مقبرة جماعية في حلبجة
وغارات عنيفة على تلعفر


عبد الرحمن الماجدي من أمستردام: عادت مشاهد العظام تظهر من جديد في العراق وعاد المغدورون يلوحون من تحت التراب بما تبقى من اثر يدل عليهم. وأعاد اكتشاف مقبرة جماعية جديدة في مدينة حلبجة الكردية إلى الواجهة حيث فوجيء عمال أكراد يعملون على فتح طريق في قرى تابعة لحلبجة بعشرات الجثث بملابس كردية بينهم نساء واطفال. وتم إبلاغ وزارة حقوق الانسان العراقية من أجل إجراء التحقيقات الخاصة خلافا لما حصل بعيد الحرب من عمليات نبش عشوائية في مقابر جماعية اكتشفت جنوبا وشمالا. تسببت بضياع الأدلة المطلوبة للتحقيقات في هذا الخصوص.

وأكد مسؤول كردي لوكالة فرانس برس اليوم الخميس اكتشاف مقبرة جماعية في مدينة حلبجة الكردية في شمال العراق تضم جثث عشرات الأكراد من مدينة حلبجة الكردية التي تعرضت للقصف الكيميائي في ثمانينات القرن الماضي من قبل النظام العراقي السابق . وقال أراس عابد رئيس جمعية مناهضة للاسلحة الكيميائية في مدينة السليمانية (330 كلم شمال شرق بغداد) لوكالة الانباء الفرنسية "أثناء قيام وزارة الاشغال التابعة للحكومة الكردية التابعة لحزب الاتحاد الوطني الكردستاني الذي يتزعمه جلال طالباني بمد طريق جديد في منطقة حلبجة، تم اكتشاف مقبرة جماعية قرب قرية ابو عبيدة وجليلة وعنب تضم رفات عشرات من المواطنين الكرد بملابسهم المدنية الكردية من الاطفال والنساء والرجال". واضاف اراس الذي فقد 11 شخصا من افراد أسرته في القصف الكيميائي لمدينة حلبجة عام 1988 "ان هذه المقبرة التي تقع على مشارف مدينة حلبجة تتكون من ثلاث مقابر جماعية وتضم رفات السكان الفارين من عملية قصف حلبجة الذين لجأوا الى هذه المنطقة خوفا من القصف الكيميائي ولكنهم تعرضوا لقصف الطائرات العراقية المقاتلة". واوضح عابد ان "المقبرة اكتشفت أول أمس ولكن لم يتم حتى الآن إخراج جثث الضحايا حيث تم إبلاغ وزير حقوق الإنسان والمهجرين بهدف إرسال لجنة مختصة الى موقع المقبرة الجماعية واجراء التحقيقات بهذا الخصوص".

واكد المسؤول الكردي أن "اكتشاف هذه المقبرة الجديدة يضيف الى جرائم صدام وأركان نظامه جريمة أخرى على جرائمهم الكثيرة بحق المواطنين الأكراد"، مشيرا الى أن "اكتشاف هذه المقبرة الجديدة في هذا الوقت وقبيل محاكمة الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين سوف يساعد المحققين والمحكمة المختصة على توجيه التهم الى أركان هذا النظام المتهمين بارتكاب جرائم حرب وإبادة جماعية".

وشكل الهجوم على مدينة حلبجة (شمال شرق) في 16 اذار/مارس 1988 أضخم هجوم بالغازات السامة على مدنيين في العالم حيث ألقت الطائرات العراقية مجموعة من المواد الكيميائية على المدينة الكردية، ما أدى الى مقتل حوالى خمسة آلاف كردي عراقي معظمهم من النساء والأطفال في بضع دقائق وإصابة عشرة الاف آخرين.

وفي الكويت قال وزير حقوق الانسان العراقي بختيار أمين إنه من الصعب تحديد رقم نهائي للمقابر الجماعية خصوصًا وأن الظروف الأمنية لم تكن ملائمة للاستمرار في عملية اكتشاف هذه المقابر وتحديد هويات الضحايا•

وقال: ''طلبنا مساعدات تقنية من بلدان مختلفة لتدريب عراقيين في هذا المجال والاستعانة بمتخصصين في عمليات الكشف والطب وتحديد هويات الضحايا وفحص الحمض النووي للاستمرار في البحث عن المقابر الجماعية. وأكد انه تم اكتشاف 262 مقبرة جماعية في العراق إلا أنه ولأسباب أمنية لن يعلن عن أماكن هذه المقابر.

