بهية مارديني من دمشق: تباينت التكهنات بشان صدور قانون الأحزاب السياسية في سورية، إذ رجحت مصادر صدوره قريباً مما سيؤدي إلى تحريك الساحة السياسية في الفترة المقبلة، شككت مصادر أخرى في صدوره أصلاً ، مشيرة إلى انه حتى لو صدر فسيكون سلاحا ضد ممارسة العمل السياسي ولكن هذه المرة بطريقة قانونية، وطالبت بطرح صيغة القانون قبل إقراره لتناقشه كل القوى الفاعلة في سورية.
وفي هذا الصدد قال الكاتب والناشط أكرم البني ل"إيلاف" أن سورية تحتاج إلى قانون أحزاب ينظم العمل السياسي في البلاد ، ولكن القلق موجود من محتوى القانون ، وهل يمكن أن يكون قريبا من قانون المطبوعات على سبيل المثال وبالتالي يتحول إلى سلاح من الممكن ان يستخدم لإنزال العقوبات ضد النشطاء السياسيين.
وأوضح البني أن البعض يرى وجوب خلق مناخات من الحرية قبل وجود قانون الأحزاب بما في ذلك رفع قانون الطوارئ والأحكام العرفية،ولفت إلى قضية تعانيها سورية بشكل خاص وهي انه مع استمرار العمل بقانون الطوارئ لفترة طويلة أصبحت العلاقة بين المواطن والقانون علاقة ضعيفة يحكمها الشك إذا لم نقل انعدام الثقة التامة فالمؤسسات التنفيذية حاضرة دائما للتدخل في أي قانون وعلى حساب القانون وبالتالي هناك شعور ان هذا القانون منتهك باستمرار .
و تساءل البني عن محتوى وصيغة القانون هل هي تكريس للواقع القائم فسيكون أشبه بحدود الهامش الضيق للنشاط المعارض وسلاح جديد بصيغة قانونية لتمييز إطراف المعارضة عن أطراف معارضة أخرى،ام هناك طرح جدي ومستوى انفتاح واقرار بشرعية معارضة في سورية .
وشدد البني انه إذا كان هناك جدية في تنظيم الحياة السياسية عبر قانون الأحزاب فمن الأجدى طرح القانون على جميع القوى السياسية لتشارك في الحوار البناء وإبداء الرأي في صياغته قبل إقراره ، ومن الممكن ان يكون هذا جزء من العقد الاجتماعي لكل المعنيين به دون ان تكون صياغته او اعداده من قبل طرف واحد له موقف ايديولوجي سلبي من موضوع التعددية والتنواع الفكري والسياسي وما الضير من ان يعمم مشروع القانون على الجميع للمشاركة والنقاش وتقديم الملاحظات.واعتبر البني ان هذا الاحتمال ضعيف جدا ولكن طرحه من الضرورة عسى ان يكون سابقة في المشاركة للجميع في صناعة قانون هام.
من جانبه اكد الكاتب السوري مشعل التمو ل"ايلاف" أن من شان إصدار قانون ينظم الحياة السياسية في سوريا , أن يساهم في خلق حالة قانونية تفسح المجال للعمل في الشأن العام , وتدفع باتجاه بناء الفرد الإنسان بما يمثل من قيم وسلوكيات ومنظومات وعي وأراء وطاقة اجتماعية , غُيبت وهمشت بفعل الإقصاء وعقلية الحزب الواحد الامتيازية , والتي أوجدت جيلا هامشيا غير فاعل يبحث عن الامتياز الشخصي بدون أن يقدم خدمة اجتماعية, وبالتالي إصدار قانون للأحزاب يفتح أفقا جديدا لتأسيس وعي مدني جديد يكون ناظمه مصلحة المجتمع وليس الفرد , وطبيعي يصح هذا الكلام فيما إذا كان القانون المزمع إصدار , قانونا حضاريا , تشاركيا , متحررا من ربقة قانون الطوارىء والعقلية الأمنية السائدة , بمعنى أن يشكل القانون فسحة للآراء المقموعة وللطاقات المبعدة عن العمل في الشأن العام .وراى التمو انه من المستحيل إحياء مجتمع غيبه الطوارىء بدون قوننة الحياة العامة , والهادفة لكسر العجز البنيوي الذي وصل إليه المجتمع كحراك اجتماعي وفهم سياسي وحتى كثقافة سياسية باتت بفعل أحاديتها كارثية وتراجعية ليس فقط على المجتمع وإنما على الإنسان والوطن والمستقبل .واوضح انه يمكن أن يكون قانون الأحزاب ، فيما لو صدر ، أن يكون رافعة للعمل الديمقراطي وبالتالي فهو سيساهم في تفتيت الكثير من الأطر الهامشية القائمة التي تحتمي بالطوارىء وبالتبعية للحزب الحاكم لافتا ان هذا الأمر أيضا يرتبط بماهية القانون ومواده , فيما إذا كانت تهدف لخدمة المستقبل السوري وإصلاح الراهن المزمن الإشكالية , وبالتالي سيكون قفزة ايجابية باتجاه الإصلاح السياسي المنشود , أما إذا كان الهدف من إصداره هو شرعنة الجبهة القائمة وتثبيت دستوريتها , فعدم إصداره يبقى أفضل من إصداره , بحكم انه لن يختلف عن قانون المطبوعات " الطوارئي " ؟ .
وتمنى التمو أن يعرض هذا القانون قبل اصداره للنقاش العام , بمعنى أن لا يكون إصداره أيضا وصائيا , فمن حق فئات المجتمع السوري كافة أن تساهم في رؤيتها لقانون يجيز حركتها أو يقيد نشاطها , وهذه الحال غير موجودة حتى تاريخه , إذ يتم الحديث عن قرب إصدار القانون ولا احد من حراك المجتمع السوري السياسي أو الثقافي اطلع على مسودته أو عرف شيئا عن محتواه ، وإنما يطبخ في غرف مغلقة وبعقليات تجاوزها الزمن وبالتالي يتوقع أن يكون قانونا لإجازة ما هو قائم بمعنى شرعنة الامتياز الوصائي بغض النظر عن ما يتطلبه الإصلاح السياسي ومصلحة ومستقبل البلاد.
- آخر تحديث :
التعليقات