصوير يحب رسمي الحديث عن ابنه طارق، الذي تملأ صوره المكان، صور له وهو طفل يحمل سيماء الرجولة وهو في المدرسة أيضا وهو في جامعته، بالإضافة لصورة المنزل الجميل الذي تربي فيه طارق وهدمته الجرافات الإسرائيلية.
قال رسمي دوفش (في ذلك اليوم 27/4/2002 ذهبنا إلى المسجد وصلينا الفجر، ولم يعد طارق ولم نقلق عليه، وبعد ساعات كانت أنباء عملية اقتحام مستوطنة ادورا تنتشر، حيث استطاع مقاومون دخول المستوطنة وتنفيذ عملية بها، ولم نكن نعرف أن طارق أحد المشاركين في تلك العملية).
وشكلت العملية إرباكا كبيرا لقوات الاحتلال الإسرائيلي، مثلما حدث بعد عملية بئر السبع الأخيرة، التي عجزت مخابراتها عن تفسير لغز تلك العملية فاتهمت في البداية كتائب شهداء الأقصى بتنفيذها، ولكن كتائب عز الدين القسام أصدرت بيانا بعد يومين من العملية نعت فيه طارق دوفش وسردت تفاصيلها.
وكانت عملية طارق دوفش صادمة للأجهزة الأمنية الإسرائيلية التي نظرت في حينه للخليل في جنوب الضفة الغربية كمدينة هادئة نسبيا، ولم تشملها في عملية السور الواقي، وشكلت عملية طارق دوفش إنذارا للأجهزة الأمنية الإسرائيلية بوجود خلايا فاعلة لكتائب القسام في الخليل والبلدات المجاورة رممت نفسها بعد الضربات المتلاحقة التي وجهت لها خلال أعوام. وبدأت حرب لا هوادة فيها من أجهزة الأمن الإسرائيلية تجاه تلك الخلايا وخلايا أخرى تابعة لكتائب شهداء الأقصى وسرايا القدس.
وفي اقل من عامين حققت أجهزة الأمن الإسرائيلية نجاحات في تلك الحرب، فاغتالت عبد الله القواسمي القائد المخضرم في كتائب القسام وهدمت مباني سكنية كاملة على محمد بدر الذي تلوى المسؤولية بعده وعلى باسل القواسمي وذياب الشويكي ومحمد سدر من سرايا القدس المسؤولين عن عمليات موجعة ضد المستوطنين وجنود الاحتلال في حي وادي النصارى وزقاق المصلين المؤدي للحرم الابراهيمي الشريف. وعاد هدوء نسبي إلى الخليل، حتى وقع حادث له دلالاته في كانون اول (ديسمبر) من العام الماضي .
في قرية تفوح عندما قصفت القوات الإسرائيلية منزلا واحترق تماما واسفر عن مقتل اثنين هما جهاد شقيق طارق دوفش الأكبر وحاتم القواسمي شقيق باسل القواسمي الذي هدمت السلطات الإسرائيلية عمارة سكنية عليه في وقت سابق. وعلم بان الاثنين رمما خلايا حماس التي تعرضت لضربات موجعة بقتل قادتها وكانا على وشك استئناف العمليات حتى قتلا.واقدمت السلطات الإسرائيلية على خطوة طالما أجلتها وهي اغتيال الشيخ احمد ياسين زعيم حركة حماس قبل نحو ستة اشهر، وهي تعلم أنها حققت نجاحات في تدمير بنية حماس التحتية، وان أي رد على تلك العملية سيكون باهتا. وبعد ذلك بقليل اغتالت الدكتور عبد العزيز الرنتيسي ولم يأت رد حماس، واستمرت السلطات الإسرائيلية في عمليات الاغتيال دون ردود من قبل حماس، حتى اول من أمس عندما نفذ اثنان من عناصرها: احمد القواسمي ونسيم الجعبري عملية بئر السبع المزدوجة، ولتشكل صدمة للشاباك.ويدور الحديث الآن عن عماد القواسمي كمسؤول محلي عن كتائب القسام في الخليل مدينة التجارة والكفاح والعائلات العريقة المحافظة، ومخطط الهجوم المزدوج الذي لم يهز مدينة بئر السبع ولكن ينذر بهبوب عواصف اقليمية. ومثلما حدث في السابق، فان جولة جديدة بينه وبين الشاباك بدأت.
التعليقات