مراد عباس من الجزائر: اعتبر مصطفى بوشاشي، احد ابرز الناشطين في مجال حقوق الإنسان في الجزائر، أن تنازل بعض عائلات المفقودين عن المطالبة بالحقيقة بخصوص مصير ذويهم، لا يسقط حق المتابعة القضائية في حق المتسببين،أو حتى تسليط الأضواء على كارثة إنسانية لم يعرفها المجتمع الجزائري، بحجم ملف المفقودين، الذي بقي طي الكتمان، لعشرية من الزمن، عندما اختفى عشرات المئات من المناضلين والمتعاطفين مع الجبهة الإسلامية للإنقاذ في الجزائر في مرحلة التسعينات، في ظروف غامضة، وتوجه جماعات حقوق الإنسان أصابع الاتهام إلى جهات حكومية بوقوفها خلف حالات الاختفاء القصري.
وقال بوشاشي في اتصال هاتفي مع مندوب إيلاف بالجزائر، إن "موقف المنظمة الحقوقية للدفاع عن ضحايا المأساة الوطنية، لا يستقيم من الناحية القانونية والأخلاقية"،وكانت هذه المنظمة قد أصدرت يوم الجمعة الماضي، بيانا جريئا أعلنت من خلالها في رسالة إلى الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، بقبولها بمبدأ التعويض عن فقدان احد أفراد عائلتها مقابل صرف 11 ألف دولار أمريكي كدية، في حين تعارض منظمات أخرى، مثل هذا الإجراء قبل تسليط الأضواء على حالات الاختفاء القصري، وتسليط العقوبات على المتسببين في هذه الحالات.
وأكد المحامي مصطفى بوشاشي، أن حالة الاختفاء القصري، تعتبر في نظر القانون الدولي جريمة ضد الإنسانية، وفي هذه الجريمة هناك مسؤولية جنائية وأخرى مدنية، كما انه لا يمكن للضحايا أن يتنازلوا عن فكرة المتابعة وكشف الحقيقة، خاصة بعد أن اعترفت هذه العائلات في بيان يحمل توقيع رئيس المنظمة الحقوقية لضحايا المأساة الوطنية، بكون جهات أمنية تقف خلف اختفاء ذويهم، وصدر البيان بحسب بعض المراقبين بمباركة جهة حكومية، هي اللجنة الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان، التي يرأسها المحامي فاروق قسنطيني المسؤول في ذات الوقت عن آلية البحث عن المفقودين، التي نصبها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، في سبتمبر/ أيلول الماضي.
ويذهب بوشاشي الذي رافع لسنوات عن عدد من المساجين السياسيين من الإسلاميين إلى التيار العلماني والبربري، كما دافع عن حق عائلات المفقودين في التواجد القانوني، الذي ترفضه الحكومة، أن التنازل من شأنه أن يكرس مبدأ اللاعقاب، بدلا من ترسيخ المطالبة بمعرفة الحقيقة وتطبيق سلطان القانون، حتى لا تتكرر مثل هذه المأساة الانسانية في حق مدنيين عزل لم يجدوا سبيلا إلى إنصاف قضيتهم خلال عشرية من الزمن، معتبرا في ذلك المسعى فائدة للجزائر لبناء دولة الحق والقانون، التي تحتل المرتبة الثانية بعد البوسنة والهرسك من حيث حجم عدد المفقودين. ومن جهتها نددت الآنسة ايغيل، وهي عضو ناشط في صفوف الجمعية الوطنية لعائلات المفقودين، في اتصال هاتفي مع إيلاف، بموقف المنظمة الحقوقية، ووصفت المنظمة بـ "المتحدث الرسمي على لسان آلية فاروق قسنطيني، "بغرض طمس الحقيقة، بمقابل حفنة من المال".
ودعت ايغيل الناشطين في هذه المنظمة إلى الكشف عن هويتهم بدلا من التستر خلف أسماء مجهولة الهوية، وأكدت أن الجمعية بالمرصاد لمخططات السلطات العمومية، التي تريد القفز عن الحقيقة وتجاهل مطالب عائلات المفقودين على حد قولها. ويرى عدد من الحقوقيين الجزائريين، أن فاروق قسنطيني أصبح يستبق الزمن لتسليم تقريره الأولي إلى الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، خلال الأسابيع المقبلة، في حين ينتظر أن يسلم تقريره النهائي قبل شهر مارس/ أذار المقبل.
وقد وعد الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة خلال الحملة الانتخابية الأخيرة لتجديد ولايته في الجزائر في انتخابات ابريل/ نيسان الماضي، عزمه على طي ملف المفقودين، وقام قبل انتهاء ولايته الأولى بتنصيب آلية المفقودين تتبع رئاسة الجمهورية، تتولى البحث في تسوية ملف المفقودين، واعترف عدد من المسؤولين الحكوميين أن هذا الملف أصبح محل هتمام أوساط أوروبية وأمريكية، تمارس ضغوطا على الجزائر التي قطعت التزامها بتسوية هذا الملف.
التعليقات