وفي مدينة تلعفر غرب الموصل شمالا تجددت الغارات الجوية الأميركية التي تستهدف مسلحين يتمركزون في المدينة حسب الجيش الاميركي. إذ قتل 26 شخصا وجرح أكثر من 60 في أعنف غارات تشهدها تلعفر منذ الحرب العام الماضي. وطوقت قوات الحرس الوطني العراقي المدينة من كل الجهات ولاتسمح لأحد إلا بالمغادرة. ويسعى عدد من وجهاء المدينة لابرام هدنة بين المسلحين والقوات الأميركية والعراقية لكن الجيش الاميركي يشترط مغادرة آخر مسلح من المدينة كشرط لوقف القصف. وقد رفض الجيش الاميركي عرضا من وجهاء المدينة يقضي بوقف القتال للسماح للمسلحين بترك المدينة؛ حيث اشترط الجيش الاستسلام اولا وتسليم مابحوزتهم من سلاح ومن ثم السماح لمن لم يساهم بقتل احد الجنود الاميركيين او عناصر الشرطة او الحرس الوطني العراقي بالمغادرة. وقد وجه الاهالي نداءً لجميع المدن العراقية بالتدخل لوقف القتال الذي طال المدنيين حيث يتحصن المسلحون في الحارات التي تهدمت فيها الكثير من البيوت التي مازالت بعض جثث القتلى والجرحى لم ترفع بسبب صعوبة وصول سيارات الاسعاف اليها بسبب القصف. وأوضح بيان صدر عن القوات الاميركية

ان "القوات المتعددة الجنسيات والقوات النظامية العراقية سبق ان تعرضت خلال الاسابيع الماضية ولمرات متكررة لهجمات في هذه المدينة من قبل عناصر ارهابية". واضاف البيان ان "الهجمات لم تشن ضد القوات المتعددة الجنسيات والقوات النظامية العراقية وحدها بل تعدى ذلك الى السكان المدنيين". واكد ان "هذه العناصر الارهابية استخدمت في هجماتها قذائف مضادة للدبابات ار.بي.جي وقذائف الهاون والاسلحة الرشاشة والعبوات الناسفة". واشار البيان الى ان "محافظ نينوى دريد كشمولة عمل جاهدا مع شيوخ العشائر في المدينة من اجل الخروج بحل سلمي للازمة لكن جهوده باءت بالفشل مما ادى الى اتخاذ قرار بالقيام بعملية لتحرير مدينة تلعفر من هؤلاء الارهابيين". واوضح البيان ان "العملية ستستمر في هذه المدينة الى ان يزول الخطر ويتمكن السكان من العودة الى المدينة وممارسة حياتهم بصورة طبيعية".

وتشهد مدينة تلعفر التي تسكنها غالبية من التركمان و اليزيدية منذ أيام عديدة عمليات مسلحة ضد القوات الاميركية.

في الفلوجة غربا قتل 12 شخصا في غارة ليلية تسببت بهدم ثلاثة منازل وصفتها القوات الاميركية بالدقيقة. وهذه هي الليلة الثالثة على التوالي التي تتعرض فيها المدينة لهجمات جوية. حيث يقاتل مشاة البحرية الاميريكية ضد مسلحين لليوم الثالث على التوالي في البلدة التي تقع غربي بغداد وتعد مركزا للمقاومة ضد القوات الاميركية ويسيطر عليها مقاتلون عرب وعراقيون .

وقال بيان للجيش الامريكي إن القوات المتعددة الجنسيات نفذت "هجوما دقيقا" على موقع يستخدمه مؤيدو أبو مصعب الزرقاوي المتشدد الاردني الذي يقول الامريكيون إنه عضو رئيسي في تنظيم القاعدة. وهو أكثر رجل مطلوب لدى الولايات المتحدة التي تتهمه بأنه مدبر هجمات كبيرة تشمل تفجيرات انتحارية. وقال البيان "كان الهدف مبنى يستخدمه باستمرار ارهابيون." واضاف البيان ان "ثلاثة من أنصار الزرقاوي كانوا موجودين في وقت الهجوم."

وشن الجيش الامريكي عدة هجمات جوية على مباني في الفلوجة قال إنها تابعة للزرقاوي. وفي كل مناسبة قال سكان الفلوجة إن مدنيين قتلوا وان الزرقاوي لم يكن موجودا في المنطقة.

وفي بعقوبة اصيبت ثلاث شابات بجروح ليل الاربعاء الخميس عندما انفجرت عبوة ناسفة زرعت امام منزلهن شمال شرق بعقوبة، حسب ما ذكر مصدر طبي من مستشفى بعقوبة العام.

وقال شاهد عيان ان "الشابات، عائشة محمود (21 عاما) وشقيقتها زينب محمود (12 عاما) وقريبتهما ايات محمد (15 عاما) كن في باحة منزلهن عندما انفجرت العبوة عند حوالي الساعة 30،22 من مساء امس الاربعاء بالتوقيت المحلي (الساعة 30،18 ت غ)". واوضح ان "ايات محمد ارسلت الى مستشفى تخصصي في مدينة بغداد فيما تتلقى الاخريان العلاج في مستشفى بعقوبة العام". ومن جانبها، قالت باكز علي زوجة الاب ان "العائلة كانت قد تلقت قبل 3 اشهر رسالة تهديد من مجهول يهدد العائلة بسبب انتماء ابننا الى قوات الحرس الوطني". واضافت "لكننا لم نأخذ على محمل الجد هذه التهديدات وحصل ما حصل". وتشهد مدينة بعقوبة والمدن السنية المحيطة بها هجمات متكررة على القوات الاميركية وعناصر الشرطة العراقية والحرس الوطني العراقي.

