عبد الرحمن الماجدي من أمستردام: من المنتظر ان يتم اليوم الإفراج عن الصحافيين الفرنسيين كريستيان شينو وجورج مالبرونو اللذين اقامت باريس الدنيا من اجلهما حيث وجد الرئيس الفرنسي جاك شيراك نفسه في وضع لا يحسد عليه من شماتة الساسة الاميركيين والبريطانيين والعراقيين بعد ان راهن على فشل تجربة التغيير العراقي التي تزعمتها الولايات المتحدة الاميركية وبريطانيا وحلفائهما.و دخلت الحكومة الفرنسية في اجتماع ازمة مفتوح منذ اعلان اختطافهما الاسبوع الماضي فاوفدت وزراء ومسؤولين في مؤسسات اسلامية فرنسية الى دول الجوار العراقي والى داخل العراق حيث التقى وفد من المجلس الاسلامي الفرنسي بممثلين من هيئة علماء المسلمين (السنية) وممثل عن التيار السلفي في العراق مكتفيا بتوجيه رسالة للمرجع الشيعي السيد علي السيستاني اذ ان الخاطفين من متشددي السنة.

وكانت هيئة علماء المسلمين عبرت عن عجزها عن تقديم أي مساعدة للافراج عن الصحفيين المخطوفين لكن زيارة الوفد المسلم الفرنسي جدد امال الهيئة ومساعدتها في اطلاق سراحهما. اذ صرح أحد الاعضاء الثلاثة في وفد المجلس الفرنسي الاسلامي محمد بيشاري ان الوفد الذي توجه الى بغداد الخميس "ينتظر" اليوم في العاصمة الاردنية الافراج عن الرهينتين الفرنسيين المخطوفين في العراق. جاء ذلك في حديث هاتفي له عبر اذاعة ار تي ال من باريس. واضاف ان اليوم هو يوم جمعة ويوم صلاة وينتظر المسلمون في فرنسا هذا الافراج. وأعلن الدكتور عبد السلام الكبيسي للوكالات ظهراليوم ان حياة الرهينتين الفرنسيين "لم تعد في خطر" وان "الافراج عنهما بات مسالة وقت".

وكانت ايلاف اتصلت بمصادر سياسية عراقية اكدت ان امام الحكومة الفرنسية خيارين لاثالث لهما، اما الاستجابة لمطالب الخاطفين غير المعلنة وهي دفع فدية مالية كبيرة او اعدامهما كما حدث للصحفي الايطالي الذي خطفته ذات الجماعة واعدمته الشهر الماضي. وحول ماتردد في الانباء من ان الخاطفين باتوا في ايدي جماعة اخرى تؤيد الافراج عنهما قالت المصادر التي اتصلت بها ايلاف في بغداد ان ماحصل هو عملية بيع الرهينتين لعصابة خطف اخرى حصلت على وعود من الوسطاء بمبالغ كبيرة في حال الافراج عنهما. وتوقعت المصادر ان يكون (كل رأس بمليون دولار) بالاضافة الى ماتم دفعه للوسطاء العراقيين المعروفين بسعيهم الدائم عن منافع مالية.

وقد تم نقل الرهينتين من مكان خطفهما في اللطيفية الى الفلوجة حيث معقل جماعات الخطف. ويسود اعتقاد في الاوساط العراقية من ان تكون الحكومة الفرنسية تعاملت في هذه الازمة مع جماعة التوحيد والجهاد التابعة لابي مصعب الزرقاوي المرتبط بنتظيم القاعدة من اجل تسهيل الافراج عن الصحفيين. اذ سريت السفارة الفرنسية ببغداد اليوم انباء عن نجاح عملية نقل الرهينتين من اللطيفية الى الفلوجة وهم بحوزة جماعة مسلحة في المدينة قريبة من الجماعة الاولى التي خطفتهما. وتتهم الحكومة العراقية والجيش الاميركي تنظيم الزرقاوي بالنشاط والاختباء مع مساعديه في مدينة الفلوجة غرب بغداد. وكانت جماعة الجيش الاسلامي اشترطت تخلي الحكومة الفرنسية عن قرارها بمنع استعمال الرموز الدينية في المدارس الحكومية بما فيها الحجاب الاسلامي لكن مر تنفيذ القرار الفرنسي بهدوء منذ امس بل ان المسلمين الفرنسيين الذين اعترضوا على القرار تظاهروا لاطلاق سراح الفرنسيين ووصل مندوبون عنهم لبغداد للتفاوض من اجل اطلاق سراحهما.

