بعد شهر من الغارات الانتقائية لمدينة الفلوجة في الرمادي غرب العراق قصفت الطائرات الاميركية عدة احياء في المدينة هذه الليلة وطوقتها الدبابات من كل الجهات ضمن خطة لاقتحام احيائها تدريجيا لاخراج المسلحين الذين قتلوا ظهر امس 7 جنود اميركان في كمين في قرية الصقلاوية شمال الفلوجة تبنته جماعة التوحيد والجهاد التابعة لابي مصعب الزرقاوي الذي تتهمه القوات الاميركية بالتحصن في المدينة ذات الاغلبية السنية. وقال الجيش الاميركي في بيان انه قصف اليوم الثلاثاء مدينة الفلوجة واوقع حوالى مائة قتيل في صفوف المسلحين. واضاف البيان ان "عددا كبيرا من المقاتلين الاعداء (حوالى 100) قتلوا على الارجح". وقال اللفتنانت-كولونيل ت. جونسون "لقد ردينا بعد ان تعرضنا لطلقات نارية. نحن نقصف مواقع للعدو في المدينة منذ الساعة 30،18 (30،14 ت غ). نحن نستخدم الطيران والمدفعية". واضاف "لقد بدأ القتال (...) عندما تعرضت مواقع لمشاة البحرية (المارينز) في المدينة لاطلاق نار من مراكز للعدو". وقال شاهد عيان ان الدخان تصاعد في السماء فيما استقبل مستشفى المدينة العام عددا غير محدد من الضحايا في حين عم جو من الذعر في المدينة. وسادت حالة من الذعر لدى السكان الذين هرب عدد كبير منهم من القصف وذكروا لصحافيين يرابطون في المدينة وقربها ان جثث قتلى وجرحى ما زالت غارقة في دمائها في المنطقة المستهدفة.
واوضح الجيش الاميركي ان المباني التي اصيبت في القصف كان يستخدمها المقاومون لاطلاق النار على مواقعه. واضاف ان "مباني تستخدمها القوات المعادية للقوات العراقية مواقع قتالية تعرضت مرارا للهجوم. وحصل اكثر من انفجار في بعض المباني التي اصيبت، مما يشير الى انها مخابىء للاسلحة". وكانت القوات الاميركية قد اوقفت قبل يومين التعامل مع لواء الفلوجه الذي شكلته قبل اشهر بعد مواجهات دامية فيها وحلت قبل اسبوعين شرطة المدينة. وهي خطوات فسرها المراقبون لهجوم كبير تستعد له القوات الاميركية لتطويع المدينة التي باتت مصدر قلق واحراج للحكومة والقوات الاميركية معا.
وكان مسؤولون في الحكومة العراقية ذكروا انهم يجرون مفاوضات مع وجهاء من الفلوجة وسامراء من اجل احترام القانون واعادة الاعمار في المدينة. لكن تجدد القصف من جانب القوات الاميركية هذه الليلة يوحي بوصول تلك المفاوضات لطريق مسدود الامر الذي سيجر المدينة لحال شبيه لما تعرضت له مدينة النجف الشيعية التي تحصن فيها عناصر جيش المهدي الذي خاض مواجهات عنيفة مع الجيش العراقي والقوات الاميركية لثلاثة اسابيع هدد خلالها وزير الدولة العراقي للشؤون العسكرية قاسم داود كل المدن التي ستقاوم فرض القانون لذات المصير الذي تعرضت له مدينة النجف التي قتل فيها المئات وجرح الالاف وهدمت معظم بيوت المدينة القديمة فيها قبل ان يتدخل المرجع الشيعي السيد علي السيستاني ليشرف على هدنة مازالت قائمة اسفرت عن خروج عناصر جيش المهدي من المدينة واستلام الشرطة العراقية لمسؤولية الامن فيها.
وفي مدينة الصدر ساد هدوء حذر الليلة بعد مواجهات دامية شهدتها المدينة بين قوة مشتركة من الحرس الوطني العراقي والقوات الاميركية اسفرت عن 40 قتيلا واكثر من مئة جريح حسب القوات الاميركية. ويرفض عناصر جيش المهدي في المدينة تفتيش بيوتهم بحثا عن الاسلحة الثقيلة والمتوسطة وهو مااشترطته القوات الاميركية التي تتفاوض مع وجهاء المدينة من اجل وضع حد للمواجهات فيها والشروع باعمارها.
من جانب اخر بث موقع اسلامي على شبكة الانترنت اليوم الثلاثاء بيانا منسوبا الى مجموعة عراقية تهدد تركيا والاردن برد "مؤلم وموجع" اذا لم يغلقا سفارتيهما في العراق حيث يشاركان في نقل المساعدات ومواد التموين الى الاميركيين. وجاء في البيان الذي يحمل توقيع "كتائب الحسين الاسلامية" "إننا نرسل هذا التحذير إلى كل من الحكومة الأردنية والحكومة التركية، ونطالبهما بغلق سفارتيهما في العراق والخروج والإنسحاب من العراق، وذلك بسبب موقفيهما من نقل المساعدات ومواد التموين والعدة والعتاد للقوات الغازية فى بلادنا والذي يشجعها على البقاء أكثر في العراق".
وحذرت هذه المجموعة التي لا تقدم معلومات عن توجهاتها السياسية ولا عن تمثيلها في العراق، بالقول "في حالة عدم الإستجابة فإننا سوف نستخدم طرقنا الخاصة بالرد والردع المؤلم والموجع لهذه الحكومات العميلة التي باعت الدين والضمير من أجل إرضاء الصليبيين ونصرهم على المجاهدين". وقد تعذر التحقق من صحة هذا البيان. ودعت المجموعة من جهة اخرى المرجعية الشيعية في العراق الى "إصدار فتوى تحرض على الجهاد".
وفي الولايات المتحدة الاميركية أفاد احصاء لشبكة التلفزة الاميركية (سي.ان.ان) ان عدد الجنود الاميركيين الذين قتلوا في العراق منذ بدء الحرب بلغ اليوم الثلاثاء عتبة الالف.
وكانت الحصيلة الرسمية لوزارة الدفاع الاميركية حتى الساعة 00،15 ت غ اليوم الثلاثاء ما تزال 990 قتيلا منذ بدء اجتياح العراق في اذار/مارس 2003، لكن هذه الارقام تعكس تأخيرا بالمقارنة مع البيانات التي يصدرها الجيش الاميركي ميدانيا. وقد قتل ثلاثة جنود اميركيين اليوم الثلاثاء في بغداد، كما ذكر الجيش الاميركي. واعرب كل من وزير الدفاع الاميركي دونالد رامسفلد ورئيس هيئة اركان الجيوش ريتشارد مايرز عن اسفهما اليوم لارتفاع عدد القتلى مؤخرا في صفوف الجيش الاميركي في العراق والذي اقترب من عتبة الف قتيل. وقال رامسفلد "يبدو ان الجيش الاميركي سوف يعلن قريبا عن خسارة الف ضحية قتلوا بايدي الارهابيين والمتطرفين". واضاف مايرز من جهته "لقد ارتفع مؤخرا عدد الضحايا في صفوف الجيش الاميركي والقوات العراقية والمجموعات المسلحة". وقال "ان اساليب العدو لزعزعة الاستقرار في العراق باتت اكثر تطورا (..) لقد لاحظنا زيادة عدد العمليات الانتحارية".
التعليقات