وفي سامراء تمكنت القوات الاميركية اليوم الخميس من دخول المدينة (120 كلم شمال بغداد) التي شهدت معارك بين القوات الاميركية والمجموعات المسلحة للمرة الاولى منذ نحو ثلاثة اشهر كما افاد مراسل وكالة فرانس برس.

وقال طه الهنديرة الرئيس الجديد لمجلس المدينة لوكالة فرانس برس ان "دخول هذه القوات الى المدينة جاء بناءا على اتفاق بين زعماء العشائر ومسؤولي المدينة والقوات الاميركية من جهة ومسؤولي المدينة والجماعات المسلحة من جهة اخرى".

واوضح ان "الهدف من هذه الزيارة هي لفتح الجسر الذي يقسم المدينة الى قسمين والمغلق من قبل القوات الاميركية منذ نحو شهرين بعد وقوع عملية استهدفت نقطة تفتيش على رأس الجسر".
ومن جانبه، اكد قائد شرطة المدينة رعد زلزل ان "مدينة سامراء تشهد حاليا وضعا امنيا هو افضل ما يكون عليه منذ نحو تسعة اشهر".

واضاف ان "القوات الاميركية قررت توكيل مهام حفظ الامن في المدينة الى قوات الشرطة التي سيتم تعزيزها بالاسلحة والمعدات الضرورية لاداء مهامها على اكمل وجه".

يذكر ان زعماء عشائر وضباط سابقون في الجيش العراقي في سامراء كانوا قد طرحوا في 28 اب/اغسطس الماضي على رئيس الوزراء اياد علاوي عشرة شروط لوضع حد لاعمال العنف في هذه المدينة السنية.

وكان طه الهنديره، وهو دبلوماسي سابق ينتمي الى عشيرة البوباز التي تتمتع بنفوذ كبير في مدينة سامراء قد اكد "طرح الوفد في بغداد عشرة شروط للعودة الى الحياة الطبيعية في سامراء" التي تقع على بعد 120 كلم شمال بغداد.

واضاف "نأمل في اعادة فتح جسر اقفله الجيش الاميركي ويقسم المدينة الى قسمين، ووقف الاعتقالات والمصادرات والعفو عن كل المحكومين". وطلب الوفد ايضا عدم دخول الجيش الاميركي الى المدينة ودفع التعويضات للذين تضررت منازلهم بسبب عمليات القصف الاميركي.

وقال "في المقابل نعد بنزع الاسلحة في المدينة" ووضعها تحت سيطرة الشرطة والحرس الوطني في سامراء. واكد الهنديره ايضا ان رئيس الوزراء وافق مبدئيا على الشروط التي طرحها الوفد، لكن كل شيء يتوقف على موافقة الجيش الاميركي.

دبلوماسيا بدأ وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري مباحثات مع الرئيس اليمني علي عبدالله صالح ونظيره الدكتور أبو بكر القربي حول عدد من قضايا التعاون بين البلدين من بينها وضع السفارة العراقية في صنعاء، وذلك في إطار زيارة الى صنعاء تستمر ثلاثة أيام. واستقبل الرئيس علي عبد الله صالح الوزير العراقي بمكتبه، حيث اطلع على التطورات الجارية في العراق وما يجابهه من تحديات في الظروف الراهنة. وعبر الوزير العراقي في هذا اللقاء، وهو الأول الذي تم مع الرئيس اليمني، عن تطلعه في ان يحصل العراق على دعم عربي بهدف بناء العراق وصيانة أمنه ووحدته وسلامة أراضيه. وأكد الرئيس صالح موقف اليمن الداعم للعراق ودعم أي جهود يكون من شأنها إنهاء الاحتلال وتحقيق الأمن والاستقرار على أرض العراق. وشارك في اللقاء نائب الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي ووزير الخارجية أبو بكر القربي ووكيل وزارة الخارجية المساعد خالد الأكوع. وقال زيباري ان زيارته تأتي «في إطار التواصل العراقي مع جميع الدول العربية في ظل المرحلة التي يمر بها العراق الذي يحتاج الى دعم وتفهم وتضامن جميع الدول العربية».

وأضاف الوزير العراقي ان الزيارة تهدف الى بحث جملة من القضايا ذات الاهتمام المشترك والتشاور بهدف تنسيق المواقف قبل الاجتماع العادي لمجلس الجامعة العربية الذي سيعقد في 14 و15 سبتمبر (أيلول) في القاهرة. وقال زيباري ان محادثاته مع المسؤولين اليمنيين "ستشمل كذلك عددا من الموضوعات الأخرى من بينها تسوية أوضاع السفارة العراقية بصنعاء وتعيين سفير جديد» لم يسمه، لكنه أوضح انه «ضمن الوفد المرافق له". ويزور زيباري اليمن في إطار جولة عربية زار خلالها الأردن الاثنين وستقوده أيضا الى السودان ومصر، حيث من المقرر ان يشارك في الاجتماع الوزاري لجامعة الدول العربية.