وكانت الشركة الكويتية التي تتعامل مع الجيش الاميركي في العراق قد نجحت في الافراج عن موظفيها الذي اختطفوا في العراق الشهر الماضي بعد ان دفعت فدية تفوق النصف مليون دولار حسب تصريحات مسؤولين في الشركة مع تخلي الخاطفين عن شرطهم المعلن بانسحاب الشركة الكويتية من العراق اذ اكدوا ان الغاية من خطف الموظفين الستة كانت لغرض الايتزاز المادي وحسب. وقد اكد عدد من عوائل سائقين لبنانيين واردنيين بدفعهم فديات مالية للخاطفين الذي خطفوا ابناءهم في العراق.
وباتت قصص الخطف معروفة اذ يبدأ الخاطفون اولا باعلان خبر الخطف عبر شريط فيديو يصور المخطوفين مع جوازات سفرهم وجنسياتهم لغرض اعلام ذويهم بذلك بعد فشل المكالمات الهاتفية في تحقيق مطالبهم. ثم يتم التفاوض عبر وسطاء ينشطون في دول الجوار العراقي وداخل العراق. اذ تزاداد قيمة الفدية كلما تم ذبح احد المخطوفين عبر شاشات الفضائيات العربية التي وقعت هي الاخرى ضحية ابتزاز الخاطفين الذين يشترطون اموالا طائلة لبيع شريط الخطف للمحطة التي تبحث عن الاثارة والسبق الصحفي. غير ان محطة العربية قادت انتافضة فضائية مساء امس لفضح وتعرية هذه العصابات التي تتقنع بشتى الشعارات الدينية والوطنية فيما غاياتها مالية وحسب. اذ تحدث منوبها في بغداد عن طريقة مساومات الخاطفين وعرضهم مالديهم من اخبار مهمة ومثيرة سواء عبر الهاتف اولا او االحضور مباشرة لمكتب المحطة.

و انتقد الصحفي سلامة نعمات الذي استضافته "العربية" سلوك الفضائيات العربية من نشر رسائل الخاطفين الذين حققوا شهرة وثراء واسعين من عمليات الخطف والظهور في الفضائيات بمظهر المقاومين. وتأتي هذ الانتفاضة الفضائية من قناة العربية بعد تأكد القائمين عليها من ان اهداف الخاطفين مالية بحتة. وان بث صور لثلاثة او اربعة ملثمين مسلحين ليس مظهر من مظاهر المقاومة حسب الصحفي نعمات الذي طالب كل وسائل الاعلام بعدم تقديم أي تسهيلات للخاطفين او أي عصابة في العالم تحتجز رهائن لتفويت الفرصة عليهم بعدم ايصال أي رسالة لهم عبر الخطف او المجازفة بحياة الابرياء.

وكانت احدى هذه العصابات اعدمت 12 عاملا نيباليا اختطفطهم الشهر الماضي في العراق بعد ان يأست من الحصول على اية فدية مروجة باعدامهم ضرورة تلبية طلبات الخاطفين مستقبلا الامر الذي جعل الحكومة الفرنسية تسابق الوقت من اجل اطلاق سراح مواطنيها. وتاجيل كل التزام اخر بما في ذلك استقبال الرئيس العراقي غازي الياور الذي طلبت تاجيل زيارته لباريس بعد تصريحات رئيس الوزراء العراقي الدكتور اياد علاوي قبل ايام لصحيفة (لوموند) بان فرنسا ليست محصنة من اعتداءات إرهابية في العاصمة باريس ومدن فرنسية أخرى بسبب رفض فرنسا المشاركة في الحرب على الإرهاب ولموقفها من التطورات العراقية. وكانت الخارجية الفرنسية وصفت هذه التصريحات بأنها غير مقبولة.