نبيل شرف الدين من القاهرة: في محاضرة أمام عدد من الضباط الأميركيين الدارسين في المؤسسة التعليمية التابعة لقيادة العمليات الجوية الخاصة بمدينة هالبرت فيلد بولاية فلوريدا، قال ديفيد شين السفير الأميركي السابق في أثيوبيا، إن التهديد الإرهابي في منطقة القرن الأفريقي حقيقة قائمة منذ أمد بعيد، وأن معدلاته في تزايد مطرد ومستمر، غير أنه استدرك موضحاً أن هناك برامج تطبقها الولايات المتحدة بالفعل لمواجهة التهديد المباشر في المنطقة.
واعتبر الدبلوماسي الأميركي أن "تعاون السودان في مجال مكافحة الإرهاب كان ممتازا كما قالت التقارير التي أشار إليها السفير السابق، موضحاً أن الولايات المتحدة واصلت حثها لحكومة السودان والحركة الشعبية لتحرير السودان، الأمر الذي أيضا تقدما كبيرا نحو إنهاء الحرب الأهلية في السودان.
وكان وزير الخارجية الأميركية كولن باول قد أعلن في أيار (مايو) الماضي أن الولايات المتحدة رفعت اسم السودان من اللائحة السوداء للدول التي يعتقد أنها لا تتعاون بشكل كامل في مكافحة الإرهاب، ورغم ذلك الإجراء، فما زالت هناك عقوبات أميركية مطبقة على السودان، أخطر ما فيها إدراجه على لائحة سوداء باعتباره دولة "ترعى الإرهاب".
وسلط شين الأضواء على التركيز الجديد الذي أولته حكومة بوش للعمل مع حكومات الدول الأفريقية لوقف الإرهاب داخل حدود القارة قبل أن يصبح من الممكن تصديره لبقية مناطق العالم، وقد بذلت وزارة الدفاع الأميركية جهدا خاصا لتوعية ضباطها بالأحوال السياسية والاجتماعية في أفريقيا التي تجاهلها المفكرون في شؤون الدفاع لفترة طويلة.
وأوضح الدبلوماسي الأميركي أن "منطقة القرن الأفريقي كانت بصفة خاصة معرضة لنشوب النزاعات فيها خلال النصف قرن الماضي، والشطر الأكبر من المنطقة يغص بالأسلحة الصغيرة"، وأن النتيجة المترتبة على ذلك هي "شيوع عدم الاستقرار الذي يعيق حكومات المنطقة عن ممارسة السيطرة الكاملة على أراضي دولها ويتيح للإرهابيين فرصة الحصول بسهولة على الأسلحة".
ونقلت نشرة واشنطن الإعلامية عن شين قوله "إن تزايد القلق من الإرهاب في منطقة القرن الأفرقي هو ما أدى إلى تشكيل قوة العمل المشتركة بالقرن الأفريقي المرابطة على مشارف عاصمة جيبوتي منذ تشرين الأول (أكتوبر) 2002، وتتحمل تلك القوة مسؤولية مكافحة الإرهاب في جيبوتي وأثيوبيا وإريتريا والسودان وكينيا والصومال واليمن ومياه البحار المتاخمة لسواحل البحر الأحمر وخليج عدن والمحيط الهندي، والمهمة المنصوص عليها لتلك القوة هي تعقب وتعويق ودحر الإرهاب فيما بين الدول وتعزيز الاستقرار على المدى الطويل في المنطقة"، كما أشار السفير شين إلى أن عدد العسكريين والمدنيين الأميركيين المتواجدين في تلك القوة في أي وقت من الأوقات يتراوح بين 1400 إلى 1600 شخص.
أما على الصعيد الدبلوماسي فقال شين إن مكتب مكافحة الإرهاب بوزارة الخارجية الأميركية بدأ تطبيق برامج إضافية في 2003 تعرف باسم مبادرة مكافحة الإرهاب في شرق أفريقيا، وهذا البرنامج الذي تبلغ نفقاته 100 مليون دولار يتضمن تدريبا عسكريا على أمن السواحل والحدود، وبرامج لتعزيز السيطرة على حركة تنقل البشر والبضائع عبر الحدود، وأمن الطيران، وتقديم المساعدة للبرامج الإقليمية التي تهدف إلى منع تمويل الإرهاب، وتدريب الشرطة، وبرنامج توعية لمواجهة تأثير التوجهات الراديكالية المتطرفة.
ولفت السفير شين الأنظار إلى أن لويس فريه المدير السابق لمكتب المباحث الجنائية الفيدرالية (إف بي آي) قد ذكر في إفادته أمام لجنة التحقيق في أحداث 11 أيلول (سبتمبر) أن جنودا تابعين للقاعدة أشرفوا على تنفيذ وتوجيه الهجمات ضد الجنود الأميركيين في الصومال في 1993 أثناء العملية العسكرية التي عرفت باسم عملية إعادة الأمل، وأن أسامة بن لادن في 1996 تبنى بنفسه وبصورة علنية مسؤولية مساعدة الصوماليين في تلك الهجمات.
وأعرب شين عن اعتقاده بأنه على الرغم من أن الصوماليين ليسوا منجذبين بصفة خاصة إلى الاتجاه الإسلامي المتطرف، فإنه ما زال هناك فراغ سياسي في الصومال يجعله فريسة لأي إرهابي لديه أموال ولديه خطة"، أما عن السودان التي يتردد اسمها كثيرا في الأخبار بسبب النزاع في دارفور، فإنها تمثل حالة خاصة حسبما قال السفير شين "بسبب أن لها تاريخا طويلا في التسامح مع الجماعات الإرهابية ودعمها"، لكن في أعقاب هجمات 11 أيلول(سبتمبر) 2001 - طبقا لما قاله السفير شين - فإن "الخرطوم أدركت أنه من مصلحتها زيادة التعاون مع الولايات المتحدة في مجال مكافحة الإرهاب، وأن ذلك أتاح لحكومة بوش فرصة لدفع وتحقيق تقدم في الحرب على الإرهاب، ونحو إنهاء الحرب الأهلية المستمرة منذ زمن طويل في السودان".
التعليقات