دراسة للمعهد الدولي لأبحاث السلام :
تراجع الحروب وانخفاض عدد الضحايا
نبيل شرف الدين من القاهرة: كشفت دراسة حديثة أعدتها مؤسسة دولية مرموقة متخصصة في رصد النزاعات المسلحة والتحليل الاستراتيجي، هي المعهد الدولي لابحاث السلام باستوكهولم، عن مفارقة غريبة حين أكدت ان دراساتها خلصت إلى نتيجة مؤداها أنه على الرغم من ان انباء الحروب والقتال تتصدر نشرات الاخبار وعناوين الصحف في العالم، لكن حقيقة الأمر هي أن العالم نجح في تحقيق السلام في العديد من اركانه وأن الحرب في تراجع مستمر، وأوضحت الدراسة انها اعتمدت على معيارين موضوعيين للقياس في سبيل إثبات هذه النتيجة، حيث كان المعيار الأول هو احصاء أرقام الضحايا الذين سقطوا خلال الحروب، والمعيار الثاني هو احصاء اعداد بعثات حفظ السلام الدولية، وقد أكد المستوى الأول انخفاض اعداد ضحايا الحروب لادنى مستوياته منذ الحرب العالمية الثانية، أما بالنسبة للمستوى الثاني فقد أكد ارتفاع عدد بعثات حفظ السلام الدولية بشكل متنام خلال السنوات الماضية وأن المجتمع الدولي بذل جهودا ضخمة لإنهاء المواجهات العسكرية، وتعزيز المشاركة الدولية لتحقيق السلام في شتى ربوع العالم.
وأوضح الباحثون في التقرير السنوي للعام 2004 للمعهد انه خلال عام2003 دارت19 معركة عسكرية ضخمة مقارنة بـ33 معركة دارت عام1991، وانه خلال عام2003 استطاع العالم انهاء ثلاث حروب في انغولا ورواندا والصومال، إضافة وضع حد للاشتباكات التي وقعت في ولاية آسان الهندية.
وعلى الرغم من إشارة التقرير إلى اندلاع ثلاث حروب اخرى خلال عام2003 في ليبيريا ودارفور بغرب السودان والعراق بالاضافة إلى النزاعات المسلحة المستمرة في الجزائر, وبوروندي وبيرو واقليم اتشير في اندونيسيا والشيشان, إلا أن الباحثين يؤكدون ان الحروب تتراجع عموماً على مستوى العالم, وذلك بسبب انخفاض كثافة القتال وتراجع اعداد ضحايا الحروب إلي مستويات قياسية.
وتقدر الدراسة اعداد ضحايا الحروب عام2002 بــ15 ألف شخص، وارتفع قليلا عام 2003 ليصل إلى20 ألف شخص بسبب الحرب في العراق، إلا أن هذه التقديرات لعدد الضحايا تعتبر قليلة جدا مقارنة بفترة التسعينيات حيث تراوح اعداد القتلى بين40 ألفا و100 ألف شخص في الصراعات التي وقعت بجنوب السودان وزائير، كما انها منخفضة جدا مقارنة بفترة مابعد الحرب العالمية الثانية حيث وصلت اعداد القتلى إلى700 ألف شخص عام1951.
وارجعت الدراسة هذا التراجع في معدل الحروب أو تأثيرها إلى انتهاء الحرب الباردة بين الكتلتين الغربية والشرقية وتفكك الاتحاد السوفيتي وهو الأمر الذي حرر الأمم المتحدة والعديد من المنظمات الدولية من القيود التي كانت مفروضة عليها، كما ان انتهاء الحرب ساهم في تفعيل دور المجتمع المدني في اتخاذ القرارات السياسية.
ومضت الدراسة التي اطلعت (إيلاف) عليها، موضحة أنه خلال العام 2003 خرج من ساحل العاج إلى جزر سولومون14 بعثة دولية لحماية وتعزيز اتفاقيات السلام، لافتة في هذا الصدد إلى أن هذا الرقم هو اعلى رقم تم تسجيله لارسال بعثات حفظ السلام في عام واحد منذ الحرب الباردة.
وخلصت الدراسة إلى تأكيد أن الأمم المتحدة اصبحت اكثر قوة عن اي وقت مضى، وذلك رغم الصفعة القوية التي تلقتها على يد الولايات المتحدة حيث راوغت مجلس الأمن الدولي وشنت حربا ضد العراق، كما أكدت الدراسة قوة الأمم المتحدة ودورها الفعال في تحقيق السلام، موضحة أن المنظمة قامت خلال العام الماضي 2003، بنشر نحو 38.500 جندي لحفظ السلام شهريا في مناطق الصراعات والنزاعات المسلحة حول العالم، لافتة إلى أن هذا الرقم يشكل نحو ثلاثة أضعاف المعدلات في العام 1999.
التعليقات